الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رفيقة سليم: حرية المرأة لا تعني الانفلات

رفيقة سليم: حرية المرأة لا تعني الانفلات
24 مايو 2009 02:14
انتقدت الدكتورة رفيقة سليم الخبيرة التربوية والمستشارة التعليمية لمنظمة اليونيسكو في الأمم المتحدة، إسهامات المرأة العربية في التنمية الشاملة في البلدان العربية، ووصفتها بأنها «لا تزال دون الطموح»، وأنها لا توازي مكانة المرأة العربية ودورها كطاقة بشرية مؤثرة وفاعلة في المجتمع، ويفترض ألا يقل دورها في أي مكان، وعلى أي صعيد، عن إسهامات الرجل، وينتظر أن تقفز هذه الاسهامات قفزة نوعية على قدم وساق مع النصف الآخر «الرجل» في ظل ما تتمتع به من حقوق وإمكانات، وفي ضوء المتغيرات السريعة المتلاحقة التي يشهدها العالم من حولنا. وفي حوارها مع «الاتحاد» أكدت الدكتورة رفيقة سليم: «أن وضع المرأة العربية لا يزال في حاجة ماسة إلى تفعيل وتنظيم للجهد المبذول، فالبرغم من التحسن الملموس على صعيد العمل التربوي والتعليمي في معظم الأقطار العربية، وتزايد إقبال الإناث على التعليم حتى فاق الذكور في بعض البلدان، ورغم تقلص الفجوة بين الجنسين في هذا المجال، فإن الإحصاءات لا زالت تشير إلى الحاجة إلى المزيد من الاهتمام والتفعيل، فإننا نجد أن أكثر من 93 في المئة من الإماراتيات، و84 في المئة من الكويتيات، و83 في المئة من القطريات انخرطن في التعليم، نجد أن نسب التحاق الإناث في المناطق الريفية والمناطق النائية يحتاج إلى المزيد من الجهود لاحتواء المتسربات، حيث أن إحصاءات وتقديرات منظمة اليونيسكو تشير إلي أن 97 في المئة من الإناث في المناطق النائية من بين عمر 6-11 سنة سوف يبقين خارج مقاعد الدراسة حتى عام 2025». محو الأمية وتؤكد الدكتورة سليم أن محو الأمية لا يزال يشكل أهم التحديات التي تواجه المرأة العربية في كثير من الأقطار العربية، ومما لاشك فيه أن أمية المرأة تعني مزيداً من القيود والمعوقات التنموية، وتعنى عدم القدرة على مواكبة متغيرات العصر وتطوره، وتعني قصوراً في الإسهام في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والاهتمام بالصحة الإنجابية، وتدني مستوى الطموح والنظرة إلى الحياة ودرجة الوعي والثقة بالنفس، والقدرة على تحسين الأوضاع المادية للأسرة، مما ينعكس على الوضع الاجتماعي لهذه الأسر، إلى جانب المشكلة الأهم التي ترتبط بتغير الاتجاهات والعادات والتقاليد والأعراف السائدة التي تعطل وتقيد إسهامات المرأة العربية في الحياة بشكل عام، في الوقت الذي نتطلع فيه إلى تنمية مشاركتها في الحياة السياسية. وهذه الاتجاهات والعادات تقسم الأدوار بين الرجل والمرأة تقسيماً صارماً وغير عادل، وتحصر المرأة في دورها كزوجة وأم فقط، وهذه النظرة تكرس في جميع مراحل النمو للطفل، وتغرس قيم التفرقة والدونية بين الذكور والإناث منذ الصغر». وتشير الدكتورة سليم إلى خطورة الاتجاهات السلبية نحو الأنثى في بعض المجتمعات التي لا زالت تحكمها القيم والثقافات البالية منذ المراحل المبكرة من عمر الطفل بداية من اختيار ألعاب الطفل، وإفساح المجال للطفل الذكر في أن ينطلق بألعابه وممارساته في الوقت الذي تفرض فيه قيود صارمة على البنات، فضلاً عن التربية الجنسية الخاطئة والتي تغذيها وسائل الإعلام، فتنشأ الأنثى جاهلة بحقوقها، ومهمشة اجتماعياً إلى حد كبير، ومن ثم - وبكل أسف - تمتد هذه النظرة إلى كثير من التشريعات القانونية لكي تنحاز إلى الرجل، رغم أن هناك جهوداً كبيرة بذلت في أكثر من قطر عربي لإعادة النظر في مثل هذه القوانين والتشريعات التي تغبن المرأة، وإن كان لا يزال فهناك قصور في هذا المجال، نتطلع إلى تصحيحه قريباً، ومن ثم نتطلع إلى تعديل وتطوير المناهج الدراسية لتعزز الاتجاهات الصحيحة البناء على هذا الصعيد. المسؤولية المشتركة تحمل الدكتورة سليم المرأة العربية جزءاً من المسؤولية، وتقول: «إنها مسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة معاً، وتتحمل المرأة جزءاً كبيراً من تراجع دورها ومكانتها، فهناك كثير من النساء حصلن على أرفع الدرجات العلمية، ووصلن إلى مراكز قيادية واجتماعية راقية، إلا أنهن يعانين من الشعور بالدونية، وهذا الشعور إفراز لعوامل تاريخية واجتماعية قديمة وطويلة ومتأصلة في الثقافة العربية بشكل عام، وبالطبع فإن التعميم مرفوض، لأننا في المقابل نجد كثيراً من النماذج النسائية الرائعة اللاتي يمتلكن مواقف واتجاهات جيدة جداً وإيجابية ومشجعة، ويحملن أفكاراً رائعة ومتوازنة، وهن قادرات على تحمل مسؤولياتهن في أدوارهم الريادية في المجتمع، والإسهام الفاعل والمؤثر في دفع مسيرة التقدم والتطور والتنمية بقوة وفاعلية». أما عن تفسيرها وتعاطيها مع مفهوم حرية المرأة ومساواتها بالرجل، فتقول: «إن حرية المرأة، والرجل أيضاً، لا يجب أن تفهم بمعناها المطلق «الفضفاض»، فالحرية لا معنى لها دون أن ترتبط بشكل وثيق بالمسؤولية، فهي الحرية المسؤولة والملتزمة، وعلى المرأة أن تعي أن حريتها لا تنفصل عن وعيها بدورها ومكانتها ومسؤوليتها الاجتماعية والأخلاقية، وإلمامها بحقوقها وواجباتها وإمكاناتها والظروف المجتمعية التي تحيط بها، وبقدرتها على التفاعل مع ثقافة وطبيعة هذا المجتمع باتزان وفهم ووعي، فهي حرة عندما تختار نوعية تعليمها، ودراستها، وزوجها على سبيل المثال، فالحرية لا تعني التسيب والانفلات أو الانحلالية، وهذه مفاهيم قد يتعاطاها البعض بجهل، أو تقليد، أو لامسؤولية، ولعل المجتمعات التي تعاطت مع الحرية وفق هذه النظرة تدفع الثمن غالياً الآن من تفسخ وتفكك وانحدار». صورة المرأة وحول المسؤول عن تشويه صورة المرأة العربية المسلمة، فتقول الدكتور سليم: «هناك كثيرون يفسرون ويجتهدون في الدين دون علم وتفقه وفهم صحيح، فالإسلام هو أول من حقق للمرأة كرامتها وإنسانيتها. هذا إلى جانب الدور السلبي للإعلام وأجهزته المختلفة والتي هي جزء من أدوات وثقافة مجتمعاتنا العربية، وتصوير المرأة على أنها وسيلة للمتعة فقط واستغلالها في الأغراض التجارية والتسويقية والإعلانية الرخيصة، وتكريس السيادة للذكور والتبعية اللاإنسانية للمرأة، وهناك كثير من التشريعات القانونية في قوانينا المدنية بحاجة ضرورية إلى مراجعة واستناد إلى فهم صحيح للدين دون تحيز لجنس معين، وعلى الفقهاء والمشرعين مراجعة نصوص الآيات القرآنية الكريمة وإعادة النظر في الأحكام والنصوص التشريعية المعمول بها الآن. وأطالب وسائل الإعلام الابتعاد عن صور التهميش والتسطيح وأغراض الدعاية الرخيصة المبتذلة التي يستخدمون فيها الصور المشوهة عن المرأة واستغلال جسدها للترويج الدرامي أو الإعلاني المبتذل، فدور الإعلام دور تربوي وتثقيفي تعليمي في الأساس ولا يجب أن ينحدر إلى وضع نراه فيه أداة ووسيلة ضد القيم والمفاهيم والاتجاهات الايجابية والثوابت الإنسانية والاجتماعية ومنفذاً لسياسة تشويه وتغييب مقصودة وغريبة عن ثقافتنا وحضارتنا الإسلامية والعربية». تعليم الإناث أما عن تعليم الإناث في العالم العربي، واهتمامها بهذه القضية، تقول الدكتورة رفيقة سليم: «إنها قضية من أولى اهتماماتي العملية والمهنية، ولقد أصدرت مؤلفاً خاصاً يتناول تقديم صورة شاملة قدر الإمكان عن نصيب الإناث من التعليم في الدول العربية في كافة مراحل التعليم وأشكاله وأنواعه بما في ذلك رعاية الطفولة المبكرة ومحو الأمية وتعليم الكبار والتعليم غير النظامي ونصيب النساء من فروع التخصص في التعليم الثانوي والعالي، والاهتمام بالعوامل التي تعوق تعليم الإناث، وانعكاس ذلك على جوانب حياتهن، وعلي مدي مشاركتهن في النشاط الاقتصادي والسياسي في مواقع اتخاذ القرار، مع اقتراح استراتيجيات وتدابير وإجراءات من شأنها النهوض بهذا التعليم. كما أركز على أهمية التعليم عامة وتعليم الإناث خاصة، والإنجازات التي حققتها الدول العربية في هذا المجال في مختلف مراحل التعليم وأنواعه، والمشكلات التي تواجهها الدول العربية في توفير التعليم للإناث في مختلف مراحل التعليم وأنواعه، وتقديم بعض النماذج من التجارب الناجحة العربية والدولية التي يمكن الاستفادة منها، والعوامل التي تعوق تعليم الإناث، والآثار التي تنجم عن الاختلالات الملاحظة في تعليم الإناث، والاستراتيجيات والإجراءات والتدابير التي يمكن اقتراحها للتغلب على معوقات تعليم الإناث. واعتمدت في ذلك على أحدث الإحصاءات والتقارير التي أصدرتها منظمة اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبعض وزارات التربية والتعليم العربية، بالإضافة إلى الكثير من الوثائق والدراسات الأخرى.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©