الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

قصر الحصن.. دور سياسي بارز واحتفاء بالرحالة والمقيمين

قصر الحصن.. دور سياسي بارز واحتفاء بالرحالة والمقيمين
26 فبراير 2014 01:14
جهاد هديب (أبوظبي)- أقيمت في «المجلس» بباحة قصر الحصن، مساء أمس الأول، ندوة بعنوان: «قصر الحصن.. ضيوف على مرّ التاريخ» شارك فيها: الدكتور زكي نسيبة والدكتورة فراوكه هيرد – باي وأدارتها ريم المنصوري، وذلك في إطار فعاليات مهرجان قصر الحصن لدورته الثانية التي تختتم فعالياتها السبت المقبل. تناولت الندوة في أغلب مطارحها الرحّالة الأجانب، وما تمّ تداوله عن قصر الحصن منذ نشأته تحديداً، وأبوظبي على وجه العموم، بتركيز على الدور الاجتماعي الذي لعبه القصر، بوصفه مقر الحكم، ومركز القرار السياسي والعسكري، في حياة الناس وزائري المكان. وأشار الدكتور زكي نسيبة، إلى أن أحد الأسباب التي كانت كامنة وراء اهتمام الغرب بالخليج عموماً هي تجارة اللؤلؤ، حيث كانت المنطقة مصدراً أساسياً لملوك وقصور أوروبا، وذلك بالإضافة إلى الموقع الجغرافي الحساس بقيمته الاستراتيجية التجارية إلى جوار شبكة طرق القوافل البرية الداخلية، مؤكداً أن جملة هذه الأسباب كانت وراء قدوم موجات من الغزاة بدءاً من البرتغاليين والهولنديين والإنجليز، وسواهم من الأمم ذات المطامع التجارية الصرفة. وأوضح نسيبة أن اهتمام الغرب الأكيد بدأ مع توقيع اتفاقية العام 1820 التي كانت بمثابة اعتراف من الاستعمار الانجليزي بوجود مؤسسة سياسية قائمة في أبوظبي، وتمتلك شرعية تمثيل الإمارة، وذلك بعد عدد من الزيارات لعسكريين ورحالة إنجليز جاؤوا إلى أبوظبي، ورفعوا تقارير لحكومة بومبي الانجليزية في الهند، ونمّت عن اهتمام ناشئ بالجزيرة خصوصا بعد اكتشاف بئر الماء فيها الذي كان نواة سكنت حولها العديد من العائلات، ثم أصبحت أبوظبي نقطة جذب مع بناء البرج، ثم القلعة وتالياً جسر المقطع الذي لعب دوراً مركزياً في صد الغزوات وحماية الجزيرة منها، ما جعلها أكثر أمناً بالنسبة لأهلها وللقادمين إليها من ياس وليوا. في هذا السياق تطرق نسيبة إلى صموئيل هانيل وإلى ما كتبه في سجلات حكومته الذي أشار إلى أن أبوظبي بدأت قرية صيادين من عشرين بيتا اتسعت خلال فترة قصيرة ليصبح تعداد بيوتها 400 بيت. كما أشار نسيبة إلى أن الانتعاش الاقتصادي الذي شهدته أبوظبي خلال القرن التاسع عشر، حيث أصبحت أكبر السواحل المطلة على الخليج العربي صيداً للؤلؤ، وإسهاماً في تجارته الذي تزامن مع تطور القدرات العسكرية لأبوظبي، وهو الأمر الذي استمر حتى بداية عمليات التنقيب عن النفط.. وهذا الانتعاش قد أسهم بدوره في زيادة عدد الرحالة الذين زاروا أبوظبي، بالإضافة إلى ما كانوا يجدونه من ترحاب واهتمام من حكام القصر وأهل أبوظبي. الرحالة أما ما أسست له الدكتورة فراوكه هيرد – باي في مداخلتها، فكان منطلقه فكرة تتحدد أن القصر قد أمّه الكثير من الزوار، ولم يكونوا ضيوفاً، وكان حضورهم طبيعياً جداً في مجلس الشيخ زايد الأول الذي كان ممتلئاً بالناس، سواء لحاجة أم من دون حاجة، إذ إنه كان يناقش كل صغيرة وكبيرة، ويولي الزوار اهتمامه الخاص فيكرم وفادتهم، وهو ما أشار إليه العديد من الرحالة والزوار الذين خصهم الشيخ زايد الأول ببيت خاص بضيافتهم هو بيت العريش هم الذين كان البعض منهم مصورين فوتوغرافيين زاروا أبوظبي، والتقطوا فيها العديد من الصور ثم عبروا منها إلى غيرها من المناطق، سواء عبر الساحل أم الطرق البرية، حيث كانوا يتزودون قبل رحيلهم بالغذاء والدواب والمرشدين، والأموال اللازمة والتوصيات المكتوبة إلى شيوخ المناطق التي يتوجهون إليها. وتحدثت عن العديد من الرحالة والزوار، والذين جاؤوا إلى أبوظبي، وأقاموا فيها من الغرب ومن بينهم تجّار تركوا وراءهم مذكرات ويوميات عن إقامتهم هنا، وكانت تقدم شروحات وإيضاحات حولهم وحول صنيعهم، مرتبطة بما تمّ التقاطه من صور خاصة منذ الثلاثينيات وحتى السبعينيات. ثم عاد الحديث ثانية إلى الدكتور زكي نسيبة، فتوقف عند بعض الشخصيات مؤكدا أن الأكثر إثارة للاهتمام، من بينهم كان الضابط السياسي الانجليزي جوليان وولكر الذي عُهِد إليه بحلّ خلاف حول «طوى بئر» بين إمارتين شماليتين، فأخذ معه شريط قياس، وتجول حول البئر يسأل القاطنين وأفراد القبائل عن الشيخ الذي يدينون بالولاء إليه، فكان بهذه الطريقة يرسم الحدود بين إمارة وأخرى. بعد ذلك شرع الرجل في حل النزاعات حول الآبار في الإمارات «وهذه الخطوط المرسومة بين الإمارات، والبعض منها أشبه بأحجية الصور المقطوعة، تعود جلها إلى عمله آنذاك»، بحسب ما قال نسيبة. ثم تطرق الدكتور نسيبة إلى عدد من الدبلوماسيين الإنجليز، تحديداً، الذين عاشوا في أبوظبي خلال فترة عملهم، ثم عادوا إليها وعاشوا في بيوت منحت لهم من قبل الشيخ زايد رحمه الله، إلى أن ماتوا فيها من قبيل ادوارد هارود الذي كان قنصلاً، ولما تقاعد عاد إلى أبوظبي ومات فيها، وما زالت زوجته حية حتى الآن، وتعيش في أبوظبي، وتعمل مشرفة على إحدى المكتبات العامة فيها. وإجمالاً تطرق الحديث نحو السياسيين الغربيين الذين زاروا أبوظبي، ثم عادوا إليها، سواء في مهام دبلوماسية أم بشكل فردي، خاصة وزير الخارجية البريطاني غرونوي روبرتس الذي جاء إلى أبوظبي ليطمئن الشيخ زايد في خريف العام 1967 لينقل إليه رسالة مفادها أن انسحاب القوات البريطانية من عدن لا يعني تخلي التاج البريطاني عن الخليج العربي تبعاً للاتفاقيات المبرمة، غير أنه عاد بعد ثلاثة أشهر ليسحب كلامه جملة وتفصيلاً، موضحاً أن بريطانيا غير قادرة على تحمل أكلاف وجودِها العسكري في الخليج. الأمر الذي دفع بالشيخ زايد، والإشارة لا تزال إلى الدكتور نسيبة، إلى التسريع في العمل على إنجاز الاتحاد وتأسيس دولة قادرة على حماية نفسها وشعبها من أية مطامع. ورداً على سؤال لـ «الاتحاد» حول غياب المرأة الرحالة عن منطقة الخليج العربي، أشار المنتدِيان هيرد – باي ونسيبة، إلى أنها كانت موجودة بهذا القَدْر أو ذاك، لكنها لم تكن وحدها، بل مع زوجها دائما، فكنّ ربّات بيوت، أو عاملات في مستشفيات، مع ذلك هناك الكثير من القصص وشهادات العيان التي لدى هؤلاء السيدات التي ينبغي جمعها لاكتمال عقد تاريخ قصر الحصن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©