الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كُتّاب فرنسيون: طبيب يداوي «التطرف»

27 ابريل 2016 03:35
جبريل جالو- باريس ابن رشد هو رمز الانفتاح بين الشرق والغرب. ولا أدل على ذلك من حضوره القوي في الجامعات الأوروبية وفي الإعلام الثقافي الذي لا يكاد يمر فيه يوم واحد إلا ويذكر فيه أكثر من مرة. وفي الجامعات الفرنسية مثلا مئات الباحثين المختصين في أعمال ابن رشد وتجربته وفلسفته ونحن في حاجة لهؤلاء الباحثين لأننا بحاجة «لابن رشد». يقول الدكتور أفدريك لونوار، فيلسوف فرنسي ومؤلف أكثر من 40 كتابا، في إجابة على سؤال «الاتحاد الثقافي»: لماذا ابن رشد اليوم؟ إن الفيلسوف الكبير ابن رشد، المعروف في الغرب باسم «أفرووَس» هو أهم وأكبر فيلسوف تناوله فلاسفة القرون الوسطى، ويحظى ابن رشد باهتمام كبير في أوروبا، فعلى سبيل المثال دَرَسَ كل من «ألبيرت لقرانه» و«توماس دكنه» ابن رشد بعناية كبيرة، واهتم الفلاسفة الغربيون بترجمة ابن رشد لأرسطو، وقد تناولت الجامعات «الكتلوكية» مؤلفات ابن رشد منذ القرون الوسطى، وكما يقول بعض الفلاسفة المعاصرين فإن ابن رشد لم يغب عن سماء الفلسفة والمنطق في أوروبا منذ أكثر من 500 سنة، وذلك تأكيدا على مكانته وحضوره واستمرار الاهتمام بأعماله وهو أمر نشهده كل يوم في الجامعات والإعلام والمنتديات الفكرية والفلسفية. وقد ساهمت أعمال ابن رشد في نشأة تيارات فكرية كبيرة في الغرب من أهمها La scholastique حيث إن هذا التيار القائم على استقلال الحقيقة والمطلق والمنطق عن الإيمان يُسهل بشكل الكبير الحوار بين الأديان والثقافات من خلال الجامعات وسروح المعارف. ومن المهم أن تحمل تظاهرة ثقافية كبيرة مثل «مهرجان أبوظبي الدولي للكتاب» اسما لامعا في عالم المعرفة مثل ابن رشد. وذلك لتوفر أسباب كثيرة تجعل من ابن رشد شخصية تبقى خالدة وحاضرة في العالم شرقه وغربه، خصوصا لارتباط اسمه بموطنه ومسقط رأسه ودلالات ذلك التاريخية، في فترة كان فيها الحوار بين الأديان السماوية في مرحلة يمكن وصفها بالذهبية. وهو الحوار الذي نحتاج إليه اليوم في عالمنا بين الديانات السماوية. ومن الأسباب التي خلدت ابن رشد وفسلته إضافة إلى التراجم التي قام بها هو أنه اعتمد على «المنطق» لتأويل النصوص المقدسة، وهو منهج يمكن استخدامه اليوم لمكافحة المتطرفين الذين يعتمدون تفاسير خاطئة وقاصرة النظر وغير دقيقة للنصوص المقدسة. ذلك أن التيارات المتشددة في العالم الإسلامي مثلا تعتمد تفاسير وتأويلات «حرفية» للقرآن الكريم وللأحاديث النبوية. باختصار ابن رشد يمثل جسرا بين الماضي والحاضر وبين الشرق والغرب، كما أنه مدرسة للانفتاح خالدة . أما دولفين روش رئيسة منظمة ابن رشد الثقافية، فتقول: ابن رشد هو أحد كبار مترجمي الفلسفة اليونانية، ولم تكن الفلسفة اليونانية لترى النور بالقدر الذي حظيت به لولا ترجمة ابن رشد، وهو فوق ذلك كله جسر حضاري بين الغرب والشرق وبين المغرب وأوروبا وبين الإسلام والعلمانية، ومن هنا تتعاظم أهمية ابن رشد في عالم تسكنه الحواجز والخوف من الآخر ورفضه. فابن رشد هو همزة وصل بين ثقافات وحضارات مختلفة لكنها في الحقيقة متكاملة وكل منها في حاجة للآخر. ولذلك اخترنا اسم ابن رشد لنُطلقه على منظمتنا الثقافية، لأنه رمز للمعرفة والانفتاح، وهو أحد رموز الأندلس في فترة تعايشت فيها الديانات المختلفة. ولذلك فإن منظمتنا الثقافية تسعى إلى نشر تعليم اللغة العربية والقيم التي حملها ابن رشد، والتي من بينها التعايش والتسامح، وبذلك فنحن نحارب الآراء العدوانية ضد الإسلام والمسلمين لأنها أفكار عدائية معلبة وجاهزة تنثر الكراهية ضد الآخر فقط لأنه مختلف. لذلك علينا جميعا من أبوظبي إلى باريس ومن كل عاصمة حول العالم أن نهزم حاجز الخوف، ونمد أيدينا للانفتاح على الأديان والثقافات وهذه بالنسبة لي هي مدرسة ابن رشد، ونحن تلاميذها و رُوادها، وسنظل أوفياء لها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©