الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد حسن أحمد: الكتابة تعبير عن اليتم الداخلي

محمد حسن أحمد: الكتابة تعبير عن اليتم الداخلي
17 ابريل 2008 01:30
تتقاطع الاهتمامات الأدبية والفنية المتعددة لدى محمد حسن أحمد وكأنها الروافد البعيدة المجتمعة في مصب واحد، أو كأن الهاجس الإبداعي المستقل أو المتفرد لم يشبع نهمه تجاه البحث والتنقيب وتجريب الأدوات في مختلف الحقول الإبداعية من أجل حيازة النشوة الروحية المرتبطة بها، ورغم شتات وتنوع هذه الاهتمامات ظاهريا إلا أن محمد حسن، وفي العمق تميز وتوهج في كل حقل منها، ووزع خارطة عشقه بتوازن وإخلاص على محطاتها ومساراتها، ومن هنا يمكن نعت تجربته بأنها فريدة، وأن قوامها مسبوك ومنحوت على قدر الجهد الذي بذله في إكمالها والذهاب معا إلى نهاية المغامرة، وهي مغامرة مولدة بدورها لمغامرات أكثر جرأة وجسارة وإغراءً· كتب محمد حسن أحمد الشعر والقصة والرواية وتميز في كتابة سيناريوهات الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، وله اهتمامات بصرية أخرى تتعلق بالتصوير والتشكيل من خلال الكاميرا الفوتوغرافية، كما أنه أنشأ موقعا إلكترونيا مفتوحا لكل الأقلام المصابة بدهشة الكتابة، وهو موقع (فراديس)· ومؤخرا دخل محمد مجال الكتابة للمسرح وفازت مسرحيته ''الجوع كافر'' بجائزة النص المسرحي ضمن نشاطات مهرجان أيام الشارقة المسرحية التي اختتمت فعالياتها مؤخرا· وفي معرض أبوظبي للكتاب الذي أقيم الشهر الماضي، وضمن مشروع (قلم) الذي تديره هيئة أبوظبي للثقافة والتراث لرعاية وترويج الأدب المحلي، تبنى المشروع نشر وتوزيع الرواية الأولى لمحمد حسن والتي حملت عنوان ''خمسة أصابع للحزن''· في الحوار التالي نستطلع رأي محمد حسن حول مشروع (قلم) وردة فعله تجاه تبني هذا المشروع لروايته الأولى، كما نتجول معه تحت هذا القوس الواسع من الاهتمامات والرؤى الإبداعية التي تسطع في سماء تجربته الخاصة والمتفردة· أنساق تعبيرية مدهشة يقول محمد حسن إن مشروع (قلم) ورغم أنه وليد ويتحسس حضوره في الوسط الثقافي، إلا أنه مشروع خلاق ومهم من أجل الترويج للكتاب المحلي من خلال النشر والترجمة والمتابعة النقدية، وهي تفاصيل كانت غائبة عن المشاريع الشبيهة، حيث لا يقتصر دور المشروع على الطباعة فقط ثم ترك الكتاب معلقا في مجهوله الغامض، و(قلم) كفعل ثقافي راق سيرمي حجرا في البركة الراكدة للنشر المحلي، وهي خطوة صغيرة الآن ولكنها تبشر بقفزة نوعية وعملاقة في المستقبل· ويثمن محمد دور هيئة أبوظبي للثقافة والتراث والقائمين على المشروع، والذين شجعوه وساندوه بقوة لتكملة حماسه الشخصي في الشغل على الرواية والانتهاء من مسودتها الأخيرة· وعن تفاصيل اشتغاله على رواية ''خمسة أصابع للحزن'' يقول محمد: ''هي رواية كتبت فصولها الأولى في العام 2004 ولم يوقظها من سباتها الطويل سوى هذا المشروع المفرح، والرواية أتت بعد فترة من التجربة الشعرية وكتابة القصة القصيرة وسيناريوهات الأفلام القصيرة''· ويضيف محمد: ''رغم سعادتي بصدور الرواية، إلا أنني قلق من كلمة: (روائي) والتي أراها كلمة ضخمة قياسا بالتجربة الأولى التي تحتاج إلى الكثير من الجهد والعمل حتى تكتسب صفة الرواية الكاملة والناضجة، ولكنها بمثابة عتبة أولى للدخول في هذا العالم المتشعب والحامل للكثير من الوعود والأنساق التعبيرية المدهشة''· الكتابة للسينما وعن تقاطع الرواية مع هاجسه المستمر للكتابة السينمائية، يقول محمد: ''حاولت أثناء كتابتي للرواية أن أتجاوز المعمار الخاص بالسيناريو، والذي يمتاز بتقنيات لا تناسب الشكل الروائي القائم على تقنية السرد الأدبي، ولكن الروح الناطقة والمتحركة للصورة السينمائية كانت ماثلة أمامي أثناء الكتابة، وهي ملامح ظاهرة في الرواية، ويمكن بالتالي التعامل معها بسهولة عند تحويل النص إلى وسيط آخر هو السيناريو ومن ثم تطبيقه نظريا من خلال الكاميرا السينمائية''· وعن مشاريعه الكتابية القادمة، يقول محمد إنه بصدد إصدار ديوانه الشعري الأول بعنوان ''زحام لا أحد فيه'' الذي يتزامن مع فترة إنتاجه للرواية، وصاحبته نفس ظروف النسيان والتأجيل، ولا يريد محمد أن يقدم إصدارات متلاحقة في فترة زمنية متقاربة، رغم أنه قادر على ذلك ولكن المسافة الزمنية مطلوبة هنا حتى لا تختلط الإصدارات ويضيع حضورها وتأثيرها في المكان· وهناك مشروع آخر لإصدار كتاب ثالث عبارة عن سيرة ذاتية ناقصة تعرج على سنوات الطفولة الممتدة من العام 1975 وحتى العام 1987 في منطقة (دهان) برأس الخيمة، وتتكلم السيرة عن التفاصيل الحميمة والأمكنة والأحداث والوجوه العابرة والمقيمة في فردوس الطفولة ومناخاتها· ويعتبر محمد هذه النوعية من الكتابات انعكاسا لليتم الداخلي الناتج عن حالة الانفصال الكبير والانزياح المؤلم من عالم الطفولة، ولذلك تلقى رواجا وإقبالا من القراء، لأنها تمس منطقة خضراء في أرواحهم، وتجعلهم يتناغمون مع عوالمها المشتركة والمتقاطعة مع خبراتهم الشخصية· وعن الموقع (فراديس) الإلكتروني الذي أنشأه بجهد فردي وبمشاركة لاحقة من أصدقاء مهمومين بالكتابة والسينما والتصوير الفوتوغرافي، يقول محمد: ''إن فراديس هي أول مجلة ثقافية إلكترونية في الإمارات تصمد وتستمر في فضاء النشر الحرّ منذ سبع سنوات وحتى الآن، وهي مجلة تصدر بالمجان وتستقبل نتاجات الكتاب المحليين والعرب وكتاب المهجر· وكما يقول محمد، فقد ساهم الموقع في ظهور كتاب ومصورين فوتوغرافيين مميزين من الإمارات، أمثال القاصة مريم الساعدي التي انطلقت من هذا الموقع واستطاعت أن تفرض حضورها في المشهد الثقافي في الإمارات· وعن شغفه بالتصوير الفوتوغرافي، يقول محمد إنه شغف مرتبط بذاكرته البصرية ومحطات الطفولة وجماليات المكان، ولذلك فإن الكاميرا هي أداة توثيق للروح قبل أن تكون مجرد صور أرشيفية تنقل الواقع كما هو، ويتعامل محمد مع الكاميرا كما لو أنها قلم بصري يكتب الوجود الشعري المتحرك والحي، وينقله للآخر بكل الدهشة والطزاجة المسكونتين في هذا الوجود العابر والمتطاير والمتدفق أمام العين·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©