الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حين كان «الحصن» مركزاً للحياة

حين كان «الحصن» مركزاً للحياة
17 فبراير 2015 22:44
رضاب نهار (أبوظبي) من خلال الصور والأفلام ومقاطع الصوت، وغيرها من المؤثرات والتقنيات السمعية والبصرية، يترجم معرض «قصر الحصن» على جدرانه وفي بعض زواياه، سيرة حياة أبوظبي بالتزامن مع استعراض السيرة الذاتية لأقدم مبنى فيها. عائداً بالأحداث إلى ما قبل 7 آلاف سنة على الأقل، ليثبت التواجد البشري عند سواحل الإمارة، الشيء الذي اكتشفته بعثات التنقيب المتتالية منذ عقود. لم يكتفِ المعرض بسرد تاريخ المبنى، إنما صوّر الحياة العامة في أبوظبي والتي كان الحصن المنيع مركزها الرئيسي والفاعل. وعبر الأفلام التوثيقية التي استقبلتنا كمحطة أولى، أبرزت شخصياتها القديمة والمعتقة بذاكرة المكان، أن قصر آل نهيان، كان على مدار التاريخ قبلة للمحتاجين من كل المناطق. وذلك بالتركيز على بعض الملامح الاجتماعية السائدة في فترات سابقة من الزمن، كإثبات على ارتباط هذا المعلم والصرح الحضاري بالنمط المعيشي السائد آنذاك، وعلى قدرته في أن يشكل محور الحياة الاجتماعية القديمة في مدينة أبوظبي. وأما التجمع السكاني الأول في أبوظبي، وبالاعتماد على التسلسل التاريخي لنشأة الحصن، فوجد في العام 1761، عندما تمركز حوالي 20 منزلاً حول الحصن. بوابة إلى التاريخ ما إن ترى عن قرب، البوابة الأمامية «الرئيسية» الأصلية لقصر الحصن، حتى تأخذك إلى أبوظبي قديماً، وتجعلك تقف مطولاً وأنت تفكر، تتخيل، وتعود بذاكرتك إلى عقود مضت لتتمكن من احتضان كل التفاصيل الموجودة بين يديك. وفي مواجهة مكان وجود البوابة داخل المعرض، ثمة صور عديدة تفترش الحائط وتتنوع في مقاساتها، وجميعها توثّق بوابات القصر وتظهر بعض الشخصيات الهامة التي دخلت منها أو وقفت أمامها. الحكم من المبنى تحت عنوان «القلعة: توحيد الشعب» قدّم المعرض توثيقه البصري للجدول الزمني الذي يصنف توافد الحكام على قصر الحصن، حيث إنه المقر الرسمي لهم ولسنوات طويلة. وفي قسم خاص بالمجلس الاستشاري الوطني، وبينما نمر في المكان الذي يضم صوراً لبعض ذكرياته حين بدأ من إحدى قاعات قصر الحصن، تستوقفنا تلك الصورة التي تفترش كامل الجدار، ويظهر فيها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في إحدى خطبه المؤثرة، ونستمع كخلفية من واقع الحدث لصوته المسجل، مردداً عبارات وكلمات لا زالت محفورة في ذهن وروح الإنسان الإماراتي اليوم. كذلك تسمح الجولة في أروقة المعرض، بالتعرف على حراس القصر الذين تجسّدت مسؤوليتهم في الدفاع عن المبنى، وكان عليهم إثبات مهارتهم بالرماية من خلال إطلاق النار على الهدف أمام الشيخ شخبوط بن سلطان. ليصبحوا في وقتٍ لاحق الشرطة في أبوظبي ويتمركزون في القلعة الداخلية. عائلة القصر وللحياة في القصر سحرها الخاص، إذ تأخذنا الذكريات المتناثرة كصورٍ معلقة، في زيارة خاصة إلى داخل المكان، لنقف مع العائلة ونتقصى الدور الهام للمرأة فيها، ونقابل بعض الأشخاص الذين عاشوا وعملوا في قصر الحصن، مثل الصورة التي ظهر فيها الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان داخل المبنى في طفولته. ومن المؤثر فعلاً، أن تحاول الصور الأرشيفية في المعرض، الإضاءة على عدد من الثيمات التي كانت تتمحور في قصر الحصن، ويبرز هنا «الإيمان» ومرجعه الدين الإسلامي كجزء هام ويومي من حياة كل الذين سكنوا المبنى. وهو ما يعكس التوجهات الحاصلة اليوم نحو دين معتدل وعادل في الوقت نفسه. وكان أحد أهم المظاهر الدالة على الحياة داخل قصر الحصن، اللجوء إلى الشعر، وانتشاره بين أوساط الشيوخ. فبالصوت والصورة، جلسنا، شاهدنا واستمعنا إلى بعض الجلسات الشعرية التي كانت تدار على زمن الشيخ زايد رحمه الله. وبإمكاننا أن نتصور المواضيع والأفكار المتناولة، والتي تصب بمعظمها في روح الهوية الوطنية الأصيلة، وكيفية التعاطي السابق معها من قبل إنسان تلك الفترة. مهمة أخيرة يشير معرض قصر الحصن وفي محطته الأخيرة، إلى ضرورة الحفاظ على هذا المعلم التراثي والتاريخي، باعتباره مقراً حاضراً للذاكرة السياسية والحيوية والاجتماعية والثقافية للمنطقة. فيؤكد على عمليات التوسعة والترميم التي شهدها، بغرض الإبقاء عليه في هيئته الأصيلة. ويركز على العام 1966، المرحلة الفاصلة في تحويله لمعلم أثري يجدر بالجميع الحفاظ والإبقاء عليه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©