الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تونس: الأزمة السياسية في تفاقم

تونس: الأزمة السياسية في تفاقم
18 فبراير 2013 22:32
جون ثورن تونس قبل الإطاحة بالديكتاتور التونسي، زين العابدين بن علي، لم تكن غادة مطيري تستطيع ارتداء حجابها دون الوقوع في المشاكل مع الشرطة، ولكن بعد الثورة انخرطت في العمل السياسي وباتت إحدى الأعضاء النشطات في حملة حركة «النهضة» ذات التوجه الإسلامي باعتبارها من ضحايا النظام السابق، فبالنسبة لها كانت تبحث عن بديل، ولكن اليوم وفي الذكرى الثانية تقريباً للثورة التونسية يواجه الحزب الحاكم في تونس موجة من الانتقادات العارمة بسبب ما يرى المنتقدون أنه سجل سيئ في إدارة شؤون البلاد. كما أن حادثة اغتيال المعارض السياسي، شكري بلعيد، زادت من حدة التوتر وأعادت طرح مطلب تغيير الحكومة التي فقدت مصداقيتها، ومعه سؤال حول كيفية رجوع البلد الذي شهد ميلاد «الربيع العربي» إلى المسار الصحيح، فتونس شهدت خلال الفترة الماضية منذ الإطاحة بالنظام السابق خطوات مهمة نحو التحول السياسي. ولكن اغتيال بلعيد أجج غضب الرأي العام حول ما يراه البعض فشلاً حكومياً ذريعاً في ضمان الأمن والازدهار، فكانت استجابة رئيس الحكومة، حمادي الجبالي، الأمين العام لحزب «النهضة»، على هذه الإشكالات التي جاء الاغتيال الأخير ليسلط الضوء عليها، سريعة وفورية بأن أعلن خطته لتشكيل حكومة تكنوقراط، طالباً دعم الأحزاب المشاركة في الحكومة والأخرى المندرجة في المعارضة. بل إن الجبالي تعهد بالاستقالة في حال لم يحصل على الدعم الكافي من القوى السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة. أما بالنسبة للشباب من أمثال غادة مطيري وغيرها من الذين حشدوا الدعم لحزب «النهضة» في الانتخابات فهم يرون في الأزمة الحالية فرصة للتأمل في التقدم المتحقق والأخطاء المرتكبة، والدروس المستخلصة على مدى السنتين الماضيتين. وغادة مطيري الشابة التونسية التي تعلو وجهها ابتسامة تلقائية تنحدر من حـي للطبقـة العاملة في العاصمة تونس، وعندما التحقت في عام 2009 بمدرسة المهندسين الوطنية بدأت ترتدي الحجاب، وهي الخطوة غير المحببـة من قبل النظـام في ذلـك الوقت، ولاسيما أنه كان يمنع النساء من ارتداء الحجـاب في المؤسسات العموميـة وكان يضايق اللواتي يرتدينـه في الشـارع، وهو ما تعرضت لـه مطيري ذات يـوم عندمـا اقترب منها شرطي وسألها: «أنت مثقفـة فماذا تفعلين بالخرقة فوق رأسك»؟ لترد الشابة أنها تؤمن بها ولا يحق لأحد التدخل في ذلك. وبعد عامين على هذه الحادثة كان نظام بن علي قد صار جزءاً من الماضي وبدأت الأحزاب السياسية، حتى تلك الحديثة التشكل، في الاستعداد لخوض أول انتخابات حرة في تونس. وكانت مطيري تعرف حزب «النهضة» وعلى اطلاع بخطابه السياسي الذي أكد فيه مسؤولوه استعدادهم للعمل مع الأحزاب العلمانية مع الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية لتونس، وهو الخطاب الذي اجتذب مطيري وآخرين غيرها من الشباب، ولذا كانت انتخابات عام 2011 فرصة لمشاركة مطيري في الحملة الانتخابية لحزب «النهضة»، حيث انتقلت من مسكن إلى آخر في الحي الذي ولدت فيـه طارقـة الأبواب مـع مجموعـة أخرى من شبيبة الحزب مثل محمد صالح الشابي الذي كان يرأس فرع شبيبة الحزب في الحي. وبعد ظهور النتائج التي أكدت تفوق «النهضة» في أول انتخابات تعددية تعرفها تونس تولت «النهضة» تشكيل حكومة ائتلافية تضم حزبين علمانيين فيما اعتبره مراقبون تجربة جيدة في عملية اقتسام السلطة، وعن هذا الموضوع يقول محمد الشابي، كانت الفكرة الأساسية «هي القدرة على التعايش بين الأطياف السياسية المختلفة». ولكن اليوم يشكك العديد من التونسيين في قدرة الحكومة على إدارة البلاد، لينتقل الانشغال من الاعتبارات الأيديولوجية التي غذت التخوف من التطرف في البداية إلى اعتبارات الكفاءة، حيث تتهم أحزاب المعارضة الحكومة بالفشل في ضبط الجماعات العنيفة مثل الحركة السلفية الأكثر تشدداً، أو المتظاهرين المؤيدين للحكومة المعروفين باسم «لجان حماية الثورة». كما يشتكي العديد من المواطنين من حالة عدم اليقين التي خيمت على تونس منذ الإطاحة بالنظام السابق، تلك الحالة التي خوفت المستثمرين والسياح ورفعت من معدل البطالة الذي وصل في عام 2009 إلى 19 في المئة ويحوم حالياً حول 17 في المئة، مع تضرر واضح للمناطق الريفية والداخلية للبلاد. هذا في الوقت الذي تواجه فيه حركة «النهضة» تهماً من شريكيها في الحكم، وهما حزب المؤتمر من أجل الديمقراطية والتكتل من أجل العمل والحريات، باحتكار السلطة، ومع ذلك قاومت الحركة أي مطالب بالتخلي عن بعض الوزارات الأساسية، كما دعا إلى ذلك الحزبان المشتركان في الحكومة. وقد وصل الإحباط في الشارع التونسي إلى ذروته في السادس من شهر فبراير الجاري، عندما أطلق مجهول النار على شكري بلعيد ليرديه قتيلًا، حيث خرج الآلاف من المتظاهرين إلى الشارع احتجاجاً على اغتيال المعارض اليساري، مع تحميل البعض مسؤولية الاغتيال لحزب «النهضة» نفسه، واليوم تناقش الأحزاب السياسية الطريق الأمثل للخروج من الأزمة السياسية المستحكمة. ففي الوقت الذي تؤيد فيه بعض أحزاب المعارضة، بالإضافة إلى حزب التكتل المشارك في الحكومة خطة رئيس الحكومة، حمادي الجبالي، تشكيل حكومة تكنوقراط، يرفض حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ومعه حركة «النهضة» هذا التوجه في مؤشر واضح على عمق الانقسامات سواء بين شركاء التكتل الحكومي، أو داخل حركة «النهضة» نفسها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©