الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كتاب «الخمسون سنة المقبلة» يتنبأ بظهور أطفال «حسب الطلب»

كتاب «الخمسون سنة المقبلة» يتنبأ بظهور أطفال «حسب الطلب»
27 مارس 2010 22:15
“الخمسون سنة المقبلة” كتاب جمعه جون بروكمان ونقلته إلى العربية فاطمة غنيم، يستشرف آفاق المستقبل خلال نصف القرن القادم ،عبر رؤى ونظريات طرحها نخبة من العلماء في مختلف العلوم، وجاءت هذه الرؤى وتلك النظريات ضمن عدة مقالات نشرت في دوريات علمية وصحف عالمية، أولت اهتماماً كبيراً بما ستكون عليه الحياة في كوكب الأرض في المستقبل القريب. المقالات الواردة بين دفتي هذا الكتاب ليست مجرد مناقشات هامشية للثقافة عتيقة الطراز، فالعمل الذي قامت به هذه الجماعة من العلماء يركز على التطورات التي تؤثر في حياة جميع الناس على ظهر هذا الكوكب، خاصة في مجالات صارت محل جدل ونقاش في مختلف وسائل الإعلام، والأوساط العلمية، ومنها قضايا الاستنساخ، وأبحاث الخلايا الجذعية، وسلسلة الجينوم البشري، والذكاء الاصطناعي، وعلم الأحياء الفلكية. مخلوقات ذكية ويشير جون بروكمان إلى أن أهم ما يميز هذه المجموعة من المقالات أنها كتبت بطريقة يستطيع القارئ صاحب الخلفية التعليمية العامة الاستفادة منها، كونه يستطيع اللحاق بالركب، والنظر بعيون أفراد هذه الجماعة وهم يتناولون قضايا الساعة. في بداية الكتاب يحدثنا العالم الفلكي مارتن ريز عن واحد من أهم التحديات الكونية التي تواجه البشر طارحاً سؤالا: هل نحن وحدنا، وأين؟ يقول ريز، إن أهم التحديات الاستكشافية في الخمسين سنة المقبلة في العلوم الطبيعية، يتمثل في البحث عن أدلة قوية تؤكد أو تنفي وجود مخلوقات ذكية خارج الكرة الأرضية. ويضيف: في اعتقادي أنه بحلول سنة 2050 ستكون مفاجأة إن لم نفهم كيف بدأت الحياة على الأرض، سنكون حينئذ قادرين حتى دون أدلة خارج أرضية مباشرة على تفسير نشوء حياة من نوع أساسي ما على أسطح الكواكب الأخرى، وهو ما يستدعي ظهور سؤال آخر، قد تصعب الإجابة عليه، ألا وهو لو أن حياة نشأت في احتمالات عدم تطورها إلى شيء ندركه على أنه ذكي؟ في معرض رده على هذه التساؤلات يلفت ريز إلى أن عمليات البحث عن وجود حياة في مكان آخر في مجموعتنا الشمسية ربما تكون مكتوب عليها الفشل، وسيكون هذا ببساطة محبطاً نوعاً ما، ومع ذلك فالفشل لا يعني بالضرورة أنه لا توجد صور أخرى من الحياة الذكية، بل ربما تكون هناك حيوانات تأملية متفوقة، ولا تفعل شيئاً لتكشف عن وجودها. الرئيسات الأول من ناحية أخرى فإن ذلك كما يؤكد مارتن ريز سيعظم احترامنا لذاتنا كونياً، إذا كان كوكبنا الأرضي الصغير موطناً فريداً من نوعه للحياة الذكية، ففي هذه الحالة سننظر إليه - من صفين- من منظور كوني أقل تواضعاً مما كان يستحقه لو كانت المجرة تعج بصور الحياة المعقدة، حيث يمكن أن ننظر إلى الأرض كـ “بذرة” تنتشر الحياة منها في أنحاء الفضاء، إن متسعاً من الوقت أمامنا، فالمجرة بأكملها والممتدة على مسافة مائة ألف سنة ضوئية يمكن تخضيرها في زمن أقل مما استغرقه تطورنا من الرئيسات الأول (الرئيسات: يقصد به رتبة من الثدييات تشمل البشريات والفرديات والليموريات، والأخيرة يقصد بها السلالة الجينية الأكثر ملائمة لتحديات الغابة ومخاطرها). يضيف مارتن ريز تبعاً لرؤيته، عندما تفنى الشمس ستكون قد أنفقت 5 مليارات سنة أخرى، أي أطول خمس مرات مما استغرقه الانتخاب الطبيعي كي ينتقل من الكائنات الدقيقة إلى الغلاف الحيوي الحال للأرض ومن بينه نحن. خلال تلك الدهور يمكن أن تحدث قفزات كمية أكبر يمكن فعلاً أن تكون التغيرات المستقبلية أسرع بكثير لو تم توجيهها صناعياً، بحيث تحدث في إطار زمني ثقافي أو تاريخي ولا يمكننا التنبؤ بماهية الدور الذي ستتخذه الحياة في النهاية لنفسها، فربما تنقرض أو ربما تحقق الهيمنة بحيث تؤثر على الكون بأكمله، وهذا الجزء الأخير هو مجال الخيال العلمي، ولكن لا يمكننا نبذه باعتباره عبثاً. مخ الخنزير والجولف ومن احتمالية وجود عوالم وكائنات أخرى لينتقل الحديث إلى العقول وإمكانية استخدامها، وذلك وفقاً لرؤية مارك دي. هاوزر العالم المتخصص في علم الأعصاب الإدراكي والأستاذ في قسم علم النفس وبرنامج العلوم العصبية بجامعة هارفارد الذي يقول: بإمكاننا هذه الأيام زرع قطعة من مخ السمان، في مخ دجاجة، فتحني رأسها كسمّانة، ولكنها تصبح كدجاجة، رجل سبعيني مصاب بالشلل الرعاش، وقعيد كرسيه المتحرك. تزرع مخه قطعة من مخ خنزير، فيتوجه من فوره لممارسة الجولف دون أن أثر للقطعة الخنزيرية المزروعة له. ويؤكد هاوزر أن هذا الأمر ليس ضرباً من الخيال العلمي، بل حقيقة علمية، إذ يمكننا اليوم تبادل الأنسجة المخية، ليس فقط بين أفراد النوع نفسه بل بين الأنواع المختلفة، وبعد 50 سنة من الآن سيكون علم الأحياء العصبي قد أحدث ثورة في فهمنا للمخ وتلافيفه خلال مراحل النمو، وكيفية نشوئه على مر الزمن. ومع اتساع المعرفة بالمخ أكثر وأكثر، سنعرف في النهاية مزيداً من المعلومات عن الحياة من منظور الأنواع الأخرى، غير أن العواقب العلمية والأخلاقية لهذه الثورة موضع تأمل اليوم. من أجل مزيد من التوضيح لموضوع “عقول يمكن استبدالها” هناك تجربة رائعة أعطت نتائج مذهلة في دنيا علوم الأعصاب، حيث تمكن اختصاصي علم الأحياء العصبي ميجيل نيكوليليس وزملاؤه من تسجيل تفريغ الشحنات الكهربية لمئات الخلايا العصبية (NE RONS) من مخ نسناس البو (QWI MONKEY)، واستخدام الإشارة في تحريك ذراع روبوت (ROBOT). عواقب أخلاقية في هذا الإطار يشير هاوزر إلى أن هذا الشيء قد يبدو مختصاً بتصنيع الآلات دون غيرها، لكن حقيقة الأمر لست كذلك، لأنه يظهر أننا نستطيع في مرحلة ما إدراك الشفرة العصبية وفهم كيفية تأثيرها في السلوك، ويمكن تخيل أننا نستطيع تنزيل إشارات الخلايا العصبية من أي حيوان وإنشاء ما يشبه مكتبة على قرص صلب تحتوي على أفكارها أثناء تفاعلها مع العالم. وقتها نستطيع قراءة تفكير الحيوان وهو يأكل، وينام، وينظف نفسه، ويتواصل مع الآخرين، وأن يكون لدينا في مرحلة معينة فهم عميق لما يكون عليه حالنا، لو كان مكان هذا الحيوان. هنا يؤكد في غضون السنوات الخمسين المقبلة التكنولوجيا اللازمة، معرفة الكثير عن المخ البشري، ومخ المخلوقات المفكرة الأخرى، غير أن ما يسترعي الانتباه هو أن تكنولوجيتنا تنطلق منا إلى عوالم مجهولة ذات عواقب أخلاقية غير واضحة، فإذا استبدلنا بعض أجزاء المخ، أو فعّلنا عمل الجينات أو أبطلناه، فمن سيكون مسؤولاً عن العواقب؟ العالم؟ الطبيب، الحيوان الذي استخدم جزء منه ليتمتع إنسان ما بحياة أفضل؟ وإذا ما تمت الموافقة على أبحاث الخلايا الجزعية، وأمكن زرع مختلف أجزاء المخ، فهل ينبغي أن يتمكن أي إنسان من إجراء عملية استبدال؟ وبناء على ما سبق يعود كاتبنا ليشدد على أنه إذا ما أريد للعلم أن يستفيد من الطاقة الإبداعية للمساهمين فيه، فلابد أن يدعم المناخ الفكري عمليات الاستشكاف الراديكالية والخطيرة، ومع ذلك يجب أن يدرك العلماء أيضاً العواقب الأخلاقية المحتملة لأفعالهم، وهذه تتضمن بالضرورة دراسات أكثر دقة على غير البشر. جينات السعادة وهناك واحدة أخرى من أهم القضايا التي ستكتسب أهمية محورية في السنوات الخمسين المقبلة، تتمثل في كيفية استخدامنا لقدرتنا على التحكم في التركيب الجيني للنوع البشري، وعلاقة ذلك بمستقبل السعادة، في ذلك يقول ميهالي تشيكسنتميهالي، رئيس قسم علم النفس في جامعة شيكاغو،: في الماضي استخدم أسلافنا طرقاً بدائية للانتخاب الوراثي بغية تحديد أنواع الأطفال الذين يعيشون حتى عمر التناسل، أما الآن فنحن أُهدينا هدية يكتنفها الشك تتمثل في الوصول إلى الهدف نفسه بسلطان العلم. في الوقت الراهن يوجد فرعان من أكثر فروع العلم البشري حيوية، وهما علم الوراثة السلوكي، وعلم النفس النشوئي، وهاتان المتقاربتان ترجحان الكفة لصالح الطبيعة في تشكيل سلوكنا وأفكارنا وعواطفنا خلافاً للتميز إلى التعلم الذي رأيناه في القرن الماضي. ويؤكد ميهالي على أن هذا الاتجاه سيتعاظم بدرجة هائلة في الخمسين سنة المقبلة نتيجة التقدم في علم الوراثة، وعلى الرغم من قلة عدد السمات المهمة التي يحتمل اعتمادها على نشاط جين بعينه أو بضعة جينات فإن بعض المهندسين الوراثيين واثقون من أن “عهد الأطفال حسب الطلب” بات في متناول اليد. وبحسب اختصاصي علم الوراثة السلوكي، الذين يدرسون التوائم المتطابقة أو غير المتطابقة الذين يربون معاً أو مفترقين، فإن ما لا يقل عن خمسين في المئة من السعادة يورث جيناً، ولذلك يفترض أننا سنتمكن في العقود المقبلة من زيادة احتمال سعادة أولادنا بواسطة الهندسة الوراثية فهل سنصنع لهم معروفاً باغتنام هذه الفرصة؟ هل سيستفيد المجتمع والنوع ككل من مثل هذا الاختيار. يلفت ميهالي إلى أنه عند تأمل ماهية أجوبة هذه الأسئلة يمكن البدء باستعراض القليل مما نعرفه عن السعادة الموّرثة خلال النصف قرن المقبل. عالم جديد ومع باقي المقالات التي لم يسبق نشرها يقدم جون بروكمان كوكبة متألقة من علماء العالم أصحاب الرؤية العميقة، يطرحون أفكارهم حول ما سيشهده مجال علوم التكنولوجيا من تقدم ملموس يمكن أن نلحظه في جميع مناحي حياتنا. على سبيل المثال هناك الطيبة النفسية نانسي إتكوف التي تتعرض بالتفسير إلى الأبحاث الجارية على صنع إكسسوارات تحس بانفعالاتنا، وتستطيع قياس أحوالنا المزاجية ومن ثم تخبرنا بموعد تناول الحبة المضادة للاكتئاب، وكذلك عالم الأحياء النشوئية ريتشارد داوكينز الذي يدرس احتمال تمكننا سريعاً من الحصول على نسخة مطبوعة من الجينوم تتنبأ بنهايتنا الطبيعية وذلك بتكلفة تساوي تكلفة إجراء أشعة سينية على الصدر، فضلاً عن مجموعة من الأفكار والنظريات الرائعة التي يحفل بها هذا الكتاب متحرياً الامكانيات العملية للمستقبل القريب، وما يصحبه من تداعيات اجتماعية وسياسية قد تتمخض عنها تطورات العالم الجديد الغريب المقبل. الكون العظيم يقف البحث عن حياة على كواكب غير الأرض واثقاً على عتبة النجاح. وتتوقف أشياء كثيرة على النتيجة: لأن البحث عن الحياة في مكان آخر بمثابة بحث عن أنفسنا أيضاً.. من نكون؟ وما موقعنا في هذا الكون العظيم؟ فإذا كانت الحياة عبارة عن مصادفة كيميائية كبيرة اقتصرت على ركننا الصغير من الكون، والكائنات الذكية - التي هي نحن - فريدة من نوعها، فإن صيانتنا المسؤولة لكوكب الأرض تزداد أهمية. أما إذا تمكّنا من العثور على نشوء ثان، فسوف يحدث ذلك تحولاً إلى الأبد في علومنا وديننا ونظرتنا للعلم. إن الكون الذي تتسم فيه قوانين الطبيعة بالتواؤم مع الحياة هو كون تُعدّ الحياة فيه خاصية أساسية وليست عارضة. إنه كون يمكننا أن نشعر فيه بالأمان بكل ما في الكلمة من معنى. إنترنت في المخ! على مدى العشر إلى العشرين سنة المقبلة، سيحدث تحول ثقافي، إذ سنستخدم تكنولوجيا الروبوت والسليكون والفولاذ في أجسامنا، لتحسين ما يمكننا فعله وفهمه في هذا العالم، وربما يقرر غير العميان تركيب جهاز حسّاس للأشعة تحت الحمراء أو الأشعة فوق البنفسجية في إحدى عينيهم. أو يمكننا جميعاً تثبيت وصلة إنترنت لاسلكية مباشرة في المخ، على الرغم من عدم معرفتنا حتى الآن كيف ستكون صفحات الويب التي سنستعرضها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©