الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الامتحانات «كابوس» موسمي يهز كيان الأسر المغربية

الامتحانات «كابوس» موسمي يهز كيان الأسر المغربية
20 مايو 2009 02:23
حالة طوارئ تجتاح كل البيوت العربية هذه الأيام والسبب امتحانات الطلبة، ويكمن سر اهتمام الأسر بهذه الفترة في أنها تختزل مجهود العام الدراسي بكامله. أيام وليال وشهور قد يضيع المجهود المبذول خلالها إذا تمت الاستهانة بفترة الامتحانات فعند الامتحان يكرم المرء أو يهان، يكرم إذا أحسن الاستعداد ونظم وقته وتوفرت له الظروف للمراجعة، ويهان إذا استهانت الأسرة بهذه الفترة وقصر الطالب في اعداد وتنظيم وتقويم دروسه. إلى ذلك، قال سعيد الراشدي، مفتش في مديرية التعليم، إن «الأجواء التي تكتنف المنازل خلال هذه الفترة أصبحت أمرا اعتياديا وسلوكا موسميا أسس لثقافة ترسخت في المجتمع فأصبح الآباء يقيمون معسكرات في المنازل ويلغون كافة نشاطاتهم الاجتماعية ليتفرغوا لمساعدة أبنائهم على معالجة الدروس قبل الامتحانات فالتدريس والتقييم مسؤولية الأستاذ والمربي، مسؤولية البيت والمدرسة، وكلما تكاملت الأدوار كانت النتائج جيدة». واعتبر الراشدي أن خوف الآباء من النتائج السلبية لأبنائهم في الامتحانات، يدفعهم إلى تشديد المراقبة عليهم خلال هذه الفترة الحساسة لتدارك عامل الزمن وضعف المناهج وغياب الأطر لاسيما بعد أن أصبح النجاح والحصول على الشهادة، لا يحقق التميز بين آلاف من الخريجين يتنافسون داخل سوق عمل صغير، لذلك فان التفوق والحصول على شهادات عليا بدرجات مشرفة وفي تخصصات صعبة ونادرة أكثر ما يهم الآباء والطلبة على حد سواء». وعن المواقف التي واجهها حين كان أستاذا لمادة التاريخ قال الراشدي إن «بعض الآباء يحفظ الدروس المقررة والمناهج التعليمية بعد أن تأثر بدراسة ابنه، والبعض الآخر يدخل مع الأساتذة في جدال حول قضية من القضايا المثارة في المواد الدراسية، وهذه العينة من الآباء بدأت صغيرة وأصبح تكبر يوما بعد آخر، وهناك من يفاجئك بزيارة إلى البيت أو اتصال هاتفي في ساعة متأخرة وقبل الامتحان بيوم ليستفسر عن معلومة استعصت على ابنه، وأكثر ما كان يؤلمني هو رسوب طالب تهتم أسرته بدراسته، فقد كنت على علاقة طيبة مع والد أحد تلامذتي وبعد الامتحان رأيت الأب صدفة في الشارع فأدار وجهه عني حتى لا أسلم عليه وأسأله عن ابنه وحين ناديته توقف فوجدته مهموما وقال لي إنه اعتزل الناس بعد رسوب ابنه». وأشار الراشدي إلى أن المدرسة قديما كانت تحفز الطالب على النجاح ومن الإجراءات التي كانت تعتمدها تعليق ورقة على ظهر الطالب مكتوب عليها «تلميذ كسول» وكانت هذه وسيلة مهمة لدفع الطلبة الى بذل المزيد من الجهد حتى لا يقعوا في فخ هذا الإعلان الفاضح إضافة إلى بعض الإجراءات الردعية والزجرية التي يفتقدها نظامنا الحالي». منظومة اجتماعية وقال محمد مستعد، باحث اجتماعي، إنه «لا يمكن أن نظلم الطالب ونتهمه بالتقصير في واجبه والتمرد على المدرسة لأن الطالب في نهاية المطاف هو عنصر من منظومة اجتماعية متكاملة إذا انهارت مبادئها انهار الطالب، كما أن تخلي الطالب عن واجبه الدراسي جاء بعد أن رأى من حوله تخلوا عن واجباتهم فسادت اللامبالاة أفراد المجتمع وانهارت القيم ولم يعد التعليم معيارا للحصول على عمل وتأمين عيشة محترمة». توقف الباحث محمد مستعد عند مستوى تعليم الأسرة، قائلا إن «مستوى الوالدين الثقافي وإدراكهم لأهمية التعليم ينعكس على مواظبة أبنائهم على الدراسة واحساسهم بأهمية التعليم، كما أن المشاكل الأسرية تؤثر سلبا على متابعة الدراسة حيث أن تصدّع الأسرة وتفككها إما بسبب الطلاق أو الحرمان من أحد الوالدين سيدفع بالطالب إلى التمرد على الدراسة ويضعف حافز التعليم لديه». واعتبر أن «قلة التعاون بين البيت والمدرسة وعدم استجابة أولياء الأمور للمدرسة عند دعوتها لهم للتباحث حول مستوى الطلبة وعدم اهتمام بعض المدارس بمواظبة التلاميذ على الدوام المدرسي تتسبب في تلبيد الأجواء بين الطالب وأسرته في فترة حساسة يتلخص فيها كل مجهود العام الدراسي». الغش ينتعش قال المعلم محمد أوشن :»كلما اقترب موعد الامتحانات عادت معه ظاهرة الغش التي أصبحت أكبر تحد في وجه جودة التعليم وأهم مفسدات جودته ولمواجهة هذه الظاهرة والحد من انتشارها تم إطلاق مبادرة متميزة حملت «مشروع امتحانات بدون غش لأن استفحال الغش يعني أننا مقبلون على مجتمع هش يحمل خريجو جامعاته شواهد لا تساعدهم على إيجاد مكان في سوق العمل ولا تساعدهم على العطاء والمساهمة في تأسيس مجتمع متقدم قادر على المنافسة، فهذه الظاهرة لا تتماشى والرغبة في بناء مجتمع قوي بكفاءاته وعلمائه كما أن لها انعكاسات سلبية تمس مختلف جوانب الحياة والنهضة وتأثر كثيرا على المؤسسات العلمية من جامعات ومعاهد ومراكز». وأضاف أوشن أن «الدور المحوري للمؤسسات التعليمية دفع مجموعة من المدارس لتأسيس هذه المبادرة التي تعتمد على وسائل متعددة تحسيسية وتكوينية لتحقيق أهدافها وذلك بعقد ندوات ومحاضرات ولقاءات مع الطلبة لتوعيتهم بخطورة الغش وتحريمه، كما تساهم هذه المدارس في دعم وتقوية الطلبة بتقديم دروس اضافية لتغطية النقص والفراغ العلمي للحد لموجبات وأسباب الغش لدى الطلبة ولنضمن شواهد نزيهة وأطر ذات كفاءة تستطيع مواكبة المستجدات المسارعة في مختلف ميادين الحياة العلمية». وعن دور المحيط العائلي والمدرسي في الإعداد للامتحانات، قال:»على الأسر أن تعمل كخلية نحل وتهيئة الأجواء المناسبة للمراجعة، ولا يمكن هنا أن نغفل دور أي من الأبوين فلكليهما دور مهم وأساسي، حيث يتوجب على الأم تهيئة الاجواء الدراسية المناسبة للأبناء بعيدا عن الزيارات الاجتماعية والتسلية وتخصص أكل صحي متكامل خال من المشروبات المنبهة، أما الأب فعليه أن يقوم بدور المراقب والمحفز على اتباع نظام صارم في هذه الفترة وتشجيع الأبناء على المراجعة والتفوق في الامتحان وتخصيص جوائز تشجيعية للمتفوق».
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©