الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شبه الجزيرة الكورية··· وكرة واشنطن من جديد

شبه الجزيرة الكورية··· وكرة واشنطن من جديد
16 ابريل 2008 00:14
لم يصل التلاسن بين الكوريتين إلى الحد الذي وصله اليوم منذ أن قامت كوريا الشمالية بتجربةٍ نووية في أكتوبر ،2006 ففي الأسابيع القليلة الماضية، وصفت وسائل الإعلام الكورية الشمالية التي تديرها الدولة الرئيسَ الكوري الجنوبي الجديد ''لي ميونج باك'' بـ''الذليل المتملق للولايات المتحدة'' و''المخادع'' و''الخائن''، وحذرت ''الجنوب'' من أن لـ''الشمال'' القدرة على ''تحويله إلى رماد''، وبموازاة مع ذلك، حلقت المقاتلات الكورية الجنوبية فوق المنطقة منزوعة السلاح، وأطلقت ''بيونج يانج'' صواريخ قريبة المدى على سبيل الاختبار من سواحلها الغربية، وقد وصف العديد من المراقبين أعمال ''الشمال'' باعتبارها تصرفات نظامٍ معزول خطير وغير عقلاني، ورغم أن جنون كوريا الشمالية خطير ويثير الغضب، إلا أن له أسلوبا، ولفهمه، على المرء أن يبدأ مما يجري في سيئول· ففي أواخر فبراير الماضي، أصبح ''لي''، وهو رجل أعمال محافظ تحول إلى سياسي، رئيسا لكوريا الجنوبية عقب عقد من الدفء بين ''الشمال'' و''الجنوب''، حيث كان سلفاه الليبراليان ''كيم داي جونج'' و''رو مو هيان'' قد انتهجا ''سياسة الشمس المشرقة'' تجاه كوريا الشمالية، والتي تقوم على الإشراك الدبلوماسي والتعاون الاقتصادي والمساعدات الإنسانية بدون تقييدها بشروط، غير أن ''لي'' الذي كان يرى بأن الإشراك قائم من جانب واحد فقط، اقترح تغييرا جوهريا، فتعهد بِرهن مزيدٍ من المساعدات والتعاون الاقتصادي بـ''تحرك مماثل'' من جانب الكوريين الشماليين بخصوص الموضوع النووي· وأثبتت الأيام أن ''لي'' أوفى بما قطعه على نفسه من تعهدات، فنددت بلاده بسجل كوريا الشمالية في مجال حقوق الإنسان، ثم أعلن قائد هيئة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية أن ''الجنوب'' سيدرس إمكانية شن ضربة استباقية للمنشآت النووية الكورية الشمالية في حال أصبحت تشكل تهديدا عسكريا، ولكن بالنسبة للكوريين الشماليين، مثلت هذه الأعمال خيانة دبلوماسية، فبدأ الرد بشكل فوري تقريبا، حيث هددت بيونج يانج في التعليق نفسه الذي ندد بالرئيس ''لي'' قائلةً: ''إنه الأسلوب التقليدي لقواتنا المسلحة الثورية، أن نرد على النار ونتصدى لأي خطوات متشددة بأشد الطرق''· والواقع أن رد الفعل هذا لم يكن مفاجئا تماما، فعلى مدى سنوات عديدة، تبنت كوريا الشمالية استراتيجية السن بالسن، حيث كانت تستجيب بشكل إيجابي لمحاولات الانفتاح التصالحية، وبشكل قوي وشديد للضغوط، حتى تُبين أنها لن تخضع لمحاولات الإكراه، وأنها قوية بما يكفي حتى تفرض احترام المجتمع الدولي وانتباهه، فعلى سبيل المثال عندما فرض مجلس الأمن الدولي العقوبات على ''الشمال'' على إثر اختبار الصواريخ الذي أجراه في ،2006 تحدت ''بيونج يانج'' المجتمعَ الدولي واختبرت قنبلةً نووية في الشهر نفسه، وبالمقابل، عندما تخلت إدارة ''بوش'' بعد أقل من شهر على ذلك، عن سياستها السابقة عبر عقد اجتماعٍ ثنائي ووعدٍ بحل نزاع حول ودائع مالية كورية شمالية مجمدة في ''ماكاو''، وافقت ''بيونج يانج'' بسرعة على العودة إلى المحادثات السداسية حول الموضوع النووي، وبعد أقل من أربعة أشهر، تم التوصل في فبراير 2007 إلى اتفاق لإنهاء البرنامج النووي· ويدخل رد ''بيونج يانج'' على التصريحات القوية الصادرة عن ''سيئول'' وبخاصة التهديد بضربات استباقية، في هذا الإطار، وهو ما علق عليه مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأميركية متخصص في الشؤون الكورية بالقول: ''لديك جنرال كوري جنوبي بأربع نجوم يتحدث حول ضربات عسكرية استباقية، فما الذي يفترض أن يفعله ''الشمال'' غير ذلك''، يأتي هذا التصعيد بين الكوريتين تزامناً مع زيارة الرئيس الكوري الجنوبي إلى ''واشنطن'' التي بدأت يوم أمس، وتصل فيه المفاوضات الكورية الأميركية حول الموضوع النووي الى مرحلة حساسة جدا، فعلى مدى أشهر، سعت واشنطن ''وبيونج يانج'' إلى تنفيذ اتفاق فبراير ،2007 الذي التزم ''الشمال'' بمقتضاه بتعطيل منشآته النووية وتقديم كشفٍ كامل لمواده النووية مقابل الوقود ومساعدات أخرى ووعدٍ أميركي بإنهاء العقوبات، وحُدد الحادي والثلاثين من ديسمبر 2007 موعدا لتحقيق هذه الأهداف· غير أنه بعد مرور أربعة أشهر تقريبا، يعاني الجانبان اليوم الإحباط بشكل متزايد، ومع ذلك، ورغم الخطاب القوي تجاه ''سيئول''، إلا أن كوريا الشمالية كانت حريصة على إعادة التأكيد على رغبتها في نسج علاقات أفضل مع ''واشنطن''، حيث أعلن ''الشمال'': أنه سيحافظ على أبوابه مفتوحة أمام الولايات المتحدة، وهو بلد معاد، من أجل تحسين العلاقات معها، ومن جانبه، يحرص الرئيس ''بوش''، على تفادي مواجهةٍ جديدة وتأمين اتفاق بخصوص البرنامج النووي، غير أن الموقف المتشدد للحكومة الكورية الجنوبية الجديدة يهدد بتقويض هذا الهدف· ولذا فإن الكثير يتوقف على لقاء ''لي'' مع ''بوش''، ففي مؤشر على حسن النوايا، دعا البيت الأبيض ''لي'' إلى ''كامب ديفيد'' وهو امتياز رفض أن يمنحه لسلفيه رغم الطلبات المتكررة، ومما لا شك فيه أن التوتر بين ''سيئول'' و''بيونج يانج'' يُعقد هذه المساعي الدبلوماسية، غير أن تهديد ووعيد ''الشمال'' أعاد الكرة إلى ميدان الولايات المتحدة-كوريا الجنوبية، وبالتالي، فإن صياغة رد يحافظ على المفاوضات النووية والتقارب ''الشمالي''-''الجنوبي'' على طريقهما مرهون بـ''لي'' وبوش - وإلا فإنهما سيجدان نفسيهما أمام وضع خطير بشكل متزايد في شبه الجزيرة الكورية· مايك تشينوي زميل مجلس المحيط الهادي للسياسة الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©