«مارك جاكوبس» يعود لكلاسيكيات الخمسينيات

جاءت فعاليات أسبوع نيويورك لموضة خريف وشتاء 2011 /2012 التي انطلقت مؤخراً؛ مدهشـة ومختلفة لأبعد الحدود، حيث شـارك في عروضها العديد من المصــممين الكبار الذين تنافسـوا على سـرقة الأضواء وجـذب الانتبـاه لتشــكيلاتهم المبتكـرة من الأزياء، التي أرادوا من خلالها تأكيد رؤيتهم الجديدةـ لموضـة العام الجديد، وفي مقدمتهـم “مـارك جاكوبس”. (الشارقة) - اختارت بعض دور الأزياء أن تجنح بجرأة وإثارة لإدخال أفكار معاصرة وحديثة على اتجاهات الموضة العالمية للموسمين القادمين، فقد لجأ الكثير منها إلى اتباع المدرسة الكلاسيكية في التصميم، وفضل العودة إلى إيقونات الأناقة في العقود الماضية، خاصة المبدع “مارك جاكوبس” مستشفاً إيحاءات راقية، متكلفة، وغنية بالتفاصيل. عيد العشاق في الرابع عشر من فبراير حين احتفل العالم كله بعيد الحب، كان عشاق المصمم الأميركي الشهير “مارك جاكوبس” يحتفون به بطريقتهم الخاصة، حيث احتشدوا ليشهدوا معا عرضه اللافت في ولاية نيويورك، والذي قدمه في قاعة بيضاء مبطنة كلها بالوسائد المحشوة وهي ما تسمى بالـ”padded cell” والتي عادة ما تستخدم لاحتجاز المرضى ذوي الميول الانتحارية! وكأن المصمم أراد أن يصدم الجميع منذ البداية ليدخلهم معه إلى عالمه الخاص وهيأهم لمشاهدة أغرب مجموعة أزياء قدمها لغاية الآن، حيث انطلقت عارضاته الرشيقات بخطواتهن الصارمة وهن متشحات بمظهر منضبط وحاد، فارعات، فخورات، ومثيرات للنظر، فشكلن بخصلات شعورهن المسحوبة إلى الوراء وقبعاتهن المستديرة، صورة رائعة وترجمة حيّة ومعبرة لأفكار “جاكوبس” المحمومة، الذي يبدو أنه عشق موضوع مجموعته إلى درجة الجنوح في الخيال، مستغرقا في تفاصيل تنفيذها إلى حدود الإبداع. النقاط المستديرة حرص “جاكوبس” في تشكيلته لموسمي الخريف والشتاء القادمين، على استعادة موضة “Polka dots” أي النقاط المستديرة التي بدأ طرازها في الانتشار منذ أواخر القرن التاسع عشر ميلادي، مضمنا مجموعته العديد من التدرجات والظلال اللونية الداكنة، فجاءت معظم ألوانه مستوحاة من طبعات المنقط، ولكن بعدة أشكال وصور، حيث أدرج في التشكيلة الكثير من الأسود والأبيض، مع بعض الرمادي القاتم، الرصاصي الضبابي البني الشوكلاه، الأزرق الكحلي، الأحمر النبيذي، والزهري، مجتمعة كلها ضمن بوتقة واحدة وبحس متناغم ومنسجم، وكأنها لوحة فنية كلاسيكية، تلعب بها الدوائر وتحركها النقاط بأسلوب أنيق ومبتكر، فتتغير ألوانها وتتبدل بحسب اتجاه البصر واختلاف الظلال والزوايا. ثقافة البوب ثمة حنين تجلى في هذه المجموعة نحو ثقافة البوب، ولكن بطراز أكثر تكلفا وكلاسيكية، وكأن “جاكوبس” أراد أن يمنح المرأة حق الترفع والتعالي، والظهور بإطلالة تعكس الثقة الزائدة بالنفس، والسفسطائية الشديدة بالملبس، ليترك لها المجال للتعبير عن جرأتها، جسارتها، ووجودها المهم، فأظهر أفضل ما فيها وركز على إبراز كل مواطن الجمال في قوامها الرشيق، فجاءت باقته الجميلة لتتضمن عددا كبيرا من الفساتين الضيقة الطويلة والشانيل، والتايورات الأنيقة التي تصل لحدود الركبة، و بعض البنطلونات اللامعة “ستريتش”، والمفصلة جميعا بتقنية عالية الجودة وقصّات بديعة تعود بنا لزمن ما قبل الخمسينات، حيث حرص المصمم على وجود التنورات الملتصقة والمستقيمة في معظم القطع والموديلات، لتعلوها القمصان المزينة بكشاكش وبنسات مع الكثير من الياقات المرتفعة، الأكمام الواسعة، والجاكيتات المخصرة، منفذا تصميماته بخامات وأقمشة ذات ثقل وقوام، كالتفتا، البروكار، التويد، الأورغنزا، الحرير، والجلد، مع تطعيم بعض القطع بدوائر من الترتر والباييت. مكملات الأناقة شكلت الإكسسوارات عنصرا مهما في عرض “MarcJacobs” الأخير، حيث جاءت مدروسة، مقننة، وحاضرة عند اللزوم، لتكون جزءاً مكملا للمظهر العام، وكونت تناسقا منسجما مع كل قطعة وموديل، ولقد تنوعت ما بين الأحزمة العريضة التي تؤطر الخصر، والقبعات المستديرة التي تربط بشرائط حول الوجه، مع الجوارب السوداء الشفافة المرقطة التي أضافت مزيدا من الإغواء على مظهر العارضات، وأبوات قصيرة تصل للكاحل من الجلد و”الشامواه”، أما الحقائب اليدوية للموسمين القادمين فقد أراد لها المصمم أن تكون بعدة أحجام وأشكال، وأن تحمل بأساور جلدية مبتكرة وأنيقة في ذات الوقت.