الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: الإسراء والمعــراج منحة إلهية للنبــي والأمة

العلماء: الإسراء والمعــراج منحة إلهية للنبــي والأمة
29 ابريل 2016 04:01
أحمد مراد (القاهرة) أكد علماء الدين أن رحلة الإسراء والمعراج معجزة خالدة، ليست منتهية المفعول‏، أو محددة الزمان والمكان‏، بل ستظل ماثلة أمام التاريخ البشري بما احتوته من أحداث وعبر‏، وستظل منهلاً عذباً تستفيد منه الأمة الإسلامية في معالجة قضاياها الراهنة. وأكدوا أن الرحلة كانت تكريماً وتتويجاً لرسالة الإسلام العالمية والخاتمة، وجاءت هذه المعجزة لتطلع النبي صلى الله عليه وسلم على كبرى الآيات. معجزة لن تتكرر د. علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، أوضح أن معجزة الإسراء والمعراج علم غيب جعله الله شهادة لرسوله صلى الله عليه وسلم، فكان الغيب مرئياً مشاهداً في عين وبصر النبي تراه عينه، ويدركه عقله، ويستنير به فهمه، ويستوعبه قلبه، وتعيه مدركاته لتعلم الخلائق جمعاء أنه في أعلى مراتب الإيمان واليقين، فالرحلة التي قام بها صلى الله عليه وسلم في إسرائه إلى بيت المقدس، ثم معراجه إلى السماوات السبع لينتهي به المطاف عند سدرة المنتهى في وقت محدود ليعود فيجد فراشه ما زال دافئاً، كل هذا معجزة الإسراء والمعراج لا تخضع لقوانين الكون، إنما هي استثناء مرة أخرى مع بشر، مما يدل على تميز هذه الحادثة في التاريخ الإنساني. ويضيف: وفيما يتعلق بإسرائه صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالي: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير»، وهي معجزة زمانية ومكانية، ومنحة إلهية وتسرية ربانية للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، حيث تجلى علم الغيب للرسول فأصبح شهادة، وذلك في انتقاله اللحظي من مكة إلى بيت المقدس. ويؤكد مفتي مصر السابق أن معجزة الإسراء والمعراج لا تخضع لقوانين الكون إنما هي استثناء، لأن الذي خلق المكان والزمان، اختصرهما وطواهما لسيد الأنام، كما لا يمكن أن يفسر ذلك وفق قوانين الأرض، فهو خروج جزئي وكلي عن قوانين الأرض ومدارك الإنسان، وهو ما تفرد به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث جمع الله عز وجل له في حادثة واحدة بين هذين الخروجين، ففي الإسراء خروج جزئي وكشف محدد لعالم الغيب أمام الرسول، إذ قد أصبح من الممكن للإنسان في العصر الحالي السفر من الشرق إلى الغرب في وقت قصير، مما يؤكد إعجاز حادث الإسراء في ذلك العصر، ومعجزة الإسراء هي كشف وتجلية عن أمكنة بعيدة في لحظة قصيرة، وكل من له علم بالقدرة الإلهية وطبيعة النبوة لا يستغرب من ذلك شيئا، فالقدرة الإلهية لا يقف أمامها شيء وتتساوى أمامها جميع الأشياء والمقدرات، ومن جهة أخرى فإن من خصائص طبيعة النبوة أن تتصل بالملأ الأعلى، وفي هذا الأمر تجليات وفتوحات ربانية يمنحها اللطيف القدير لمن يصطفيه ويختاره من رسله. ويضيف: والوصول إلى الملكوت الأعلى بأي وسيلة كانت ـ معلومة أو مجهولة ـ ليس أغرب من تلقي الرسالة والتواصل مع الذات العلية، ولهذا فقد صدق أبو بكر رضي الله عنه هذه المعجزة قائلا: إني لأصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء، وأبو بكر الصديق يشير من واقع إيمانه العميق إلى أن هذه الحادثة ليست ضربا من الخيال، بل مسألة عادية بالنظر إلى قدرة الله، وعندما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجادله المشركون في مكة غير مستوعبين لتلك المعجزة، وطلبوا منه وصف المسجد الأقصى، جلى الله له المسجد رأي العين، فأخذ يصفه لهم ركنا ركنا، كما يتجلى في رحلة الإسراء وحدة الرسالات السماوية وأصل التوحيد، فكل الرسلات جاءت بدعوة الإسلام قال تعالى: «قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لانفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون»، وقد التقى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة بإخوانه من الأنبياء، وصلوا صلاة واحدة يؤمهم فيها، إشارة إلى أن هذه الأمة تؤمن بجميع الأنبياء، وأن آخر الرسل موصول بأولهم. ويوضح د.جمعة أن رحلة الإسراء معجزة رسالة إلى يوم الدين، لابد فيها من الإيمان والتذكير بشرف الزمان الذي وقعت فيه، وشرف المكان الذي بدأت منه، والمكان الذي انتهت إليه، وصولاً إلى شرف النبي الخاتم. الآيات الكبرى وأوضح د. أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن رحلة الإسراء والمعراج جاءت لتطلع نبي الإسلام على كبرى الآيات، وترى أهل السماوات والأرض مكانة خاتم الأنبياء، وقد انفردت معجزة الإسراء والمعراج بنص قرآني حكيم، ونزلت سورة باسمها، استهلت آياتها بتنزيه الذات الإلهية عن أي نقص «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير»، فكانت المعجزة تكريمًا لخاتم النبيين. ويقول: ولما كان الإسراء قد نزل فيه القرآن كان منكره خارجاً عن الإسلام، لأنه منكر لنص القرآن الكريم وهو واضح وصريح، ولأن منكر هذه المعجزة معارض لإجماع الأمة الإسلامية سلفاً وخلفاً، ولما كان لمعجزة الإسراء خلودها بخلود القرآن الكريم فإن حكمة حدوثها التي حددها القرآن خالدة أيضاً وهي «لنريه من آياتنا»، وأطلع الله تعالى رسوله صلى الله على وسلم على الآيات العظام فرأى ثواب الطائعين وعقاب العاصين وسدرة المنتهى والجنة والنار، وتؤكد هذه المعجزة أن الإسلام دين الحق، وأن رسالته عالمية، فقد اقتدى الأنبياء بإمام الرسل والنبيين صلى الله عليه وسلم في المسجد الأقصى، وفي هذا إشارة إلى عالمية الإسلام، وأن الرسل جميعا إخوة. ويضيف: كذلك كان في رحلة الإسراء والمعراج اختبار للذين اتبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم ليظهر الصادق في إيمانه من غيره، لأنهم سيقبلون بعد ذلك على الهجرة ومفارقة الوطن ثم بعد ذلك على الجهاد فلابد أن يمتحن الناس ليظهر المخلصون من غيرهم، فكانت ابتلاء وفتنة واختباراً، وظهرت مكانة رسول الله في هذه المعجزة، حيث حظي بما لم يحظ به سواه، وأطلع الله أهل الملأ الأعلى والسماوات والأرض على مكانته، وأنه كلما طلب من ربه تخفيف الصلاة أجابه إلى طلبه فهو مقبول الرجاء، ومسموع النداء، حتي يوقن الذين ناهضوا دعوته أنه على حق، وأن منزلته عند الله عظيمة. وتؤكد د. إلهام شاهين، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن معجزة الإسراء والمعراج آية من آيات الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، ورحلة لم يسبق لبشر أن قام بها، أكرم الله بها نبيه محمدا، وهي منحة فيها عطاء روحي عظيم، وذلك تثبيتاً لفؤاده صلى الله عليه وسلم، ليتمكن من إتمام مسيرته في دعوة الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور، فقد توالت على رسول الله الحوادث والأزمات الكثيرة، فإلى جانب ما كان يلاقيه من عنت من الكفار، فَقَد نصيراً وظهيراً هو عمه أبو طالب، وكذلك فَقَد شريكة حياته السيدة خديجة التي كانت له السند والعون، ومن هنا كان إنعام الله على عبده ورسوله بهذه المعجزة العظيمة تطييباً لخاطره وتسرية له عن أحزانه وآلامه. الدروس المستفادة تقول د. إلهام: وتحمل رحلة الإسراء والمعراج العديد من الدروس المستفادة التي يجب أن تستفيد منها الأمة الإسلامية في كل زمان ومكان، ومن بينها ضرورة الأخذ بالأسباب والالتجاء إلى الله سبحانه، والتأكيد على مكانة الصلاة، فإلى جانب كونها ركناً من أركان الإسلام، وفريضة من أهم الفرائض، فهي الصلة بين العبد وخالقه، وفيها يكون المصلي بين يدي ربه سبحانه وتعالى، ولأهمية هذه الفريضة لم تشرع في الأرض بل شرعت من فوق سبع سماوات، ولم تشرع عن طريق جبريل عليه السلام، بل تلقاها الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه مباشرة، وهي هدية رب البرية، للأمة الإسلامية في ليلة الإسراء والمعراج.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©