السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عيون القلب

29 مارس 2010 22:07
من أغاني الزمن الماضي الجميلة رائعة نجاة الصغيرة «عيون القلب»، عيون القلب ساهرة لا هي صاحية ولا نائمة تتقلب على جمر الحب ؟ لكل إنسان حبيبتان، وهاتان الحبيبتان نافذتا القلب على العالم وأيُّ نافذتين هما! العالم اليوم بكل تقدمه التكنولوجي لم يصل إلى حقيقة هاتين «الكاميرتين» الساحرتين.. إنهما العينان. للعينين لُغة سحرية خاصة، وهما مرآة القلب والنفس، فكم من قلوبٍ أُسرت بنظرة عين، وكم من رسائل سرية أُرسلت ولم يكتشفها أحد، وكم من أسرار اكتُشفت من العينين.. بهما تقتحم الحصون، ومنهما تستمد القوة والعزيمة، وبهما يسقط الحاجز تلو الحاجز أحيطتا بسورين منيعين يغلقان بمجرد شعورهما بالخطر. غمزة تردي أشجع الرجال، نظرة حنانٍ تجذب أجمل النساء ، وأخرى تذيب دهوراً من جفاء، فتجعل البعيد قريباً. فصل العرب في العين كثيرا فسموا كل شاردة وواردة منها، فالإشارة بمؤخر العين الواحدة: نهي عن الأمر، وتفتيرها: إعلامٌ بالقبول، وإدامة نظرِها: دليلٌ على التوجُّع والأسف، وكسر نظرها: آية الفرح، والإشارة إلى إطباقها، دليل على التهديد، وقلب الحدقة إلى جهة ما تم صرفها بسرعة: تنبيه إلى مُشار إليه، والإشارة الخفية بمؤخر العين كلتيهما: سؤالٌ، وقلب الحدقة من وسط العين إلى المُؤقِ بسرعة: شاهد المنْعِ، وترعيد الحدقتين من وسط العينين، نهي عام، وسائر ذلك لا يدرك إلا بالمشاهدة. والعين تنوب عن الرسل، ويدرك بها المراد والحواس الأربع (الذوق، واللمس، والسمع، والشم) أبواب إلى القلب ومنافذ نحو النفس، والعين أبلغُها وأصحها دلالة وأوعاها عملاً، وهي رائد النفس الصادق، ودليلها الهادي، ومرآتها المجلوّة التي بها تقف على الحقائق، وتمُيّز الصفات، وتفهم المحسوسات وقد قيل «ليس المخبر كالمعاين». - من فضل العين أن جوهرها أرفع الجواهر وأعلاها مكاناً، لأنها نوريّة لا تُدرك الألوان بسواها ولا شيء أبعد مرمى ولا أنأى غاية منها، لأنها تدرك بها أجرام الكواكب التي في الأفلاك البعيدة وترى بها السماء على شدة ارتفاعها وبعدها، وليس ذلك إلا لاتصالها في طبع خلقتها بهذه المرآة، فهي تدركها وتصل إليها بالطفر (القفز) لا على قطع الأماكن والحلول في المواضع وتنقل الحركات. وليس هذا الشيء من الحواس مثل الذوق واللمس، اللذين لا يدركان إلا بالمجاورة، والسمع والشم لا يدركان إلا من قريب، ويكفي العين فضلاً عليك أنك ترى المصّوت «القائل» قبل سماع الصوت. إذا نظر الإنسان إلى الشيء، بمجامع عينيه قيل رمَقَهُ، فإن نظر إليه من جانب أذنه قيل (لَـحَظَهُ) فإن نظر إليه بعجلة (لَـمَحَهُ)، فإن أعاره لحظ العداوة (أبدى له العداوة) نظر إليه (شَزْراً)، فإن نظر إليه نظرة المحبة قيل: له نظر إليه نظرة ذات عَلَق، فإن نظر إليه نظرة المتثبت (قيل: (توضّحه، تأمّله)، إذا فتح كامل عينيه يقال: حدّق، فإن لألأهما قيل بَرقَ، فإذا انقلب حملاق عينيه قيل «حَمَلَق» فإن غاب سواد عينيه وظهر الفزع: قيل برق بصره، فإذا انفتحت عينه من الحيرة قيل: شَخَصَ بصره، فإن نظر إلى الهلال، يتفحصه: قيل: تَبَصَّرَهُ. ولا بكاء بلا عينين، فالعينان تتصلان بالنفس وبالقلب وبالدماغ، وعندما يتهيأ الرجل للبكاء يقال: أَجْهَشَ، وإذا امتلأت عيناه بالدموع، يقال اغرورقت عيناه، فإذا كادت تسيل ترقرقت، فإذا سالت، قيل دمعت وهمعت، فإذا زاد همت وذرفت، فإن سُمِعَ لبكائه صوت: قيل: نحب ونشج، فإذا صاح مع بكائه: أَعْوَلَ من العويل. إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©