الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا ميدفيديف ··· والأعمال التجارية

روسيا ميدفيديف ··· والأعمال التجارية
17 ابريل 2008 01:01
في الوقت الراهن تترنح شركة (TNK-BP) الروسية- البريطانية المشتركة العاملة في مجال النفط، تحت وطأة هجمات متعاقبة تشنها عليها الشرطة والأجهزة الحكومية الروسية، بأسلوب يذكر كثيرا بعمليات الاستحواذ السابقة على الشركات التي كانت تتم برعاية الدولة الروسية في عهد ''فلاديمير بوتين''، والمتاعب المتواصلة التي تواجهها رابع أكبر شركة نفطية في روسيا، تساهم في تأجيج النقاش الدائر حاليا حول ما إذا كان التغير الوشيك الذي سيتم في الكريملن بتولي ''ديمتري ميدفيديف'' الليبرالي خلفا لـ''بوتين'' سيحمل في طياته أملا بتغيير حقيقي أم لا· وتوقع الخبراء أن يحظى السؤال الجوهري المتعلق بالكيفية التي ستكون عليها ديناميات السلطة، أو شكل العلاقة بين الرئيس المنتخب ''ميدفيديف'' ورئيس وزرائه المفترض ''فلاديمير بوتين'' باهتمام كبير في مؤتمر ''حزب روسيا المتحدة'' التاسع الذي بدأ أعماله أول من أمس الثلاثاء، وقضية شركة (TNK-BP) التي تزامنت مع التغيير الوشيك والتي ستتعرض خلال هذا الأسبوع لتفتيش بيئي، تجريه أجهزة حكومية على أكبر حقولها النفطية، تشير إلى أن الأشياء التي تغيرت على قمة السلطة قليلة حتى الآن على الأقل· على مدى السنوات الخمس الماضية، جرى إعادة تأميم إنتاج روسيا النفطي بطرق مشكوك فيها قانونا، كانت عادة ما تقترن بتصرفات تفوح منها رائحة التحيز الفج تقوم بها أجهزة حكومية، وقد أدلى السيد ''ميدفيديف'' -الذي شغل سابقا منصب رئيس مجلس إدارة ''جازبروم''، وهي شركة احتكارية نفطية تديرها الدولة منذ 2001- بتصريحات بعثت الأمل لدى الكثيرين بأن هذا العهد قد يكون مؤذنا على الانتهاء· ففي خطاب له في شهر فبراير الماضي قال ''ميدفيديف'': ''إن احترام الملكية الخاصة يجب أن يكون أساسا من الأسس الراسخة التي تقوم عليها سياسة الدولة''، وانتقد'' ميدفيديف'' في هذا الخطاب أيضا سلسلة الإغارات التي تقوم بها بعض الأجهزة، والتي يتم بموجبها الاستيلاء على بعض الأصول بواسطة قلة من رجال الأعمال من ذوي الحظوة، بالتواطؤ مع بعض العناصر الفاسدة في الشرطة وفي الحكومة، بيد أن الملابسات المحيطة بقضية الشركـــة تجعل عــددا كبيرا من المراقبين، يعتقد أن حملات الإغارة على الشركات هذه ليست في الحقيقة سوى جزء من عملية مخططة يرعاها الكريملن· ففي التاسع عشر من مارس الماضي على سبيل المثال، قامت الشرطة بغارة على مقر الشركة بحجة البحث عن أدلة تثبت أن إحدى الشركات التي كانت شركة (TNK-BP) قد اشترتها منذ عدة سنوات، قد تهربت من دفع الضرائب المستحقة عليها، بعد ذلك التاريخ بيومين أعلنت مصادر جهاز الاستخبارات الروسية، أن اثنين من الأشقـــــاء الأميركيين من أصــــل روسي -أحدهما يشغل منصب مدير الشركة المذكورة- متهم بممارسة الجاسوسية الصناعية، وقالت هذه المصادر إن تفتيش مقر الشركة قد أسفر عن العثور على بطاقات هوية شخصية تثبت أن أصحابها ينتمون لمنظمات عسكرية أجنبية، وإلى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وبعد ذلك بعدة أيام أجبرت وزارة الداخلية الشركة على الاستغناء عن 148 عاملا أجنبيا بسبب بعض المشكلات المتعلقة بتأشيرات الإقامة· ويتوقع بعض المراقبين أن يكــــون الهدف من هذا الضغط الذي تمارســــه الأجهزة الحكوميــــة، هـــو إجبار الشركـــــاء الروس في الشركة على بيع أنصبتهم إلى شركة ''جازبروم'' أو شركة ''روزنفت'' التابعة للدولة، من جهتها أصرت مصادر الشركة على أن الأمور طبيعية وقالت ''مارينا دراتشيفا'' المتحدثــــة باسمهــــا: ''لا اعتقد أن هناك صلة بين سلسلة الأحداث الأخيرة''، وأوضحت ما تقصده بــــــأن اتهـــــام موظف ما، بالجاسوسية هو أمر شخصي، وأن التفتيش البيئي أمر روتيني، وأن المشكلات المتعلقة بتأشيرات إقامة بعض العاملين في الشركة ترجع إلى أخطاء بيروقراطية عادية· ولكن مهما كانت المحصلة بالنسبة لشركة (TNK-BP) فإن القصة برمتها تفوح منها رائحة تبدو مألوفة، فمنذ خمس سنوات على وجه التحديد، استهدف الكريملن شركة ''ياكوس'' النفطية العملاقة التي كانت تحقق أرباحا سنوية هائلة، وتمكن من إسقاطها من خلال توجيه عدد من التهم الجنائية إلى مالكها الرئيسي ''ميخائيل خودوركوفسكي'' كان منها امتناعه عن دفع ضرائب متأخرة تبلغ قيمتها 30 مليار دولار، وفي عام 2006 أُجبر ''كونسورتيوم'' تقوده شركة ''شل'' الهولندية على بيع نصف الأسهم التي يملكها في مشروع حقول النفط العملاقة المعروف باسم ''ساخالين- ''2 إلى شركة ''جازبروم'' بعد خصم جزء كبير من قيمتها بعد الاتهامات التي وجهتها وزارة المصادر الطبيعية للشركة بالتسبب في إحداث خسائر بيئية قدرت قيمتها بمبلغ 50 مليار دولار، وبعد أن استولت ''جازبروم'' على الشركة تبخرت جميع الأحاديث والاتهامات التي كانت تدور حول الانتهاكات البيئية التي كانت تتم في ذلك المشروع· في مقابلته التي أجراها الشهر الماضي مع صحيفة ''الفاينانشيال تايمز'' تهرب ''ميدفيديف'' من سؤال حول وضع شركة (TNK-BP) ولكنه ألمح إلى أن الممارسات التي تؤدي إلى نمو قطاع الأعمال التابع للدولة على حساب المشروعات الخاصة سيتم لجمها، وأنه سوف يواصل السير على الطريق المؤدي إلى خلق اقتصاد خاص بمعنى الكلمة، ويعلق الخبراء على ذلك بالقول، إن ''بوتين'' قد قدم وعودا مماثلة عندما أصبح رئيسا عام ،2000 ولكنه لم يلتزم بها بل فعل عكس ما وعد به، وهناك خبراء آخرون يرون أن الارتفاع المستمر في أسعار النفط، سيشجع مسؤولي الدولة الذين يجدون في السلطة أداة سهلة للحصول على أصول القطاع الخاص بأسعار بخسة، على الاستمرار في ممارستهم، وسيجعلهم بالتالي غير راغبين في إجراء أي إصلاحات جادة في المجال الاقتصادي· فريد وير- موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©