الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كندا... وتوابع الحرب السريلانكية!

كندا... وتوابع الحرب السريلانكية!
16 مايو 2009 03:31
أفردت الجرائد الكندية صفحاتها الأولى خلال الأسبوع الجاري لصور المحتجين التاميل الذين نزلوا بأعداد كبيرة إلى شوارع تورونتو وأوقفوا حركة المرور في المدينة، لكن «أوتايا فايتيا» التي شاركت في المظاهرة تمنت أن يرى الرأي العام الكندي صورة مختلفة كتلك التي وضعتها في ألبومها الخاص وتوثق ما كانت عليه عائلتها قبل اشتعال الحرب. وبصوت تخالطه بحة دفينة تشير «أوتايا» إلى أفراد عائلتها فيما تتصاعد الأصوات المرتفعة لما يقارب 12 ألف متظاهر اجتاحوا مقاطعة أونتاريو يوم الأربعاء الماضي لمطالبة المسؤولين الكنديين بالضغط على الحكومة السريلانكية لإنهاء صراع دامٍ سقط فيه العديد من المدنيين، وتواصل الأم المتظاهرة وهي تستند إلى ابنتها اليافعة أن جميع من في الصور لقوا حتفهم بسبب العنف المستشري في شمال سريلانكا قائلة: «لقد قُتل 17 من أفراد عائلتي في المعارك التي جرت خلال الأشهر القليلة الماضية، وأتساءل: لماذا يغلق العالم عيونه على هذه المجازر الرهيبة؟»، فبعد عجزهم عن لفت انتباه الرأي العام الكندي إلى ما يجري في سريلانكا وتوعيته بالعنف المستشري هناك قرر أفراد الجالية التاميلية الموجودة بكثافة في كندا الخروج إلى الشوارع، وهو ما نتج عنه تعطيل حركة المرور في «كوينز بارك» وسط تورونتو بعدما نزل الآلاف من المحتجين إلى الساحات والشوارع رافعين ملصقات تظهر صور القتلى وهم يهتفون «نمور التاميل.. مقاتلو الحرية». وكانت المظاهرة الأخيرة هي الثانية التي تنظم في أقل من أسبوع بعد أيام متواصلة من الاحتجاجات شهدتها «أوتاوا» مطلع العام الجاري، لتتزامن مع مظاهرات أخرى في فرنسا والسويد وبريطانيا، بحيث وصل الأمر في بعض الأحيان إلى الدخول في مواجهات مع رجال الشرطة. وترجع حدة المظاهرات التي شهدتها كندا خصوصاً إلى الوجود الكثيف للتاميل، حيث تضم أكبر جالية لهم خارج سريلانكا بعدد إجمالي يصل إلى 300 ألف، وقد وفدوا إلى كندا في هجرات متعاقبة بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي هرباً من العنف الذي ضرب سريلانكا لتتحول تورونتو إلى نقطة ارتكاز لمظاهرات التاميل المطالبة بوقف العنف في الوطن الأصلي، ومعقل لحشد التأييد السياسي والمالي لنمور التاميل، وهو التنظيم الذي يقاتل من أجل انفصال التاميل في الجزء الشمالي من سريلانكا. لكن الحكومة الكندية، والعديد من الدول الغربية كالولايات المتحدة، تدرج التنظيم في قائمة الحركات الإرهابية بسبب تجنيده للأطفال في العمليات القتالية واعتماده على الهجمات الانتحارية، وهو ما دفع 32 دولة إلى التعامل مع عناصره باعتبارهم إرهابيين. ومع ذلك طالب العديد من المشاركين في المظاهرات التي شدهتها كندا في الأسبوع الماضي الحكومة الكندية بالضغط لوقف إطلاق النار ووضع حد لصراع وصفته الأمم المتحدة بأنه «حمام دم»، وفي هذا الإطار، تؤكد «جورمي تيفا» إحدى المشرفات على تنظيم المظاهرات، أن من واجب الحكومة الكندية اتخاذ تدابير واضحة بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على سريلانكا، فضلاً عن السماح للصحفيين والمهتمين بالدخول إلى منطقة الحرب ونقل ما يجري للرأي العام، مضيفة أنه يتعين على كندا سحب سفيرها كجزء من الضغط على الحكومة السريلانكية لوقف عملياتها العسكرية في الشمال. وتواجه الحكومة الكندية ضغوطاً متصاعدة لاتخاذ موقف حازم تجاه الحرب الدائرة في شمال سريلانكا بدأت تأتي من أكاديميين مثل «شاري أيكن»، أستاذ القانون بجامعة «كوين»، الذي يقول: «بما أن كندا تستضيف على أرضها جالية كبيرة من التاميل، فإن عليها أن تنخرط جدياً في حل الصراع، وأول ما يجب على الحكومة القيام به هو اعتبار التاميل الكنديين جزءاً منا، وبالتالي التحرك من أجل التوصل إلى حل بعيد المدى. وفي الوقت الذي كان فيه بإمكان الضغوط الدولية على سريلانكا أن تؤدي إلى وقف العنف، ظلت كندا تتفرج ولم تقم بشيء». وفي رد على المظاهرات الحاشدة التي نظمها التاميل قال رئيس مقاطعة أونتاريو «دالتون ماجوينتي» إنه يفهم لماذا يشعر سكان تورونتو بالاستياء من تنامي وتيرة الاحتجاجات في الآونة الأخيرة وتعطيلها لمصالح الناس، لاسيما الذين يستخدمون الطرق، لكنه أضاف أنه من المهم أن نعترف بحساسية الانشغالات التي يعبر عنها المحتجون. وفي غضون ذلك تصاعدت المواجهات في شمال سريلانكا بعد موجة كثيفة من القصف المدفعي خلفت أكثر من ألف قتيل خلال الأيام الخمسة الأولى من الحرب فقط، وهو ما تنفيه الحكومة السريلانكية معتبرة أنه مجرد دعاية يروجها التاميل، وأثناء المواجهات أيضاً قتل موظف في الصليب الأحمر، وهو الثالث الذي يقتل خلال الأسابيع الستة الأخيرة. وقد دعا الرئيس الأميركي أوباما في الأسبوع الماضي إلى وضع حد للعنف واتخاذ الخطوات الضرورية للتخفيف من معاناة المدنيين، كما حث نمور التاميل الذين يقاتلون الحكومة على إلقاء سلاحهم والتوقف عن استخدام المدنيين كدروع بشرية، إلا أنه ناشد في الوقت نفسه الحكومة السريلانكية بوقف «القصف العشوائي» والسماح لطواقم الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بالدخول إلى مناطق المواجهات لإسعاف الجرحى ومساعدة المدنيين. سوزان بوريت - تورونتو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©