الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبو الفنون يبحث عن علاج

أبو الفنون يبحث عن علاج
21 مايو 2009 02:54
المسرح العربي إلى أين؟ سؤال متكرر يتم طرحه في المنتديات والمهرجانات والندوات وتتعدد أجابته من دون أن يلقي أحد أي حجر في مياه المسرح الراكدة ويبقى الوضع على ما هو عليه إلى حين عقد ندوة أخرى. والسؤال الثابت والمطروح يخضع للمناسبات، فإذا كان المهرجان للسينما يقال: السينما العربية إلى أين؟ ثم يقال الكلام نفسه عن المسرح وعن الأغنية، حتى أنه بات من الأفضل التساؤل: الفن العربي إلى أين؟ والإجابات لا تخرج في العادة عن أزمة النصوص والورق أو أزمة الإنتاج أو تحول الفن إلى عملية تجارية تتيح الفرصة للدخلاء الذين يودون تحقيق الأرباح من دون أن تكون لهم علاقة بالفن. قد تم طرح قضية المسرح العربي في الندوة الرئيسية للدورة الأولى لمهرجان المسرح العربي التي اختتمت بالقاهرة مؤخراً وشارك فيها لفيف من العرب المتخصصين في المسرح وطرحوا مجموعة من الرؤى والأفكار حول سبل مواجهة وحل أزمة المسرح العربي. الكاتب والمخرج المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد أكد ضرورة إعادة تأسيس مسرح عربي له علاقة بالناس والحياة والعالم و تحدث عن احتفالية المسرح ومشروعه عن المسرح الاحتفالي مؤكداً أن حلمه كان كبيراً لدرجة أن العالم العربي لم يتسع له خاصة أنه محكوم بانهزاماته التي تمثل خطورة كبيرة وتعني أن يعيش بيننا من لا يؤمن بالانتصار أو المستقبل العربي. احتفال شعبي وقال برشيد: استوحيت فكرة المسرح الاحتفالي من جان جاك روسو الذي يتساءل كيف نحول العرض المسرحي إلى احتفال؟ فاقترحت أن يتحول المسرح إلى احتفال شعبي يشارك فيه الجميع ومن يعشق المسرح يعشق الحياة والآخر ومن يعشق الحياة يحب الجمال والحق والعدل. وأكد برشيد أنه لا معنى لتقديم مسرح كما قدمه موليير وكورنيه وراسين أو شكسبير مشيراً إلى أن الأصل أن تكون هناك زراعة للمسرح وصناعة ثقيلة في بلادنا. وأنه توصل إلى أن المسرح ينطلق أساساً من موروثنا الشعبي وهو التعبير الحر للإنسان الحر للمجتمع الحر ولذلك لا يزدهر المسرح في مجتمع الحزب الواحد والأحكام العرفية. وحول التعددية الثقافية والمسرح قال الباحث السوداني راشد بخيت إن المسرح السوداني اكتفى بالتعامل مع لغة واحدة هي العربية متجاهلاً 131 لغة محلية. وأن التنوع الثقافي السوداني لم يجد مكانه على المسرح باستثناء بعض المحاولات التي منها ما تضمن فكراً يدعو للوحدة السودانية ومحاولات أخرى قدمت الموروث الشعبي لقبائل غير عربية مشيراً إلى أن الباحثين رصدوا 114 طقساً يومياً يمارسها السودانيون على امتداد بلادهم وعلى الرغم من مرور ما يقرب من قرن على نشأة المسرح السوداني لا تزال الكتابة فيه بلغة واحدة. أما الكاتب السوري وليد اخلاصي فقد أكد أن المسرحيين يناقشون الموضوعات نفسها منذ 50 عاماً بينما يواصل المسرح العربي تدهوره. وتطرق إلى المسرح الكوميدي في مصر الذي تستمر عروضه لسنوات وهي حالة لا تتكرر في الوطن العربي. وقال إن الشعر لديه قداسة في الثقافة العربية لا يملكها المسرح الذي لا يزيد عمره على قرن. وحذر الناقد المصري د. حسن عطية من خطورة الاستسلام لحالة طمس الهوية العربية من اتجاه المسرح العربي لتقليد التجريب الغربي مشيراً إلى خطورة فكرة العولمة التي وصفها بالديكتاتورية والشمولية التي تلغي الآخر بينما تأسس المسرح على الصراع والتضاد مع الفكر الشمولي. كما حذر من حالة اغتيال للمسرح مبدياً مخاوفه من أن يكون مستقبل المسرح العربي مثل واقعه لينهار الأمل في مسرح يليق بالأمة. وطالب بقراءة الواقع المسرحي العربي بشكل موضوعي لتجديد شبابه في زمن تتحلل فيه الأوطان إلى أقاليم متناحرة وتغزو ثقافة المنتصر العالم. وقال إننا نحتاج إلى مسرح يستفيد من إنجازات الآخر من دون أن يفقد هويته الخاصة مشيداً بالشرط الذي وضعه مهرجان المسرح العربي بأن تكون الأعمال المشاركة عن نصوص عربية مطالباً بأن تمتد العروبة إلى الفكر والصياغة والتوجه والتأثير. وأشار إلى أن الواقع المسرحي العربي يعاني غياب الجمهور وأن مقولة الحرية أحياناً تكون مضللة حيث شهد المسرح المصري أهم أعماله في فترة الستينات من القرن الماضي. وقال الناقد المصري د. أحمد سخسوخ إن الجمهور يبقى الضلع الأهم في العملية المسرحية والنقد يلعب دوراً كبيراً في جذب الجمهور للمسرح وهناك صعوبات يواجهها النقاد للوصول إلى مساحات إعلامية للتعبير عن آرائهم والجمهور هو في الحقيقة جماهير متنوعة التصنيفات. ورفض المسرحي اللبناني روجيه عساف مقولة المسرح العربي مطالباً بالتخلص من العقد وأنه بالفعل لا يوجد مسرح عربي كما لا يوجد مسرح فرنسي. وأكد أن التعبير الأصح هو أنه يوجد مسرح في الدول العربية ومسرح في فرنسا مشيراً إلى أن شكسبير لم يكن يفكر في تقديم مسرح انجليزي عندما كتب روائعه وأن البحث عن مسرح عربي هو خضوع للمفهوم الغربي وأن انتماء المسرح لقوم أو بلد كان بدعة اختلقها الأوروبيون في القرن الـ18. وأشار عساف إلى أن الثقافة العربية نفسها لم تنبت في الأرض العربية وحدها لكنها استوعبت اليونانية والهندية والفارسية والنصرانية واليهودية ودعا إلى التخلص من الخضوع للمصطلحات الغربية وأن يكون تقييم الأعمال على أنها مسرح أولا مسرح. وتساءلت المخرجة الفلسطينية ايمان عون عن معنى وجود المسرح في ظل غياب الحرية. وقالت: هل عندنا من يمارس المسرح ليصنع التغيير؟ وكيف يتم استخدام المسرح الاحتفالي للمساعدة في صناعة التغيير رافضة ثقافة الخوف من الآخر لأن الآخر ليس توجهاً واحداً. ورفض المخرج الإماراتي ناجي الحاي مقولة الوقوف ضد العولمة مطالباً باستبعاد نظرية المؤامرة عند مناقشة حال المسرح العربي الذي أكد وجوده و في الوقت نفسه يعاني مشكلة تواصل وأن التحدي الذي يواجهه المسرح العربي هو الارتقاء بالمسرح الذي على الرغم من وجوده من آلاف السنين في منطقتنا فإنه لم يتجذر في مجتمعاتنا. وقال الكاتب السوداني شمس الدين يونس إن الثقافة العربية لم تضف للمسرح بينما أضافت شعوب أخرى لهذا الفن مؤكدا أنه لم يحدث أن أضفنا إليه شيئاً بينما قدم الإيطاليون مثلا العلبة المسرحية. وأكد الناقد د. مصطفى يوسف ضرورة تنمية الوعي بالمقاومة لمواجهة الهيمنة حتى لا نستنسخ كشعوب.. مطالباً بالخروج من حالة تكرار المقولات التي سمعناها منذ الستينات لندور في دائرة مفرغة. وأكد الناقد القطري د. حسن رشيد ضرورة الوصول إلى توصيات عملية حتى لا تضاف أوراق الندوة إلى المخازن العربية المملوءة بالأوراق والأبحاث. وأكد د.أحمد سخسوخ أنه على الرغم من إيمان الجميع بأنه لا مسرح بلا جمهور فإن الدراسات العربية عن المسرح تكاد تكون غير موجودة مرجعاً ذلك إلى أن الجمهور لا يدخل في صلب العملية الفنية. الشروط الستة وأكد د.عبد الكريم جواد، مستشار وزير التراث والثقافة العماني، أن مرحلة الهواية طالت أكثر من اللازم في الدول العربية. ولابد من توافر 6 شروط لينطبق معنى الاحتراف على المسرحي العربي وهي التفرغ فالفنان المسرحي لم يعد راهباً ومعظمهم لا يقصر اهتمامه وتفكيره وتركيزه على العمل المسرحي والمسرح لا يقبل شريكاً ويحتاج إلى تركيز وإخلاص وتفرغ والشرط الثاني أن يتحقق للمسرحي الحد الأدنى من الدخل بما يحفظ له كرامة العيش والثالث الاتقان والرابع الاستمرار فلا يمكن أن ينتعش المسرح خلال شهرين أو ثلاثة في السنة. والخامس المنهجية فلا يقبل أن يكون العمل المسرحي بلا رؤية ولابد أن يكون للمسرحي مشروع فني يعمل على تحقيقه والأخير الاستقلالية ويمكن للهواة قبول الوصاية بينما المحترف ناضج بشكل كافٍ ليرفض الوصاية على فكره وفنه. وأشار د جواد إلى أن المسرح لم يتجذر في الثقافة العربية للمجتمع. وتبقى الفنون الشعبية تلقائية من دون تنظيم ويظل المطلوب تحويل العمل الفني إلى عمل مرتب وهو ما يحتاج إلى مرونة وتغيير في أسس الثقافة العربية. وعن علاقة المؤسسات الرسمية بالمسرح قال: يبقى للمؤسسة الرسمية اليد الطولى في توجيه مسارح الهواة باعتبارها تحتاج للوصاية الفكرية كما يبقى تمويلها ديناً في عنق الفرق بينما الاحتراف المسرحي مؤهل لموقف نقدي فكري وجمالي قد يكون حاداً في بعض الأوقات مستنداً على دعم الجمهور بعيداً عن المؤسسة الرسمية. وحول المسرح في زمن الحرب قال المسرحي الفلسطيني فتحي عبد الرحمن أن فلسطين تعيش حالة حرب مفتوحة متعددة الأشكال من غزو واحتلال وانتفاضات وحتى حرب الأخوة بما ينعكس على الإنتاج المسرحي الفلسطيني. ويخضع الإبداع المسرحي والترويج له لشروط هذه الحرب المفتوحة مشيراً إلى أن الاحتلال يضع كل الصعوبات أمام المسرح. بينما يظل الصراع هو المحرك لخلق صور بطولات صنعت أساطير ودراما مثل الإلياذة والأوديسا وجلجامش وسيرة عنترة وأبي زيد الهلالي. وعن حال الطفل الفلسطيني قال: في مسرحية «القفص» ذهبت إلى مخيم واكتشفت حالة الفزع داخل كل طفل وطلبنا من كل طفل أن يكتب تخيلاته عن وجوده داخل القفص وتجول العرض في مدن الضفة. وكان التجوال محاطاً بالمخاطر والحواجز الأمنية وإطلاق النار من المستوطنين وقدمت عرضاً بـ 15 طفلاً من نابلس وجنين وقلقيلية وفجأة داهمت المجنزرات مخيم بلاطة ووجدنا أنفسنا محاصرين في المسرح كفرقة ومعنا 300 طفل من الجمهور وهربنا الأطفال من نافذة على سلم ارتفاعه 6 أمتار. وأكد الفنان البحريني عبد الله يوسف افتقاد المسرح العربي للفضاءات المسرحية. كما أن الوصول إلى تجربة متقدمة للمسرح يحتاج إلى قرار سياسي ويجب توفير الفرصة للمبدعين لتجاوز المنجز وعدم التكرار. وقال إن الراصد لا يجد حضوراً لافتاً للسينوغرافيا في العروض العربية في ظل تجارب نادرة بين التجربة والأخرى فترة زمنية لا تتيح أي تراكم فهناك فجوات بين العروض المسرحية الجيدة والأخرى التي تكرس العروض المسرحية الاعتيادية. وأضاف أن كثيراً من المسرحيين العرب لديهم اعتقاد أن السينوغرافيا هي الديكور والعكس وهو ما خلق حالة ذهنية مشوشة وهي إرث كبير متأصل يصعب التخلص منه ويحتاج إلى كثير من التجارب الجديدة خاصة أن الديكور يفقد وظيفته من دون حضور الملامح البصرية في عالم يحفل بالبصريات لأبعد حدود الطاقة البصرية ليتأكد أن الديكور مفردة واحدة من جملة قيم أخرى للسينوغرافيا. وتساءل المسرحي البحريني يوسف الحمدان عن وجود رؤية مستنيرة لدى المحترفين وهل لدينا نقابات مسرح تحمي المحترف؟ مؤكداً أن القضية ليست احتراف المسرح أو هوايته فالمهم أن يكون الفنان مهموماً بالمسرح حتى ولو لم يكن محترفاً. وأشار المخرج التونسي المنصف السويسي إلى قطيعة بين الإرسال والتلقي فالمتلقي العربي يفتقد التربية والتذوق الجمالي وليس مهتماً بالمسرح لأن المسرح نفسه غير مهتم به.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©