الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل يكبّل الواقع الطموح؟

هل يكبّل الواقع الطموح؟
26 فبراير 2014 21:17
أثار قرار إدارة المعارض في غرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة تأجيل إطلاق فعاليات معرض كتابها السنوي في دورته الثامنة 2014، ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض لهذا القرار، في أوساط المثقفين والمتابعين لهذا الحدث الثقافي، الذي يكاد يكون الوحيد، وربما اليتيم على صعيد الاحتفاء بالكتاب، والتواصل معه بآخر إصداراته في إمارة رأس الخيمة. مما لا شك فيه، أن معرض الكتاب الذي تحتفي به دول العالم وتحرص على إقامته سنوياً، يعتبر تظاهرة ثقافية واقتصادية في آن معاً، تستقطب كافة المستويات الفكرية والطبقات الاجتماعية، فتشكل في جوهرها منصة للالتقاء والتبادل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، تعكس مدى تقدم وتطور المجتمعات والشعوب، وهو عامل أساسي في بناء شخصية الإنسان بكل فئاته، وعامل مهم في رفد الثقافة والتنمية المعرفية لأي مجتمع يريد الانفتاح والتفاعل ويسعى للتنمية الشاملة. ولكن هل تعتبر إقامة معرض للكتاب بشكل سنوي مؤشراً كافياً على صحة أبعاده الحضارية والفكرية، أم يحتاج لمعايير أخرى تؤكد نجاحه وتحقق أهدافه؟ إدارة المعارض في غرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة، رأت أن استمرار معرض الكتاب بوضعه الحالي، غير مجد ويحتاج لإعادة نظر، وتأمل في بعده التنظيمي من حيث سعة المكان، ونسبة المشاركة، التي تضررت كثيراً بسبب الأحداث العربية التي تشهدها المنطقة، على أمل العودة مجدداً مع الحدث الثقافي، ولكن بطريقة جديدة تواكب التطور والنشاط الذي تشهده دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة الشارقة التي حققت نجاحاً منقطع النظير، على صعيد نوعية الكتاب، ونسبة المشاركة ومستوى الحضور عربياً ودولياً. هذا ما عبرت عنه فاطمة الشرهان رئيسة اللجنة المنظمة لفعاليات المعرض، التي قالت: إن قرار التأجيل، اتخذ بدوافع تنظيمية ولوجستية، بغية إعادة النظر بواقع المعرض، وإدخال تغييرات جديدة، وإفساح المجال أمام الدول العربية للمشاركة في فعالياته الجديدة في عام 2015. عوامل القرار ولكن هل يحق للجهة المنظمة أن تتخذ قرارها بشكل فردي، دون دراسة لعوامل نجاح أو فشل المعرض؟ ودون قراءة لأمزجة مثقفيها ومفكريها؟ يبدو من رد فعل أحمد العسم رئيس الهيئة الادارية لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات ـ رأس الخيمة على قرار التأجيل، الذي انتقده ووصفه بأنه اتخذ بعقلية التاجر والمقاول، وليس بعقلية المثقف والمبدع، يبدو أنه لا يوجد أي تنسيق أو تشاور بخصوص تأجيل إطلاق فعاليات المعرض. وقال بهذا الخصوص: القرار اتخذ بشكل منفرد دون مشاركة أعضاء الاتحاد في القرار، وسيؤثر هذا الامر على الحركة الثقافية والفكرية في رأس الخيمة، خاصة أن الحضور تعود على حضور فعاليات المعرض بكل أنشطته بشكل سنوي، في مثل هذا الوقت من العام. ومما يشير إلى مكانة المعرض ومستواه الفكري والثقافي، قدرته على اجتذاب قدر أكبر من دور النشر المحلية منها والعربية والدولية، وحجم إقبال مجتمع الدولة على الشراء والقراءة، ولا سيما النوعية والعلمية منها على وجه الخصوص، إذ قد يكون المعرض لدى بعض الشرائح، فرصة للترويح واستهلاك الكتب المسلية، ناهيك عن أهمية الفعاليات الثقافية المشاركة للمعرض، التي تتيح التبادل الفكري والتعارف الثقافي، وكل هذه العوامل مجتمعة لا يستطيع المرء الوقوف على حيثياتها إن لم يكن هناك استقراء لأمزجة الناس، واستطلاع لآرائهم التي تحرص عليها دول العالم، لضمان استمرارية نجاح معارضها، وحجز مكانها على الصعيد العربي أو الدولي. ردود الفعل كيف هي أمزجة المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي في رأس الخيمة عن معرض كتابهم السنوي؟ القائمون على المشهد الثقافي في رأس الخيمة، من باحثين وكتاب ومهتمين، تقاربت وجهات نظرهم من نواح عديدة حول إيجابية قرار التأجيل إن كان بغاية إعادة النظر بنوعية الكتب المشاركة، والتي عبر عنها د. عبدالله الطابور الباحث والكاتب المعروف من رأس الخيمة بالقول: إنها لا تناسب المستوى الثقافي في رأس الخيمة، ولا ترتقي لحاجاته المتطورة والعطشى لمستوى الكتاب الجاد والهادف، الذي يناسب الباحث والمهتم بآخر الاصدارات وأحدثها على صعيد الفكر. ورأى في هذا السياق أن معرض الكتاب بمستواه الحالي، “هو انعكاس للمشهد الثقافي في رأس الخيمة الذي يعاني إهمالًا وتراخياً، لا يلائم تاريخ الإمارة الحافل بالإنجازات والعطاءات الثقافية والفكرية، وحمّل مثقفي رأس الخيمة مسؤولية هذا التردي، الناتج عن عزوف مثقفيها عن المشاركة في القرار، والفعل الذي تحتاجه إمارة رأس الخيمة. ورأى الطابور أن إعادة معرض الكتاب في رأس الخيمة، يستلزمه تشكيل لجنة عليا من مثقفي الإمارة، تتولى الإشراف والتنظيم، ونسج العلاقات مع دور النشر والكتاب، لأنها نقطة هامة وأساسية لنجاح أي معرض، يقام للكتاب سنوياً. أهمية التعاون أهمية إنشاء لجنة عليا من مثقفي الإمارة، تتعاون مع إدارة المعارض في إنشاء هذا الحدث الثقافي، والعمل على تطويره، أيّده أغلب مثقفي رأس الخيمة، فالدكتور علي فارس رئيس مركز الدراسات والوثائق في المتحف الوطني لرأس الخيمة رأى ان تأجيل المعرض جيد، ولعلها مناسبة مفيدة، لإعادة النظر بواقعه الراهن، الذي يحتاج لجهود تتعدى جهود إقامته، ونأمل حقاً بمرجعية ثقافية تتولى تنظيم المعرض، وتحرص على جمع كل فعاليات رأس الخيمة الثقافية تحت جناحه. أما وليد الشحي، مخرج وعضو مؤسس في (فيلا سينما)، فعبر عن رأيه بقرار التأجيل بالقول: أنا أستغرب أصلاً إقامة مثل هذا المعرض، لأنه بلا فائدة، ومحدود جداً بإمكانياته، وحجم مشاركاته، التي لا ترقى حقيقة لتطلعاتنا إلى مستوى الكتاب الذي نحتاجه ونتمناه. ووصف المعرض بأنه مجرد تجمع هزيل لكتب أغلبها دينية وتجارية استهلاكية مملة، لا تناسب المستوى الذي نطمح إليه، ونتمنى أن نشهد معرضاً للكتاب يرقى لمستوى الكتاب في الشارقة، الذي أحرص سنوياً على حضوره، ومتابعة فعالياته المرافقة والتي لا تقل أهمية عن دور النشر المشاركة. لكن ناصر اليعقوبي مخرج وعضو (فيلا سينما) أيضاً، رأى أن إلغاء هذا المعرض يكون أفضل لنا، لأنه يسيء إلينا أكثر مما يفيد، وهو دون المستوى المطلوب، ويفتقد أبسط المكونات من الناحية التنظيمية، ومن ناحية المشاركة مستدركاً بالقول: إن المشاركات الثقافية المرافقة له لا تحمل أي تجديد، وتخلو تماماً من عنصر التجديد والتفاعل مع الآخرين في بقية الإمارات والمناطق العربية، وهذا هو الهدف الأساسي لإقامة أي فعاليات ثقافية مرافقة لمعرض الكتاب، فهي ظاهرة ثقافية تبادلية للآراء والثقافات ونافذة لتوسيعها عن إطارها المحلي الضيق، وتوسيع مداركها وآفاقها. آراء القراء هذا على صعيد المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي، والحريصين على الارتقاء به الى المستوى الحضاري الذي كانت تتمتع به إمارة راس الخيمة عبر تاريخها الطويل مع الفنون الإنسانية بأنواعها، فماذا يقول بعض أهالي رأس الخيمة عن المعرض، وعن فعالياته، وعن أهمية استمراره بوضعه الحالي، أو تأجيله بغاية إعادة النظر بواقعه بهدف الارتقاء به؟ عواطف راشد اسدو مواطنة من رأس الخيمة أوضحت أنها لم تكن حريصة جداً على زيارة المعرض بعد زيارتها الأولى، لأنها لم تجد فيه الكثير من المتعة على صعيد نوعية الكتب التي تهواها، وتتعلق بها مثل الكتب السياسية، ودواوين الشعر التي تتقصد شراءها من معرض الشارقة، وأحياناً من مصر وإن كانت تجد فيه بفعالياته الثقافية المرافقة، فرصة للقاء الكتاب والشعراء، الذين قلما تتيح الفرصة للاختلاط بهم، وتبادل الحديث معهم. أما عائشة سالم الحبسي فوجدت في المعرض مكاناً مناسباً لشراء كتب الأطفال والاطلاع على آخر الإصدارات بهذا الشأن، لأنها مهمة لأطفالها كي يبقوا على تواصل مع الكتاب والروايات. إذن، كيف يمكن تحسين واقع الكتاب في رأس الخيمة؟ تتوق إمارة رأس الخيمة بمواطنيها ومثقفيها، بشوق وعزيمة للنهوض بواقع إمارتهم، ثقافياً وفكرياً، ويتطلعون لأي قرار جاد بهذا الخصوص بعين الحرص والاهتمام، ويتمنون أن يعود معرض رأس الخيمة للكتاب بحلة جديدة مدروسة، وأن تشارك فيه كل فعاليات الإمارة الثقافية والفكرية، مع التجارية تحت سقف هيئة ثقافية عليا، تجمع جهود أبنائها بفكرهم ومالهم وصولاً إلى الغاية المرجوة والنهائية، وهي عودة رأس الخيمة لسابق عهدها، منارة للفكر والعلوم خاصة أن رأس الخيمة تتمتع بكل المزايا التاريخية، والثقافية، والاقتصادية التي تؤهلها للقيام بذلك. فهل يكون لأبنائها ما يريدون؟ إن الغد لناظره قريب..
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©