الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جائزة العودة «للبوستر»: النكبة إعلان عالمي لموت الضمير

جائزة العودة «للبوستر»: النكبة إعلان عالمي لموت الضمير
21 مايو 2009 02:48
بعيداً عن كلام الإنشاء والخطابات والشعارات التي تحكي عن النكبة وآثارها المدمرة على الشعب الفلسطيني، يعيش الفلسطيني العادي/ البسيط يومياً بل في كل لحظة مع النكبة.. يصافحها مع شروق كل صباح ومغيب كل شمس، لأن كل ما أمامه وما خلفه وما حوله وما بين يديه، يذكِّرهُ بها. ببساطة متناهية لا تحتاج إلى بلاغة العبارات ولا الكلام المزوَّق في أروقة المؤتمرات، ينام الفلسطيني وتنام النكبة بكامل عريها وبشاعتها إلى جانبه.. تقاسمه فراشه وهواءه... تقاسمه بيوت الأحياء/ الأموات على امتداد المخيمات ومنافي الشتات/ البيوت التي تتراص مثل علب السردين وتفتقر إلى أبسط شروط الحياة الإنسانية/ سقوف الصفيح التي لا تفلح في صد هجير الصيف وسرعان ما تطير في جنون عاصفة شتائية متمردة/ روائح العطن والرطوبة التي تهزم كل حيل ربات البيوت للتغلب عليها/ الأطفال الذين يخوضون بأقدامهم الناحلة العارية في مياه الصرف الصحي صيفاً ومياه السيول المتدفقة شتاء/ الأطفال الذين أتلف البكاء حناجرهم بسبب مرض لا يملك الأب ثمن علاجه/ بطاقة الغوث التي لا تغيث/ شعور الذلِّ الأطول من ظل الرجل الحامل فوق ظهره كيس الطحين ومرارة الـ61 عاماً من التشرد والعذاب وخسران الوطن والأهل والأمان/ الطحين الذي أرسله (الخيِّرون) تعويضاً للشعب المنكوب الذي حوَّلوهُ بأيديهم إلى.. (لاجئين)!. في الراهن: كل شيء في حياة الفلسطيني يقول إن النكبة لا تزال مستمرة. في الذاكرة: المخيم هو الابن اللا شرعي للنكبة، ابن ولد فجأة، بسبب حادث مفتعل، لم يولد ولادة طبيعية بل جاء بعملية قيصرية نتجت عن اقتلاع وحشي للأبناء عن أمهم.. الأبناء الذين هُجِّروا ورُحِّلوا عن سابق إصرار وتصميم عن أراضيهم ومزارعهم وبياراتهم التي لا تغادرهم في اليقظة أو المنام، وأبدِلوا بها مكرهين أكواخ الصفيح الموزعة على أشلاء الوطن المتبقي والرابضة مثل جرح ناتئ على أطراف أكثر من عاصمة عربية. وإن طال الزمان النكبة، كما يقول الدكتور خيري العريدي سفير دولة فلسطين في الإمارات هي «التعبير الصارخ عن الظلم التاريخي الذي تعرض له الشعب الفلسطيني، والذي ما زال يعاني من الهجرة والشتات ومن استمرار الاحتلال الإسرائيلي الذي ما زال يعيث بأرضنا سلباً وتقطيعاً بالحواجز والمستوطنات وجدار الفصل والضم العنصري، لكن شعبنا سيظل يناضل لكي ينال الحرية والاستقلال وكامل حقوقه السياسية وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف». وإذا كانت النكبة هي إعلان عالمي لموت الضمير، ونموذج لفداحة الطغيان وغياب العدالة. فإن العودة هي نقيضها الذي يضاهيها في الحضور، والوعد الذي لا بد أن يتحقق وإن طال الزمان. إنها أقرب إلى الوشم المحفور على جدران القلوب والأرواح، وعلى الحيطان وكراسات الأطفال ومدارس وكالة الغوث، ونوافذ البيوت الواطئة. النكبة هي الظل الطارئ، المؤقت، والمؤقت مصيره الزوال وإن طال، وكل حق لا بد لأصحابه عائد كما تقول الأغنية والحكاية ومئات البوسترات التي شاركت في جائزة مركز «بديل» عن النكبة. أما بديل فهو المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين، وأما جائزة البوستر فواحدة من خمس جوائز ينظمها المركز في إطار جائزة العودة للعام 2009 تحت شعار «كانت تسمى فلسطين.. صارت تسمى فلسطين»، وهذه الجوائز هي: جائزة قصص الأطفال، جائزة الأوراق البحثية، جائزة القصص الصحفية المكتوبة، جائزة الصورة الفوتوغرافية وجائزة البوستر ثم مهرجان جائزة العودة. 61 عاماً من التيه تاريخياً، ثمة علاقة وطيدة بين الموضوع الفلسطيني وفن البوستر الذي يمتلك جذوراً عميقة في تربة النضال الفلسطيني، فقد رافق الثورة في بداياتها كشكل تعبيري استخدمه الفنانون للتعبير عن الثورة عبر رموز عديدة صارت فيما بعد أيقونات فنية (الكوفية، الحصان، الحمامة، الشمس، القدس، المخيم). لكن الأيقونات والرموز التي تتكرر في الأعمال المشاركة بهذه الجائزة تختلف تماماً عن تلك، ربما بسبب الموضوع الذي يتم التعبير عنه. هنا نجد أن عبارة «61 عاماً على النكبة»، هي العبارة المركزية في كل البوسترات المشاركة. وتكفي نظرة سريعة لتتكشف الأعمال عن ترميزات لا تحصى، بدءاً بالمفتاح/ الرمز الخالد لفقدان الفلسطيني لبيته/ فردوسه، وخريطة فلسطين، وصور اللجوء وجموع السائرين على الدرب الطويل إلى هجير المنافي، وأسماء القرى والمدن التي لا تزال في البال، ومروراً بالشعارات والأشعار والعبارات التي اشتهرت على الدرب الطويل إلى العودة: صامدون، عائدون، على الأرض ما يستحق الحياة، وشعار الجائزة نفسه وغيرها كثير، ووقوفاً على الموروثات الغنية التي تؤسس الذاكرة الفلسطينية وأماكن شتاتها كالثوب المطرز وشجرة الزيتون والعلم، وانتهاء بالباب الذي أغلقه الفلسطيني عام 1948 على أشيائه ومكونات عالمه وأحلامه، آملاً في العودة إليها بعد أيام قليلة، من دون أن يعي أن بانتظاره باباً مفتوحاً على مصراعيه على التيه والضياع وجحيم الفقد. بيد أن هذا الوصف السردي لبعض دلالات الأعمال لا ينبغي أن ينسينا اهتمامها اللافت بالجانب الفني وليس المضمون فقط كما هي العادة في فن البوستر خاصة السياسي، ما جعلها تخرج من كونها «إعلاناً سياسياً» لتغدو إنجازاً جمالياً تتقدم فيه الحالة الإنسانية على الشعار السياسي. وقد لعبت الرموز المتنوعة الموظفة توظيفاً جيداً في الإيحاء بعمق الفكرة المطروحة (النكبة) وتجلياتها، علاوة على جودة توظيف المفردة المكتوبة (الكلمات والأرقام) في شكل فني متعدد المستويات القرائية والقيم الجمالية للتكوين (الإنشاء)، فضلاً عن ميلها إلى التركيز والاختصار والكثافة. وفي أغلب البوسترات تنتظم عناصر البناء الجمالي في آلية تقترب كثيراً من العمل التشكيلي خاصة الرسم. كل هذه المرموزات وغيرها تشكلت في بيتها الفني/ البوستر وقام كل فنان بصياغتها في تآليف فنية جمالية لتعبر عن ثلاثة معانٍ أساسية: النكبة، واستمرارها في حياة الفلسطيني حتى اللحظة، والإصرار على نيل حق العودة، وهي الثيمات التي اشترطت اللجنة المنظمة للمسابقة أن تتوافر في أي عمل مشارك. ونظراً إلى أن الموضوع واحد، جاءت معظم الملصقات مشتركة من حيث الرموز بنظام فيه ثبات واضح، وبدا كأن البوسترات سعت إلى ترسيخ الصور الأيقونية المتداولة في الفكر السياسي والنضالي وفي الحياة اليومية ومرويات اللاجئين وذاكرتهم، والتي تمثل في النهاية مفاهيم متداولة اجتماعياً بكل ما تحمله من تأويلات فردية أو جماعية للمأساة أو النكبة. وفي عدد غير قليل من الأعمال لعب المفتاح دور السيادة، حيث إن البوستر عمل يقوم على التصميم ويرتكز إلى عناصر بنائية منظورة (الخط واللون والشكل والفضاء والمادة) وعناصر غير منظورة (التوازن والحركة) لكنها مجتمعة تعمل على خدمة الثيمة أو العنصر الرئيس في العمل أي الرسالة التي يرغب في إيصالها للمتلقي وهي هنا فكرة العودة التي بات المفتاح رمزاً لها. وعلى الرغم من وحدة المزاج الفكري الذي عكسته الأعمال، والقرابات الموضوعية من حيث تكرار الرموز، إلا أن الأعمال جاءت مختلفة في توظيف هذه الرموز تبعاً لاختلاف رؤى الفنانين، حيث حاول كل فنان أن يعالجها بأسلوبه الخاص وأن يبتكر الصيغة الفنية المناسبة للتعبير عن رؤاه المفاهيمية للموضوع ومضامينه من جهة، وللبوستر كعمل فني صرف من جهة ثانية. قيمة رمزية على الرغم من أن قيمتها المادية ليست كبيرة (الجائزة الأولى: 1000 دولار أميركي، والثانية: 600 دولار والثالثة: 400 دولار) إلا أن قيمتها المعنوية أغرت آلاف المصممين والفنانين للمشاركة فيها، فعلاوة على إتاحتها الفرصة للبوستر الفائز بأن يوزع في كافة أنحاء فلسطين والمنافي وأن يشارك في فعاليات إحياء الذكرى 61 للنكبة، تحمل الجائزة من الأبعاد الرمزية فلسطينياً وفنياً وموضوعياً ما جعلها تحظى بأعلى درجة من الاهتمام. فمركز «بديل» تكفل بطباعة أكثر من 40000 ألف نسخة من البوستر الفائز بالجائزة الأولى ونشره، فضلاً عن إقامة معرض خاص بالأعمال المختارة من لجنة التحكيم خلال مهرجان جائزة العودة. وتكريم أصحاب أفضل عشر مشاركات بتسليمهم جوائز تقديرية في المهرجان. إلى ذلك، حملت جميع الكتيبات والملصقات، التي أعدتها اللجنة الاجتماعية الفلسطينية في أبوظبي (البيارة) ضمن فعالياتها لإحياء ذكرى النكبة، على أغلفتها صورة البوستر الفائز بالمركز الأول في الجائزة والذي صممه الشاب رامي حزبون المقيم في دولة الإمارات، جنباً إلى جنب مع رسم «حنظلة» الشهير الذي أبدعه الفنان الشهيد ناجي العلي الذي لا يغيب أبداً عن ليل الفلسطينيين الطويل ولا عن أحلامهم في العودة. الفن بوصفه نضالاً عمار الكردي رئيس اللجنة أوضح بأنّ اعتماد «حنظلة» ناجي العلي، الذي اغتالته إسرائيل في لندن عام 1987، سمة عامة متكررة في مطبوعات هذا العام الخاصة بذكرى النكبة، دلالة على استمرارية توارث القضية الفلسطينية بين الأجيال، ودلالة على الاستمرار في الإبداع الفلسطيني، واستخدام الفن أداة من أدوات النضال والصمود. وقال: سيتم توزيع كتيّبات أعدتها لجنة البحوث والتوثيق في «البيارة» خصيصاً للمناسبة، باللغتين العربية والإنجليزية، وتتضمن عرضاً موجزاً ومكثّفاً وموثقاً لتاريخ القضية الفلسطينية منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتى الوقت الراهن، على الشباب العربي والفلسطيني في أوروبا، حيث جرت ترتيبات مع اللجان الفلسطينية العاملة هناك لهذا الغرض. مؤكداً أن هناك توجهاً لترجمتها إلى لغات أخرى كالفرنسية والأسبانية. أما الفنان رامي حزبون فقال إن هذه هي المشاركة الثالثة له في هذه المسابقة الرائعة، حسب وصفه، حيث سبق له أن شارك فيها في أول إطلاقة لها في العام 2006 ، عندما كانت مجرد جائزة لفن البوستر وقبل أن تتحول إلى جائزة كبيرة تشتمل على عدة حقول فنية أخرى. كما شارك في العام 2007 و2008 وحصل على جوائز تقديرية عن أعماله. لم يخف رامي سعادته بالحصول على الجائزة ليس لكونها جائزة فلسطينية بل لأنها أيضاً باتت تستقطب الفنانين الشباب من مختلف أنحاء الوطن والشتات، ما يعني أن المنافسة فيها شديدة والفوز يمثل إنجازاً معتبراً للفنان. وفي تصميمه للبوستر الذي يحمل عنوان «أنا من هناك» حرص رامي، الذي هجر مثل غيره من الفلسطينيين عن مدينته يافا في العام 1948 لتستقر عائلته في بيت لحم، على التذكير بالقرى التي دمرت وشرد أهلها وليس على المفتاح فقط، فنحن، والحديث لرامي، نستخدم في الغالب المفتاح ومعه شيخ أو عجوز ونهمل القرى التي دمرت، لهذا حرصت على إظهار القرى التي بحثت عنها في مراجع وكتب مختلفة، وكنت أتمنى أن أذكرها كلها لكن التصميم لا يكفي لكل هذا العدد، فاكتفيت بمجموعة منها تعبيراً عن الكل، وجعلت الوطن المستقل هو المفتاح لأن القرى يمكن أن تعود إلى أهلها إذا عاد الوطن، ولإيصال هذا المعنى استعنت بألوان العلم الفلسطيني كرمز للدولة. ورامي المتخصص في فن الغرافيك والتصميم له أيضاً حكاية أخرى مع الذاكرة الفلسطينية تتجسد في فيلم قصير بعنوان «مدينة السلام»، يحكي في سبع دقائق عن تاريخ بيت لحم منذ 1923 ولغاية 2006 ، ويصور نفس الأماكن التاريخية والكنائس التي صورها مصور فرنسي في العام 1923 كما هي في الوقت الراهن. كي لا ننسى *تبلغ مساحة فلسطين حوالي 27 ألف كم2 وتشكل الضفة الغربية وقطاع غزة جزءاً قليلا من هذه المساحة ( 22% ) أي ما يعادل 6000 كم2 وتشكل الضفة الغربية الجزء الأكبر من هذه المساحة، أي حوالي 5635 كم2 في حين تبلغ مساحة قطاع غزة 365 كم2 وتعتبر محافظة الخليل (جنوب الضفة الغربية) أكبر المحافظات في الضفة الغربية حيث تبلغ مساحتها 1065 كم2. * 15 أيار 1948م تاريخ نكبة الفلسطينيين وطردهم من أرضهم وتدمير قراهم ومدنهم، وبداية الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين. * 726 ألف فلسطيني أجبروا على اللجوء خارج بلدهم، عدا عن عشرات الآلاف نزحوا داخل فلسطين نفسها. * 400 قرية فلسطينية هدمت تماماً على يد القوات الإسرائيلية الغازية. * يبلغ عدد اللاجئين في العالم نحو (5-7) مليون لاجئ لا زالت قضيتهم دون حل، ولا زالت مأساتهم تتفاقم. * في عام 1890م كان 94% من سكان فلسطين عرباً مسيحيين ومسلمين وكان هناك 5% يهود. * في العام 1967 أكمَلت إسرائيل احتلال الأرض الفلسطينية باحتلالها الضفة الغربية وقطاع غزة. إضافة إلى احتلال شبه جزيرة سيناء من الأراضي المصرية، وفي الشمال احتلت الجولان السوري. جائزة البوستر ينظم جائزة البوستر مركز «بديل» وهو المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين، وهي واحدة من خمس جوائز ينظمها المركز في إطار جائزة العودة للعام 2009 تحت شعار «كانت تسمى فلسطين... صارت تسمى فلسطين»، وهذه الجوائز هي: جائزة قصص الأطفال، جائزة الأوراق البحثية، جائزة القصص الصحفية المكتوبة، جائزة الصورة الفوتوغرافية وجائزة البوستر ثم مهرجان جائزة العودة. تبلغ قيمة الجائزة 2000 دولار أميركي موزعة كالتالي: الجائزة الاولى: 1000 دولار أميركي، والثانية: 600 دولار والثالثة: 400 دولار، وشملت الفنانين والمبدعين الفلسطينيين في داخل الوطن والخارج. وتكفل مركز «بديل» بطباعة أكثر من 40000 ألف نسخة من البوستر الفائز بالجائزة الأولى ونشره، فضلاً عن إقامة معرض خاص بالأعمال المختارة من لجنة التحكيم خلال مهرجان جائزة العودة. وتكريم أصحاب أفضل عشر مشاركات بتسليمهم جوائز تقديرية في المهرجان. إلى ذلك، حملت جميع الكتيبات والملصقات، التي أعدتها اللجنة الاجتماعية الفلسطينية في أبوظبي (البيارة) ضمن فعالياتها لإحياء ذكرى النكبة، على أغلفتها صورة البوستر الفائز بالمركز الأول في الجائزة والذي صممه الشاب رامي حزبون المقيم في دولة الإمارات، جنباً إلى جنب مع رسم «حنظلة» الشهير الذي أبدعه الفنان الشهيد ناجي العلي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©