الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

تتبع العورات على «التواصل الاجـتماعي».. جاهلية ونفاق

تتبع العورات على «التواصل الاجـتماعي».. جاهلية ونفاق
24 مارس 2017 14:59
أحمد مراد (القاهرة) دعا الإسلام الحنيف إلى فضيلة الستر على المسلم، وعدم فضحه بأي وجه من الوجوه، وجاء العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تطالب المسلم بأن يكتم سر أخيه ولا ينشره، وهو الأمر الذي لا يرعاه الكثيرون، حيث يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي لنشر عيوب وأخطاء الآخرين، وهو ما يتنافى مع دعوة الإسلام للستر على المسلم وعدم تتبع عوراته. من علامات النفاق الشيخ شوقي عبداللطيف، وكيل أول وزارة الأوقاف المصرية السابق، أوضح أن الله عز وجل ستير يحب الستر والصون على عباده، فهو سبحانه لا يحب القبائح والرذائل، وفي الوقت ذاته ساتر للعيوب والفضائح، يحب الحياء والتستر من العبد، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن يوم القيامة: «إن الله يدني المؤمن، فيضع عليه كنفه ويستره، فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم، أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك قال: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته». وأشار إلى أن العلماء أجمعوا على أن من اطلع على عيب أو ذنب أو فجور لمؤمن، ممن لم يُعرف بالشر والأذى ولم يشتهر بفساد الأخلاق، ولم يكن داعياً إليه، كأن يشرب خمراً أو يزني أو يفجر متخوفاً متخفياً غير متهتك ولا مجاهر، فإنه يجب عليه أن يستره، ولا يكشفه للعامة أو الخاصة، ولا للحاكم أو غيره، كما قال صلى الله عليه وسلم: «من علم من أخيه سيئة فسترها عليه، ستر الله عليه يوم القيامة»، وخصوصاً إذا كان ممن ينسب لأهل الدين، لأن الطعن فيه طعن في الإسلام، والعيب عليه عيب في أهل الإسلام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود». وتابع: إن تتبع عورات المسلمين علامة من علامات النفاق، ودليل على أن الإيمان لم يستقر في قلب ذلك الإنسان الذي همه أن ينقب عن مساوئ الناس ليعلنها بين الملأ، لأن الأصل في المسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، لافتاً إلى أن الاشتغال بعيوب الناس سبب في فضح عيوب المشتغل، والسكوت عن عيوب الناس سبب في ستر الله للعبد، وكما يقال من نظر لعيوب نفسه شغلته عن عيوب الناس، قال صلى الله عليه وسلم: «يبصر أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجذع في عينه»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة»، وأيضاً قال: «من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة». الأخلاق الكريمة من جهته، قال الشيخ عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً، إن رسول الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم كان دائم الحث على الأخلاق الكريمة، والنهي على الرذيلة وتتبع عورات الناس، فهو القائل: «من رأى عورة فسترها، كان كمن أحيا موءودة من قبرها»، ويقول الله عز وجل في كتابه الكريم: «لا يحب الله الجهر بالسوء من القول»، فكل ما كان سيئاً من القول أو الفعل لا يحبه الله عز وجل لأن هذا فيه نشر للرذيلة بين العباد، فإذا أذنب شخص ذنباً أو ارتكب كبيرة، فباب التوبة مفتوح للعبد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها». وأضاف : يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عثرات أخيه المسلم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله»، وقال: «من ستر عورة أخيه المسلم، ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم، كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته»، وكما قال بعض العلماء: «اجتهد أن تستر العصاة، فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام، وأولى الأمور ستر العيوب، وقال الفضيل بن عياض: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير. وأشار إلى أن عدم الستر على العاصي قد يدفعه لمزيد من المعصية، الأمر الذي يستوجب أن يستر المرء على نفسه قبل أن يستر عليه غيره، لأن من أبغض المخالفات لهذا الستر فضح الإنسان نفسه، كما قال صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي معافى إلا المجاهرون، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه». سمات الأنبياء والصالحين وأشار الدكتور حسين عبدالمطلب، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، إلى قول الله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ)، «سورة الأعراف: الآية 26»، فالله سبحانه خلق الإنسان وكرمه، وأسجد له ملائكته ونعمّه وأحسن تصويره ورزقه، وأمره بستر عرضه وبدنه، وهيأ له ما يستر به عورته ويواري به سوءته، فالستر من نعم الله تعالى التي امتن بها على الإنسان، وبه تميز عن الحيوان، وبه يشرف قدره، وتعلو منزلته، وهو صفة من صفاته سبحانه وتعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل حيي ستير، يحب الحياء والستر».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©