الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

العمالة الأجنبية في لبنان تواجه صعوبات

العمالة الأجنبية في لبنان تواجه صعوبات
19 فبراير 2012
بيروت (رويترز) - يعبرون جسورا للحياة.. يخافون جوعا في بلادهم الفقيرة.. فيدركهم قدرهم في غربة عن ترابهم.. يلهثون وراء العيش في لبنان وإذ بأنفاسهم تخطف مرة في السماء ومرات تحت الأنقاض.. تضيع رفاتهم في مياه البحر المتوسط ويحاصرون تحت تربة لطالما عملوا على نهوضها عمرانيا. إنهم العمال الأجانب في لبنان من أثيوبيين وسودانيين وفلبينيين وسيريلانكيين وغيرهم، الذين يعملون ليل نهار عند مخدوميهم وقد يموتون في البلاد ولا يستطيعون الحصول على أدنى حقوقهم. يضعهم القدر أيضا مع قضاء عادل في احتساب النهايات. فالموت يوحد بين البشر فتصبح العاملة الأثيوبية كمخدوميها في لحظة السقوط من السماء إلى البحر كما حدث لدى سقوط الطائرة الأثيوبية منذ عامين وهو الحادث الذي قتل فيه جميع من كانوا على متنها وعددهم 90 شخصا. وكما حصل أيضا في يناير الماضي عندما انهار مبنى سكني في العاصمة بيروت أدى إلى مقتل نحو 26 شخصا بينهم سودانيون وأثيوبيون ومصريون وفلبينيون. إنهم يتسولون أوراقهم الرسمية على أبواب الإدارات ...تخافهم المستشفيات ولا تلتزم شركات التأمين بتغطية نفقات علاجهم الصحي. وتفيد التقديرات الرسمية بأن حجم العمالة الأجنبية في لبنان لا يقل عن 400 ألف إلى نصف مليون شخص في بلد لا يتعدى تعداد سكانه أربعة ملايين نسمة. الأسبوع الماضي لجأت الأثيوبية مسكريم إيسفا ميسراك الناشطة في جمعية للمهاجرين في لبنان إلى برنامج تلفزيوني لجمع تبرعات لعلاج صديقتها قائلة “حرام أن تموت. لم تر أمها وأهلها منذ سنوات. نحن نسعى لتجميع 30 ألف دولار لدفع تكاليف المستشفى الباهظة”. فما كان من وزير الصحة اللبناني علي حسن خليل إلا أن تكفل بأن تدفع وزارته تكاليف العلاج رغم أنها لاتغطي النفقات الصحية للأجانب. لكن هذه الحالة تثبت أن الكثير من المهاجرين لا يستطيعون تلقي العلاج الباهظ الثمن في لبنان. ويقول عثمان الصديق العامل في إحدى محطات الوقود في بيروت “أحد أقربائي أصيب بكسور في انهيار مبنى الأشرفية (في بيروت) الذي قتل فيه سبعة سودانيين لكنه فر من المستشفى قبل إتمام علاجه لأنه يخشى ملاحقته لأنه دخل البلاد خلسة ولا يستطيع أن يحصل على الأوراق الرسمية الباهظة الثمن”. لم ينصفهم البحر الذي احتضن أجسادهم ولم تكن الأرض وركامها أكثر رحمة. هي جاليات تحيا تحت سقف السقوط.. ودموع ذويهم في الوطن تبقى محاصرة بين المقل لا تجد جثمانا تبكي عليه. تقول العاملة الأثيوبية سارة “تركت طفلتي قبل خمس سنوات ولم أرها منذ ذلك الحين إلا عبر الصور وأنا هنا أعمل منذ الصباح الباكر حتى ما بعد منتصف الليل ولا أنام إلا خمس ساعات لقاء 150 دولارا في الشهر أدفع منها المخابرات الهاتفية الباهظة الثمن لأطمئن على ابنتي”. ويسلم مسؤولون رسميون وحقوقيون وناشطون في مجال حماية الفئات المهمشة ومن ضمنها العاملات في المنازل بأن انتهاك حقوقهم يشكل ظاهرة مقلقة في لبنان من باب تعرضهم للإساءات الاقتصادية والنفسية والجسدية واحيانا الجنسية. وفي ظل استثنائهن من قانون العمل اللبناني تترك العاملات في المنازل فريسة للاستضعاف والانعزال والارتهان المطلق لإرادة الكفيل الذي يحدد شروط العمل وآلياته. وتقسم الناشطة في جمعية “كفى” مايا عمار الإساءات التي تتعرض لها العاملات المنزليات إلى اقتصادية.. تتمثل بعدم دفع رواتبهن سواء في الوقت المحدد أو بالكامل، ونفسية.. تتجلى في منعها من الاتصال بعائلتها أو تقييد حركتها في أوقات فراغها، ولفظية.. يعبر عنها باستخدام الألفاظ المهينة والمذلة بحق العاملة أو السخرية من لفظها أو ملبسها أو ديانتها. ويقول وزير العمل شربل نحاس لـ “رويترز” “لدينا مشكلة كبيرة جدا في كل أوضاع العمل في لبنان. من جهة اللبنانيون يهاجرون بكثافة ومن جهة أخرى تأتي يد عاملة أجنبية بكثافة”. وأضاف “السياسة التي نعتمدها.. إن كان على مستوى الأجور أو سياسة الاستثمارات العامة هي إعادة تصويب الوضع لأنه من غير الطبيعي أن يكون هناك بلد أبناؤه يهاجرون وفي نفس الوقت يجلب أولاد الناس من آخر الدنيا”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©