الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المسجد الكبير في رأس الخيمة تاريخ يدونه الرواة

المسجد الكبير في رأس الخيمة تاريخ يدونه الرواة
20 فبراير 2011 20:46
يعدّ مسجد الشيخ محمد بن سالم القاسمي، الذي يطلق عليه المسجد الكبير، أحد أقدم وأكبر المساجد في مدينة رأس الخيمة، شيد هذا المسجد الشيخ سلطان بن صقر الأول في منطقة رأس الخيمة القديمة، وهو يطل من فوق ربوة مرتفعة على ساحل الخليج العربي، ويقع إلى الشمال من فريج آل علي، ويعود تاريخ تشييده إلى عام 1820 ميلادية، وفقاً لتقارير متحف رأس الخيمة الوطني. (رأس الخيمة) - قال المواطن أحمد محمد بن فضل النعيمي (81 عاماً) إنه منذ أن وعي على الدنيا قبل أكثر من 78سنة ماضية وهو يؤدي رفقة والده “رحمه الله” الصلوات الخمس في المسجد مع صلاة الجمعة، حيث كان هذا المصلى، هو الجامع الكبير في مدينة رأس الخيمة آنذاك، وكان يجمع شيوخ القواسم مع كافة أهالي المدينة، منوهاً بأن من كان يهمل أداء الصلاة، خاصة صلاة الجمعة من مختلف الأعمار باستثناء المرضى وكبار السن ومن لديهم أعذار شرعية، كان يضرب بعصي الخيزران أمام الجميع في ساحة المسجد، حيث كان الجميع يسعى لأداء الصلاة. وأوضح ابن فضل أن المسجد يمثّل الجامع الوحيد في البلدة القديمة، ويقوم المسجد على مساحة 1600 متر مربع، ويضم قاعة رئيسة للصلاة تحتلّ ثلثي مساحة المسجد، وتتسع هذه القاعة مع الرصيف الخاص بالمسجد لنحو 1000 مصلٍّ، فيما كانت تقع في جزئه الجنوبي الشرقي غرفة صغيرة، تم تخصيصها للنساء، ولا يزال المسجد تؤدى فيه الصلوات الخمس حالياً، ويقع تحت إشراف الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف. دور اجتماعي ولفت ابن فضل إلى أن الحاكم كان يلتقي مع رعيته لتدارس أوضاعهم بعد الانتهاء من الصلاة، ويتشاور معهم في الأمور كافة المتعلقة بالوطن والمواطنين. وأضاف ابن فضل أن عمر المسجد يقارب 200 سنة، وخضع خلال هذه المدة الزمنية إلى عمليات ترميم، نفذ معظمها المواطنون في الماضي حتى قيام الاتحاد، ومن ثم تم تنفيذها من قبل دوائر الإمارة المحلية، وآخرها كان قبل 5 سنوات، ونفذت بإشراف دائرة الآثار والمتاحف برأس الخيمة، حيث جمعت مختلف أعمال الترميمات بين الحداثة والأصالة من خلال استخدام الجص والحجر مع سقفه بسعف النخيل، والذي استمر على شكله البنائي حتى وقتنا الحالي، حيث تم إدخال أجهزة التكييف لتعمل بالطاقة الكهربائية مع الحفاظ على وجود “الفنارة”، وهي فوانيس الإضاءة التي كانت تشعل في الليل بالكاز في الماضي. توثيق تاريخ المسجد وفي سياق متصل، قال الدكتور حمد بن صراي أستاذ التاريخ القديم في قسم التاريخ والآثار بجامعة الإمارات، في كتابه الذي أصدره حول المسجد والذي يعد أول دراسة توثيقية من القطع المتوسط بعنوان “المسجد الكبير في رأس الخيمة تاريخ ورواية وأثر”، إن حكومة رأس الخيمة رممت في أوائل التسعينات من القرن الماضي المسجد، وأضافت 28 نافذة مقوسة على جانبيه، وإلغاء غرفة مصلى النساء، وإضافة ممر مغطّى لمقدمة المسجد، مع تغطية جدرانه الخارجية بأحجار جبلية كبديل للرخام الذي كان يعتبر المادة الأساسية في بناء المسجد. وأصبح الشكل الحالي للمسجد يضمّ 3 أبواب كبيرة تفتح باتجاه الجهة الشرقية، ويضم 60 عموداً يعلوها سقف مغطى بسعف النخيل. وأشار إلى أنه خلال القيام بالترميم اكتُشِفت ثلاث طبقات مِن الطين واللبِن تحت الجدران والأعمدة، إضافة إلى العثور على عملة عمانية قديمة قُدّر عمرها بأكثر مِن 150 عاماً، لقد تم ترميم المسجد من قِبل الشيوخ، وكان كلّ شخص من سكان المدينة يدفع قيمة 3 روبيات، والمسجد هدم أكثر من مرة، وقد كان يوضع الجريد في السقف عندما يرمم، وتوجد حصاة منحوتة بالمسجد من حوالي 80 سنة. وكان الأهالي يذهبون إلى طنب بالسفن ويحضرون الحصى لبناء المسجد. المسجد في الكتاب وأوضح أنه يجمع الرواة أنّ المسجد قديم قِدِماً لا يتذكّرونه، لأنّهم وُلِدوا وهو موجود ونشأوا وهو كذلك. ويجمعون أيضاً على أنّه كان المسجد الجامع الوحيد في البلدة وأنّه مبني في حي شيوخ رأس الخيمة، حيث كان يسكن الشيخ محمد بن سالم، وأبوه مِن قبله الشيخ سالم بن سلطان بن صقر بن راشد القاسمي، ويتكوّن المسجد من أعمدة كبيرة، وبين العمود والعمود جندل، وكلّ جندلة ملفوف عليها حبل يسمى (استعمالي)، وما زال الجندل موجوداً، والأعمدة مِن الجص موجودة أيضاً. جداره هو نفسه، ومساحته هي نفسها منذ أن بني، وقد جُلِبت حجارة المسجد من جزيرة طنب الكبرى، وحصى الجزيرة أبيض وخفيف. وتوجد مرازيب في البداية كانت مِن الفخار، والآن مِن الخشب. وكانت توجد بالقرب مِن المسجد غرفة لصلاة الفروض الخمسة، وصلاة الجمعة في المسجد الكبير، وكانت توجد بالمسجد قبّة مِن الجص عند المدخل مِن جهة اليمين، وكان يصعد المؤذن عليها ليرتفع قليلاً. ولم تكن توجد منارة أبداً في هذا المسجد. وكان الجندل يجلب من تنزانيا (من خوش شنبوني)، ويقطع الجندل الأخضر لا كبير ولا صغير ملائم وطريقة قطعه ضربة من اليمين وضربة من اليسار. وفي مكان وضوء المصلين كانت توجد طوي “خريجة” (أي مالحة) بجوار الباب، وفيما بعد أنشئت للمسجد الحمامات في الجهة الشماليّة. وكانت هناك غرفة بجوار المسجد يصلّي الناس فيها شتاء وكان لها محراب. ولم يخصص عند إنشاء المسجد أي مكان لصلاة النساء. الرواية الشفهية وكشف ابن صراي في كتابه عن عدم وجود أي إشارة أو كتابة أو نص تأسيس يدل على تاريخ بنائها، ولم تجر أي كشوف وتحريات آثارية على مثل هذه المباني القديمة. ويبقى ذكرها بين الناس بأنها مبنية منذ القدم دون معرفة سنة بنائها بالتحديد. وعلى الرغم من ذلك إلا أن الرواية الشفهية وأحاديث الناس عنها تحتفظ لنا بمعلومات قيمة يمكن للباحث في التراث المعماري وفي الكشف الآثاري الاستفادة منها وتوظيفها في سبيل تاريخ المباني التراثية. إضافة إلى ذلك، فإن الرواية الشفهية تزودنا بمعلومات معمارية غير موجودة الآن في تلك المباني، نظراً لتعرضها للتغيير أو التخريب أو الإزالة. في الوقت نفسه تقدم لنا هذه الرواية تفسيرات معقولة لبعض الإضافات البنائية في العمائر التراثية. وهذه الورقة تركز على دور الرواية الشفهية في تاريخ العمائر القديمة، واتخذنا لذلك حالة دراسية خاصة، وهي المسجد الكبير في مدينة رأس الخيمة القديمة بدولة الإمارات العربية المتحدة، الذي لم تجر عليه أي دراسة علمية ومعمارية تثبت تاريخ تأسيسه الأول والتطورات التي جرت عليه خلال مائة وخمسين عاماً. وهذه الدراسة اعتمدت على روايات ست من الرواة، كانت لهم صلة مباشرة بالمسجد. إضافة إلى مقارنة هذه الروايات الشفهية بآراء علم الآثار وكيفية نظرته إلى تاريخ المسجد وبداية تأسيسه. وكان إجراء المقابلات مع كبار السن ممتعة وأفادتنا كثيراً في معرفة كيف كان الناس ينظرون إلى المسجد الكبير وكيف تعاملوا معه. وقد شارك بعض هؤلاء الرواة في ترميم المسجد قبل خمسين عاماً، وذكروا أن عمارته وهندسته هي نفس ما عليه الآن. ولكن في السابق كان المسجد متفرداً وغير محاط بالبيوت، وكانت هناك غرفة خارجية يصلي فيها الناس في أشهر الشتاء وهي غير موجودة الآن. وأشار الرواة إلى استحداث باب صغير جهة المحراب في الناحية الغربية للمسجد، وأن هذا الباب لم يكن موجوداً قبل ستين عاماً. وحين تم ترميم المسجد في المرة الأولى جُلبت الحجارة البحرية من الجزر القريبة، وكان الناس يذهبون بالقوارب لإحضارها. وكان العمل تعاونياً بين الأهالي. وخلصت هذه الدراسة إلى ضرورة الاستفادة من الروايات الشفهية لأنها تزودنا بمعلومات غير مدونة في الكتب حول العمائر التراثية، وأكد أنه استعان بعدد من الرواة المواطنين من كبار السن في كتابه، كما استقى معلوماته من أئمة وخطباء ومؤذّني المسجد خلال السنوات الماضية. وقال الدكتور حمد بن صراي: لم تكن هناك بيوت كثيرة ملاصقة للمسجد إلا منزل المغفور له الشيخ محمد بن سالم القاسمي حاكم رأس الخيمة، والذي تحوّل حالياً لمقر مركز الدراسات والوثائق في رأس الخيمة، وبيت واحد فقط وهو بيت محمد بن عبد العزيز، الذي من ناحية بيته تم فتح باب عند المحراب. المسجد الآخر استعرض الدكتور حمد بن صراي في كتابه “المسجد الآخر” الذي كان في مدينة رأس الخيمة، وهو مسجد العريبي، الذي يعد أحد أقدم مساجد منطقة النخيل، وعمره ما يقارب 150 سنة، وهو مسجد الشيخ سلطان بن صقر، وهو قريب من قلعة العريبي المقر الصيفي لشيوخ رأس الخيمة، وكان يصلي في المسجد الشيخ محمد بن سالم بن سلطان بن صقر القاسمي وأبناؤه الشيخ حميد والشيخ كايد والشيخ عبد الله. وهو مسجد القواسم، وأمّا بالنسبة للوضوء في الماضي فلا يوجد مكان للوضوء، وأبواب المسجد منقوشة بالخشب، وللمسجد بابان فقط. وفي أيام الصيف كان المصلّون يصلّون في الدجة الخارجيّة، ولم يكن بها سقف، وكانت توجد بيوت أمام المسجد وحوله. وأضاف في وصفه للمسجد أنه كان مشيّداً من الجص ومن الحصى، وكان السقف من خشب الجندل. وكانت له منارة صغيرة وعلى شكل درجات ولم يكن فيه مكبّر للصوت آنذاك. وما كانت به إنارة، فقط الفنارة. وكانت توجد بالقرب مِن المسجد غرفة للصلاة وكانت (الدرايش) (أي النوافذ المربعة) مفتوحة، وعلى النوافذ خشب الجندل لكي لا تدخل الحيوانات. وعلى الأرض كان الناس يصلون على (الحصر)، (المداد) و(السجاجيد)، وكان مكان الوضوء طوي، وموقع البئر في الجنوب وليس في الشمال، لأن في الشمال وادي الشيخ كايد ويمرّ الوادي أمام الباب الشمالي للمسجد وتمّ ترميمه قبل خمس سنوات، وبقي الجندل في مكانه بعد الترميم، بالإضافة إلى أن الديكور والحجم لم يتغيرا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©