الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفوبيا خوف دون مبرر

الفوبيا خوف دون مبرر
20 ابريل 2008 00:05
تصفحت مع زميل لي صوراً له التقطها خلال رحلته إلى آسيا، كان يمسك بالثعابين كما لو أنها حبال ملونة، ويلفها حول ساعده ورقبته كما لو أنها ربطة عنق· مجرد النظر إلى الصور أرعبني، قلت له: ''أنا أخاف من الفراشة''! وقبل أن أحسده على شجاعته اعترف لي أنه يخاف من ''الغاز'' ويرعبه مجرد وجود أنبوبة غاز في مطبخه، لذا يستخدم فرناً كهربائياً! حالة الخوف الشديد هذه التي تسمى ''الفوبيا'' تكاد لا تعدّ مرضاً في مجتمعاتنا العربية! ولا يمكن لصاحبها تفسيرها بطريقة منطقية، فهي تتشكل إثر تجربةٍ مَّا في الطفولة تترك أثرها العميق في العقل الباطن، وبمرور السنين يسترجع معاناته كلما واجه مثيلها· الغريب في الأمر، أنه يتفق للمصاب بها أن يكون شجاعاً مقداماً في أمور حياته، ويحيا بشكل طبيعي، كما سنجد في سياق هذا التحقيق عن الفوبيا· أنواع عديدة تذكر كتب علم الاجتماع والطب النفسي حالات كثيرة من الفوبيا أي ''الرهاب'': كالخوف من ركوب الطائرة، وركوب السيارة المسرعة، والمرتفعات كصعود الجبال والطوابق العليا، والأماكن المغلقة كالمصعد، والظلام، والبحر، والآليات المتحركة كالدرج الكهربائي وألعاب مدن الملاهي، والكهرباء، والحيوانات والحشرات، والجراثيم، والمناطق المهجورة، والامتحان -سواء خلال الدراسة أو مقابلة العمل- والمرض كخشية السُمنة أورؤية الدم، والفشل، والحسد، والإقدام كخوض تجارب تتطلب المسؤولية أو المغامرة· لا يرعبني سواها يخشى سلطان القبيسي ركوب الطائرة ويروي السبب بقوله: ''إنه يحب السفر كثيراً، ويضطر إلى قيادة سيارته قاطعاً الحدود دون خشية من مخاطرها، لئلا يسافر بالطائرات التي يسمع دائماً عن حوادث سقوطها، ومع أنه لا يخشى شيئاً في الحياة، لكن يرعبه السفر عبرها، دون أن يدرك سبب خوفه ويرفض تلقي أي نصيحة طبية''! بينما عبدالله الشامسي يقول: ''إنه مصاب بفوبيا ''الفشل'' فبعد كل نجاح يحققه في عمله أو مشاريعه الحياتية، يحتار ويقلق خشية أن يصادفه الفشل في مشروع أوعمل جديد، بعد النجاح الذي وصل إليه بجهده''· أليفة وتخيفني! تنتاب روضة المزروعي حالة من النزق كلما صادفت قطة أو كلباً، وتقول: ''إنها خرجت ذات مرة إلى مقهى بحري مع زميلاتها، وصادف مرور قطة أليفة بجانب طاولتهن، فانتابتها حالة رعب وفرّت هاربة لشدة خوفها، فهي لاتنسى كيف خدشت قطة وجهها حين كانت طفلة، لكنها تسخر من فكرة العلاج النفسي لحالتها''! شجاع و·· لكن! أما فيصل الشريف الذي يتميز بتحمّل شتى المسؤوليات، فيقول: ''إنه يشعر بقلق وتردد إبان تفكيره في الإقدام على خطوة الزواج، لما بها من مسؤوليات تتصل بتكوين أسرة، وتصيبه هذه الحالة كلما سمع عن فشل بعض الزيجات''· بينما تقول صباح مدنية: ''إنها تعاني فوبيا الكهرباء وكل ما يتصل بها، فحين تستخدم مجفف الشعر تصيبها حالة فزع من مقابس الكهرباء، ويرجع خوفها هذا إلى سنوات طفولتها الأولى حين مسها التيار الكهربائي''· المشاهير يخافون أيضاً ثمة مشاهير عُرفت لديهم أنواع فوبيا مختلفة، أشهرهم -عربياً- الموسيقار محمد عبدالوهاب الذي كان يعاني فوبيا ركوب الطائرة، أما الفنان عباس النوري، فكشف أن لديه فوبيا ألعاب مدينة الملاهي لذا يخشى ركوبها· وكذلك ذكر الفنان أحمد السقا في حوار معه، أنه عانى كثيراً خلال تصوير فيلمه ''أفريكانو'' لأنه يعاني فوبيا الحشرات· ويعرف عن الفنانة سوزان نجم الدين أنها مصابة بفوبيا الدم، والفنان محمد هنيدي مصاب بفوبيا الأماكن العالية، بينما منى زكي مصابة بفوبيا الأماكن الضيقة، والمذيع طارق علام مصاب بفوبيا البحر، وإلهام شاهين مصابة بفوبيا الحسد! الفوبيا حول العالم على الرغم من أن حالة الفوبيا تنتشر في العالم كله ويسعى المصاب بها للعلاج عبر عيادات الطب النفسي، إلاّ أن الإنسان العربي يأنف ويأبى أن يتعامل معها على أنها مرض يتطلب العلاج، ويفضّل الاستسلام للخوف أو التعامل مع مخاوفه بالتجاهل والصمت، فقد جاء في شبكة العلوم النفسية العربية أن ''الجمعية الفرنسية المغاربية للطب النفسي'' خلال مؤتمرها السادس والعشرين ''الصحة العقلية والنفسية'' الذي أقيم في ليون يومي 16 و17 نوفمبر 2007 لم يقدم الجانب العربي إحصائية تفيد بعدد المصابين بحالات الفوبيا، وكان التركيز على حالات الأمراض العقلية المسجلة في المستشفيات! بينما أشار الجانب الفرنسي وكذلك الأوربي- عبر إحصائيات تقدموا بها- إلى نسب متفاوتة فيما بين الدول الأوروبية عن عدد حالات مرضى الفوبيا، قدّرت في فرنسا بحوالي 3% (أي أقل من نسبة المصابين بالفوبيا في أميركا كما سنلاحظ في إحصائية البروفسور فلويد سالي، في كلية علم النفس- جامعة سينسناتي بولاية أوهايو الأميركية): يقول سالي: ''تعتبر الفوبيا -الرهاب، من الأمراض الشائعة التي ليس لها أعراض مسبقة، بل يصاب المريض برعب شديد فوري مثل (الخوف من الظلام والأماكن المرتفعة والحيوانات) وهناك أنواع منها تتطور لتصبح أمراضاً اجتماعية مثل الرهاب المجتمعي، وتلاحظ إحصائياتنا أن الاضطرابات الرهابية تنتشر في مجتمعنا بشكل واسع، وبحيث يمكن التأكيد على أن ما بين 10-15% من مجمل الأميركيين، من جميع الأعمار والعروق ومن الجنسين مصابون بأنواع منها''· كذلك تشير إحصائيات عام 2006 لجمعية الاضطرابات المسببة للقلق الأميركية للأرقام التالية: إن نسبة (13,3%) أميركي مصابون بحالات الفوبيا، يقابلهم (7,7%) في كندا، و(5,2%) في بريطانيا· وبحسب (cureresearch) فإن النساء أكثر عرضة للفوبيا من الرجال بنسبة تتراوح بين (50-100%) في أميركا وبريطانيا- وعلى الأغلب عالمياً) و(80%) من حالاتها التي عولجت في بريطانيا عام 2005 حدثت لأشخاص تتراوح أعمارهم بين 15 و54 سنة· وفي مجال التمايز بين حالات الفوبيا عربياً وغربياً، من الطريف أن نسوق هذه المعلومة حسب (Thesnowballmag) فهناك حالات فوبيا لا تعرفها المجتمعات الغربية موجودة لدى المجتمعات الأخرى الآسيوية والعربية منها: الخوف من الاختلاط، الخوف من العزلة، الخوف من الجنس· في المقابل هناك حالات فوبيا لا تعرفها المجتمعات العربية موجودة في الغرب منها: الخوف من الفوضى، المقابر، الكحول، الاقياء، الزواج· أعطني هذا العلاج أشارت معظم البحوث التي تناولت الفوبيا على أن الخوف شعور طبيعي لدى الناس، لكنه حين يتضخم باتجاه واحد دون مبرر أو خطر حقيقي يتحول إلى مشكلة تستدعي العلاج النفسي· فهل العلاج ممكن ومتوفر؟! تجيبنا الدكتورة ناديا راشد بوهناد، أستاذة جامعية في علم النفس: ''إن حالة Phobia لا تولد مع الإنسان بل يكتسبها نتيجة مخاوف متعددة، لذا تعتبر ''سلوكاً مكتسباً'' نتيجة تعرضه لموقف ما في طفولته، مثلاً: انقطاع التيار الكهربائي أو انغلاق باب الحمام، يوّلد لديه الخوف من الأماكن الضيقة، وقد يصاب بالفوبيا أشخاص أكبر سناً، كأن يحدث مطب هوائي خلال سفره بالطائرة· أيضاً الإصابة بالمخاوف قد لا تكون نتيجة تجربة شخصية، فبعض الحالات تكون نتاج تجارب لآخرين حدثت لهم يخبرون عنها، فتؤثر في بعض السامعين وتنقل إليهم الخوف، كسماعهم مثلاً قصص حوادث الطائرات· وتتمثل الفوبيا في الخوف الفجائي والضيق والغضب وتسارع ضربات القلب والتعرق والرغبة الملحة في الهروب من الموقف''· تعديل السلوك أشارت الدكتورة ناديا بو هناد: ''يمتلك علم النفس العلاج الناجع للمصابين بحالة الفوبيا على اختلاف أنواعها، وما على المصاب سوى مراجعة عيادات الطب النفسي، ليقدم له الطبيب المختص علاج ''تعديل السلوك'' الذي يعتمد أساساً على علاج مجال التفكير، عبر الاسترخاء والتنفس، وعلاجات تتصل بنقاط عصبية في الوجه مرتبطة بالدماغ، يقوم الطبيب النفسي بإجراء تمارين وجلسات محدودة تزول معها المخاوف ويتخلص منها المصاب''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©