الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإرهاب .. أساطير وأسباب

17 فبراير 2015 21:45
بعد سلسلة الهجمات التي استهدفت مدناً غربية، دعا البيت الأبيض إلى عقد قمة حول التشدد المؤدي للعنف، خلال الأسبوع الجاري، بهدف مثالي وطَموح يتمثل في سبُل تحييد الأسباب العميقة التي قد تدفع بعض الناس للتشدد أصلًا. ولكن مع ذلك تظل هذه الأسباب عرضة لسوء الفهم والتأويل الخاطئ، فيما البرامج المعدة لمكافحة التشدد والتطرف تستهدف الجمهور الخطأ، ولذا وحتى نساعد قادة العالم الذين من المتوقع أن يشدوا الرحال إلى القمة على الفهم الجيد، علينا تبديد مجموعة من الأساطير الرائجة حول التشدد والإرهاب، ولعل أولاها مدى فهمنا للراديكاليات المختلفة، فحسب وثيقة استراتيجية الأمن القومي الصادرة مؤخراً، هناك تحذير مستمر من خطورة التشدد، حيث تشير إلى عدد من الأسباب المفضية إليه، ما قد يعني أننا على دراية بمسببات التشدد! والحال أن العوامل والأسباب المذكورة في الوثيقة قد تقف وراء كل اعتلال اجتماعي آخر، وليس فقط التطرف! وحتى محاولات الخبراء المتكررة لرسم ملامح سيكولوجية محددة للإرهابيين باءت هي أيضاً بالفشل، وكما لاحظ قبل سنوات الخبير في شؤون الإرهاب بروس هوفمان قد «يبدو الإرهابي شكلياً كأي شخص عادي آخر». وليست الأسباب المفسرة للإرهاب، التي قد تنسحب في الحقيقة على ظواهر أخرى، هي الأسطورة الوحيدة فيما يتعلق بمدى فهم التطرف وسبر أغواره، إذ هناك أيضاً ما يتعلق بردود الفعل غير الملائمة أحياناً كالإصرار مثلًا على أن يجاهر المسلمون المعتدلون بإدانة الأعمال الإرهابية التي ترتكبها قلة! فكلما حصل هجوم حمل المعلقون على عموم المسلمين لعدم قيامهم بما يكفي، وهو بالفعل ما يكررونه كل مرة سواء تعلق الأمر بمجزرة «شارلي إيبدو»، أو بظهور تنظيم «داعش» الإرهابي الذي أجمع 120 عالم دين مسلماً على استنكار أفعاله القبيحة ودحض آرائه الدينية المنحرفة. أما الأسطورة الأخرى فهي التي تقول إن العلاج الأمثل للإرهاب والتطرف هو التركيز على التنمية الاقتصادية والتعليم، فقد يبدو منطقياً أن يكون الأفراد الأكثر فقراً والأقل تعليماً هم أكثر عرضة للتشدد والتأثر بالأفكار الدينية المتطرفة، وهو الرأي الذي يعتنقه المحللون المحافظون كما الليبراليون، ولذا كان تصريح الرئيس السابق جورج بوش بأنه تجب مكافحة الفقر «لأن بعث الأمل في نفوس الناس هو الضمان لعدم حدوث الإرهاب». وهي الخلاصة ذاتها التي وصلت إليها أيضاً لجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر. ولكن بإمعان النظر أكثر يتبين خطأ هذه المقولة، ذلك أنه في العالم يعيش مليارات الناس ممن يكابدون الفقر وضيق الحال، كما أن التمييز والجهل واسعا الانتشار، ومع ذلك القليل منهم هم من يقوم بعمليات إرهابية، أو يتطرف. وإذا كانت المدارس الدينية في باكستان قد تُخرج الإرهابيين، فكذلك الأمر بالنسبة للمدارس غير الدينية، بل حتى للجامعات الغربية، ولا ننسى أن حملة شهادات في الطب والهندسة، مثل أيمن الظواهري نفسه، انخرطوا في أعمال إرهابية. وفيما يكتسي دعم التعليم وفتح آفاق اقتصادية أمام الناس أهمية كبرى، إلا أنه ليس أيضاً هو السبيل الوحيد لمكافحة التطرف والإرهاب، وبدلًا من البحث عن الأجوبة الكبرى والأسباب العميقة يتعين الالتفات كذلك إلى بعض الأمور الصغيرة لأن مشكلة التطرف في الغرب تلامس نسبة ضئيلة من الناس، ولذا يتعين التركيز على الجماعات ذات الخطورة العالية من المسلمين وغير المسلمين مثل السجون التي يمكن أن تتحول إلى حاضنات للإرهابيين، وضمان ألا يسيطر المتشددون على عملية الإرشاد الديني خلف القضبان. وأيضاً وضع برامج لكبح استقطاب الإرهابيين. والأهم من ذلك استهداف من سمّاهم خبير الإرهاب «ويليام ماكانتس» بـ«المتعاطفين الكامنين مع الإرهابيين»، الذين يعتنقون الأفكار المتشددة في وسائل التواصل الاجتماعي ويبقى احتمال انضمامهم إلى جماعات إرهابية كبيراً. دانيال بايمان * * مدير الأبحاث بمركز سياسة الشرق الأوسط بمعهد «بروكينجز» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©