السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضوء في نهاية النفق

25 فبراير 2014 00:34
عبدالله عبيد حسن كاتب سوداني مقيم في كندا يبدو أن هناك بصيصاً من النور في نهاية النفق السوداني المظلم، فقد أعلنت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» و«حزب المؤتمر الوطني» (كل على حدة) أنهما سيبدآن التفاوض في أديس أبابا برعاية الاتحاد الأفريقي ممثلاً برئيس الآلية الخاصة، «ثابو مبيكي» الذي ظل يقوم بدور الوسيط الدائم في المفاوضات السودانية، علماً بأن التفاوض بدأ لكنه تعثر. من جانبها أعلنت الخرطوم أن وفدها للمفاوضات قد تشكل برئاسة الدكتور إبراهيم غندور مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني، وأعلنت «الحركة الشعبية» أن وفدها سيكون برئاسة ياسر عرمان أمين عام الحركة، وقالت إنها أجرت مشاورات واسعة مع الجبهة الثورية والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، اتساقاً مع رؤيتها الملتزمة بالحل الشامل لإعادة هيكلة الدولة السودانية وتعريفها على أسس جديدة قائمة على المواطنة وبناء دولة ديمقراطية بمشاركة كل القوى السودانية. وقالت الحركة إنها قررت الاستعانة بخبراء يمثلون كافة القوى السودانية ومنظمات المجتمع المدني، وأكد عرمان أنهم أبلغوا الوساطة الأفريقية بقرارهم الاستعانة بخبراء من كل الألوان والمدارس السياسية حتى يكون طرح القضية بشكل قوي. هنالك اليوم متغيرات «درامية» في مواقف «المؤتمر الوطني» ورؤيته للأزمة الخانقة التي تحيط بالوطن، فمن ناحية هنالك خطاب الرئيس البشير الذي دعا فيه كل القوى السياسية للمناظرة والحوار حول «الوثبة المتطلعة»، والذي رأت فيه بعض القوى المعارضة أنه لم يخرج عن العموميات. لكن مهما قيل عن خطاب البشير فإنه يعطي مؤشراً عن المتغيرات الدرامية الجارية الآن تحت السطح. فهل هذه المتغيرات في مواقف ورؤى ما تبقى من جماعة «الإخوان المسلمين» في السلطة برئاسة البشير جادة وملتزمة أم أنها إحدى مناوراتهم المعروفة؟ في رأيي أن هناك أسبابا ودوافع موضوعية تدعو المجموعة الحاكمة إلى التوافق مع معارضيهم للخروج بحل توافقي تطمح أن يسمح لها بالخروج من الجب العميق الذي أدخلت فيه نفسها ومعها الوطن. فالسلطة الحاكمة وصلت مرحلة لم ولن يعود معها الاستمرار في طريق «الإنقاذ» الذي سارت عليه ربع قرن من الزمان. لقد تكلست يد السلطة القوية القابضة واسترخت قبضتها بفعل تراكم الفشل وما قاد له من إفلاس سياسي ومالي. إن ما يجري في السودان هو بعض السيناريو الذي طرحه معهد السلام الأميركي في وثيقته المنشورة في أغسطس الماضي وغايتها أن يتحقق هبوط ناعم للرئيس ورفاقه يسمح لهم بالمشاركة في صناعة مستقبل السودان وفقاً لرؤية مؤلفي الوثيقة التي هي في حقيقتها مشروع الإدارة الأميركية للسودان. قد تستجد متغيرات تستدعي بعض التعديلات على السيناريو، لكن يظل الجوهر باقياً. وقد أكد عرمان أن ما تسعى له حركته هو «أن نجعل اتفاقية 28 يونيو التي عرفت (اتفاقية نافع -عقار) التي أجهضها المؤتمر الوطني»، منصة انطلاق للحل الشامل وأن نصل بجولة المفاوضات هذه إلى خريطة طريق يتعرف فيها المؤتمر الوطني بالأزمة السودانية الشاملة، وأن يعترف أيضاً بطريق حل الأزمة من وقف الحرب وإلغاء القوانين التي تنتهك حقوق المواطنة وتكوين حكومة انتقالية والتوجه للمؤتمر الدستوري.. فإذا كانت الحكومة جادة وراغبة في الحل الشامل سنوافق على ذلك، وإن لم توافق وأرادت حلا جزئياً مع الحركة الشعبية فهذا لن يكون أبداً». وحسب علمي فإن هذا الموقف الاستراتيجي الذي أعلنه عرمان قبل أن يدخل قاعة التفاوض، هو الرأي الذي استقر عليه رأي الحركة الشعبية بعد قراءة دروس مرحلة المفاوضات التي انتهت إلى نيفاشا والتي قادت البلد وسياسة المؤتمر الوطني إلى هذه الأزمة الخانقة التي يعيشها السودان الآن. إن حالة الضعف والوهن التي تراكمت على السلطة الإنقاذية إلى عدم قدرتها على الاستجابة للمطالب لعسكرها المتشددين لأنه لم يعد من سبيل مع الانهيار المالي والاقتصادي الجاري الذي سيشتد في الأشهر القادمة، تدفع الرئيس ورهطه إلى الاستجابة إلى نصائح الناصحين ويأمل في وعودهم برفع الحصار الاقتصادي والسياسي المفروض عليه. ولا شك أنه سيطلب من المفاوضين الموافقة وتأمين فتح ممرات آمنة لإيصال العون الإنساني لأهالي المناطق التي مستها الحرب. وعندئذ سنتأكد من صدق وجدية الحكومة، وعندما يتحقق فتح الممرات الآمنة ويتقدم المفاوض الشعبي بأجندته التي أعلنها بوضوح شديد، سيتبين للجميع هل هم سائرون على طريق الخروج من النفق المظلم أم نحو الأعماق أكثر فأكثر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©