الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المنتدى الاقتصادي»... طوق النجاة في حرية التجارة

«المنتدى الاقتصادي»... طوق النجاة في حرية التجارة
20 مايو 2009 02:45
بالنظر إلى تركيز صناع السياسات في الولايات المتحدة على خطط الإنقاذ المالي وتدابير تنشيط الاقتصاد وتوسيع برامج الرفاه الاجتماعي، يميل المرء إلى الاعتقاد بأن الأجندة الاقتصادية للعالم بأسره قد تغيرت؛ غير أنه في الأردن وبلدان أخرى في الشرق الأوسط الأوسع، مازال الدافع إلى التحرير الاقتصادي موجودا وقائما. فخلال المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي، طغت الأزمة الاقتصادية وإصلاح المؤسسات على الجزء الأعظم من الأجندة؛ غير أنه بالنسبة للكثيرين من المشاركين كان الإصلاح يعني الدفع في اتجاه تجارة أكثر حرية، ومزيد من الاستثمارات الأجنبية، وأقل قدر من تدخل الدولة. وفي هذا السياق، قال خالد عبدالله جناحي، رئيس بنك إثمار البحريني، في جلسة مناقشة بالمنتدى: «آملُ ألا تستغل الحكومات ما يحدث منذ ثمانية أشهر كذريعة للتدخل أكثر في التجارة»، مضيفا «إذا سمحنا للحكومة بالتدخل مرة أخرى، فإن ذلك سيشكل أكبر ضرر نجنيه من الأزمة». كما خلص المشاركون في جلسة مناقشة حول إصلاح الأسواق المالية إلى أن «تدخل الدولة قد يخلق في الواقع مشاكل أكثر على المديين القريب والبعيد، وبخاصة حول الهدف الأهم المتمثل في مواصلة النمو الاقتصادي ورفعه». وهناك أسباب عديدة لكون المناقشة في الأردن تبدو مختلفة عن المناقشة، التي تدور في واشنطن. ومن بينها، كما يقول محسود أحمد، المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي، حقيقة أن دول الشرق الأوسط لم تتأثر بالدرجة نفسها من الأزمة المالية العالمية حيث يتوقع الصندوق أن يتباطأ النمو في المنطقة إلى 3 في المئة بالنسبة للبلدان المصدرة للنفط، وبما بين 2 و2.5 في المئة بالنسبة للاقتصاديات غير النفطية، وهو ما يمثل انخفاضا كبيرا مقارنة مع الأعوام السابقة، إلا أنه لا يصل مع ذلك إلى درجة الانكماش. ومن بين الأسباب أيضا حقيقة أن الدول غير المنتجة للنفط في الشرق الأوسط لا تتوفر بكل بساطة على المال لوضع حزمات للإنقاذ المالي وتنشيط الاقتصاد؛ إذ تعتمد ميزانياتها على الاستثمارات الأجنبية والمساعدات الخارجية والتحويلات المالية للمهاجرين. ولكن السبب الأهم ربما يكمن في حقيقة أن للشرق الأوسط مصدر قلق ملحا وقويا لا يوجد في أوروبا وأميركا الشمالية وهو الطفرة الشبابية الضخمة؛ حيث تشير بعض التقديرات التي جرى تداولها كثيرا في المنتدى إلى أن الشرق الأوسط سيكون مطالَبا بخلق 100 مليون وظيفة جديدة في غضون10 سنوات – علما بأنه لا يتوفر سوى على 100 مليون وظيفة اليوم. ويذكر أن بطالة الشباب في الأردن تبلغ حاليا نحو 73 في المئة، حسب تقرير حول الموضوع صدر هذا الأسبوع عن «مبادرة الشباب الشرق الأوسطي». ولئن كانت زيادة عدد الشباب ربما أكثر موضوع ناقشه المشاركون في المنتدى ، فإنها شكلت أيضا حجة قوية أخرى تم الدفع بها للمجادلة بضرورة فتح الأسواق: إن تحرير الاقتصاد غذى ودعم معدلات النمو المرتفعة التي شهدها العقد الماضي؛ وبالتالي، فإن هناك حاجة إلى مزيد من التحرير من أجل خلق وظائف للملايين من الشباب. وفي هذا الإطار، يقول أحمد: «إن الطريقة المستديمة الوحيدة لتوفير الوظائف للشاب والسكان المتزايدة أعدادهم تكمن في تشجيع الكثير من المقاولات الصغيرة والمتوسطة ونشاط القطاع الخاص»، مضيفا «أما دور الحكومات، فيتمثل في خلق الإطار التنظيمي والبنية التحتية والدعم اللازم لتحقيق ذلك». خلال العقد الماضي، انخرطت بلدان شرق أوسطية كثيرة في برامج التقويم الهيكلي التي أتى بها صندوق النقد الدولي، والتي منحتهم الدعم الاقتصادي مقابل تحرير الاقتصاد، أو «إصلاح» اقتصادياتها. ولم يكن تقدم تلك الإصلاحات يسيرا دائما، إلا أن الأسواق المفتوحة والاستثمارات الخارجية أصبحت شعارات يبدو أن لا رجال الأعمال العرب ولا الحكومات العربية من المرجح أن تتخلى عنها، كما يقول محللون. وقد وافق الأردن على برنامج التقويم الهيكلي، الذي اقترحه صندوق النقد الدولي بعد أن مر بأزمة دين خاصة به وانهيار عملته في الثمانينيات. ومنذ ذلك الحين، عمل بقوة على تشجيع الليبرالية الاقتصادية والترويج لها في محاولة لجذب الاستثمارات الخارجية. كما انكب على برنامج طموح لخصخصة الصناعات المملوكة للدولة، وانضم إلى منظمة التجارة العالمية، وفتح منطقة حرة في مدينة العقبة، وتبنى الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ كل شيء من المشاريع البلدية إلى مشاريع التطوير السياحي. وقد كان حافز الاستثمارات واضحاً في المنتدى حيث اختارت مؤسسة تشجيع الاستثمار الأردنية موقعا بارزاً بالبهو الرئيسي. وتشير مطوياتها وكتيباتها الترويجية إلى «التشريعات الإصلاحية والليبرالية» للبلاد و»تنظيماته وإجراءاته المبسطة والميسرة». وهذا الجهد، في الأردن على الأقل، كُلل بالنجاح إلى حد ما ، مما أكسبه «تنقيطاً» جيداً من صندوق النقد الدولي، وساهم في احتياطات البلد الضخمة من العملة الصعبة في 2007 و2008. وحسب أعضاء في الحكومة، فإن إصلاح الأسواق هو ما مكَّن الأردن من التعاطي بنجاح مع الأزمة المالية العالمية. وفي هذا الإطار، قال وزير المالية باسم السالم في جلسة مناقشة: «إن الإصلاحات التي اعتمدناها على مدى السنوات العشر الماضية ستساعدنا على تحمل صدمة هذا العام وتحمل عجز مرتفع»، مضيفاً «إننا نركز كثيرا على عملية الإصلاح... لمنح الأردن قدرة تنافسية كبيرة تساعده على جلب الاستثمارات». ومن جانبه، أوضح وزير التجارة والصناعة المصري رشيد محمد رشيد بأن وضع بلده مماثل جدا حيث قال: «لو لم نقم بالإصلاح الهيكلي خلال السنوات العشر الماضية، لكنا في وضع سيئ حقا»، مضيفا «عبر تحرير الاقتصاد، ومنح مجال أكبر للقطاع الخاص ... خلقنا الثقة وخلقنا زخما... وإذا كنا إصلاحيين ونريد الاستمرار (في فتح الاقتصاد)، فينبغي ألا نضيع هذه الفرصة الرائعة التي تتيحها الأزمة». نيكولاس سيلي - البحر الميت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©