الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«القلب» في قفص الاتهام

20 فبراير 2011 20:52
.. لماذا ترتبط الشجاعة بقوة القلب؟ ولماذا نصف الشخص المقدام بأن “قلبه ميت” للمبالغة في وصف شجاعته وعدم اكتراثه بالمخاطر؟ ولماذا اقترنت المشاعر والعواطف الإنسانية ـ الإيجابية أو السلبية ـ من حب وكره وود وحقد وغضب وإرادة وخوف وغير ذلك بالقلب، ولم ترتبط مثلاً بالمخ ؟ لماذا نتوجه دائماً إلى القلب إن أردنا أن نصف إنساناً بسوء، ونقول مثلاً إن “قلبه أسود”، أو أنه محب ويتسع قلبه للجميع، أو أي شيء يتصل بالوجدان، وغير ذلك من أمثال. هل لأن القلب أهم عضو في جسم الإنسان؟ فإذا كان كذلك، فلماذا نحمل القلب أيضاً مسؤولية ما يجري في مخ الإنسان، باعتباره المركز الرئيسي للمعلومات، ومخزن المعرفة، ومركز اتخاذ القرارات، ومحطة توجيه السلوك والانفعالات؟ .. فسيولوجيا، القلب مجرد عضو عضلي مجوف يدفع الدم ضمن جهاز الدوران بما يشبه عمل المضخة، مشكلا العضو الرئيسي فيما يعرف بالجهاز الدوري وأهميته وعمله ووظائفه الفسيولوجية معروفة، فهو “موتور” الجسم باختصار شديد. ما علاقة هذه العضلة بالحب؟ لماذا يقول البعض إن “الأذن والعين تعشق قبل القلب أحياناً؟ .. حاولت تفسير هذا القول على اعتبار أن المخ به موطن الحب، ويستقبل الإشارات الصوتية والمرئية عن طريق الأذن أو العين، ثم ينفعل بها المخ ثم يظهر تأثيرها على القلب، أي أن الأذن والعين هما “الوسيط المستقبِل” اللتان تنقلان جمال صورة الحبيب إلى المخ قبل القلب، لكن العين لا تحب، إنما المخ هو الذي يتخذ قراره بالإعجاب ثم يقع في شراك الحب. .. على أي حال، لايزال هناك جدل كبير بين “القناعة”، و”العقل”و”الحب”، وهناك من يقول إن الحب لا يلزمه قناعة بمن نحب، وآخرون يؤكدون أن القناعة “في المخ” قوى غير مرئية تسبق الحب. .. رغم ذلك هناك اتفاق على أن المخ هو مركز الرصانة والتعقل، بينما توجه أصابع الاتهام إلى عدم العقلانية، والعاطفة غير المحسوبة، والاندفاع، وهوس المشاعر، إلى القلب المسكين، رغم أن كل هذه الانفعالات محلها العقل. لماذا؟ لا أعرف! .. هذه أسئلة حائرة يواجهها العلماء اليوم، فبعدما نجحوا في زراعة القلب والرئتين والكبد والكلية وأعضاء أخرى مثل اليد والرجل والجلد وغير ذلك، بدأت تواجههم مشكلة كبرى لم يفكروا فيها من قبل، ألا وهي التغيرات الواضحة في سلوكيات كثير من المرضى بعد كل عملية زراعة مهما كان نوعها. .. إن زراعة الأعضاء ليست كما كان يظنها العلماء مجرد زراعة أو نقل من شخص لآخر، إنها نقل لجزء من ذكرياته وعواطفه وروحه! ولذلك فإن العديد من المشاكل تواجه العلماء بسبب تغير شخصية المريض بعد أن يتم نقل عضو جديد له. وربما يكون أوضح هذه الحالات ما حدث لشخص يدعى سوني جراهام، فقد كان رجلاً رزيناً وعاقلاً ومحباً للخير والحياة، وبعد أن أجريت له عملية نقل قلب من شخص مات منتحراً، لاحظ من حوله جملة من التغيرات عميقة والظاهرة في شخصيته ، حتى وجدوه منتحراً بنفس الطريقة التي انتحر بها صاحب القلب ! ... أمر يحتاج لمزيد من المناقشة.. وهو ما نستكمله لاحقاً. خورشيد حرفوش kho rshied.harfo sh@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©