الحكومات تلجأ إلى إبرام صفقات سرية للحصول على الحبوب

دخلت الحكومات في شتى أنحاء العالم في سباق محموم من أجل عقد صفقات سرية واتفاقيات ثنائية مع الدول المصدرة للأغذية بهدف تأمين الإمدادات بعد أن قفزت أسعار السلع الزراعية إلى مستويات قياسية حسبما ذكر بعض الدبلوماسيين والمتعاملين في الأغذية الأساسية· وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع درجة الأزمة التي يعاني منها سوق الأغذية العالمي بعد أن عمد كبار المصدرين للسلع الزراعية إلى حظر بيعها في الخارج، وذكر الدبلوماسيون أن العقود الحصرية بين حكومة وأخرى من شأنها أن تؤدي إلى تجاوز هذه القيود المفروضة· إلى ذلك فقد أشار المتعاملون في القمح أول من أمس أن أوكرانيا قد اقتربت من ابرام صفقة مع ليبيا من أجل تخصيص مساحة بمقدار 100 ألف هكتار في أراضيها لزراعة القمح لمصلحة الدول الشمال أفريقية، إلا أن بعض المحللين في العاصمة كييف أعربوا عن شكوكهم بشأن إتمام مثل هذه الصفقة بعد أن عمدت الدولة السوفيتية السابقة إلى منع بيع حبوبها الزراعية في وقت مبكر من هذا العام· وتجيء هذه المفاوضات بعد أن أبرمت مصر مع سوريا عقداً للمقايضة وافقت مصر بموجبه على تزويد سوريا بالأرز مقابل تأمين شحنات من القمح، وكذلك تمكنت الفلبين هذا الشهر من التوصل إلى صفقة مع فيتنام لتأمين إمدادات كبيرة الحجم من الأرز· ويقول عبدالرضا عباسيان الخبير في منظمة الزراعة والأغذية (الفاو) في روما: ''لقد أصبح استخدام الاتفاقيات الثنائية في ازدياد'' في حين ذكر الدبلوماسيون أيضاً أن عقود الصفقات والمقايضات الثنائية باتت تمثل اتجاهاً واسع النطاق· واستطرد عباسيان: ''إن بعض الدول أصبحت تعتبر هذا النوع من الاتفاقيات ينطوي على أهمية متزايدة وبخاصة من أجل الحصول على الإمدادات في حال فرض المزيد من القيود المستقبلية''· ويشار إلى أن كبريات الدول المصدرة للأرز والقمح وفول الصويا مثل الأرجنتين وفيتنام وروسيا قد عمدت مؤخراً إلى تقييد مبيعاتها في الخارج وبشكل أدى إلى إشعال المخاوف في أوساط الدول المستوردة بشأن أمن إمدادات الأغذية· وذكر المتعاملون في الحبوب أن الهند قد دخلت أيضاً في محادثات مع كازاخستان لتأمين عقد ثنائي بعد أن أجبرت نيودلهي في العامين الماضيين على استيراد الحبوب بسبب الجفاف الذي ضرب أراضيها، إلا أن المصدر أضاف قائلا إنه ما زال من غير الواضح بعد اذا ما تم التوقيع على الصفقة أم لا· ويعتبر الاتجاه نحو العقود الزراعية الثنائية مؤشرا على انعطاف في السياسة المتعلقة بمثل هذه الصفقات التي تم التخلي عنها منذ حقبة التسعينيات بعد أن بدأت الدول تعتمد بشدة على السوق العالمي للأغذية من أجل توفير إمداداتها وتخلت بذلك أيضاً عن السياسات السابقة التي تعتمد على الاكتفاء الذاتي· وذكر محللون أنه في الوقت الذي تعمل فيه الاتفاقيات الثنائية على المساعدة على تأمين الإمدادات إلا أن الأسعار التي ستتضمنها هذه الصفقات من المرجح أن تبقى في مستوى أسعار السوق بدلاً من أن تتسم بنوع من التخفيضات أو التنزيلات· وأشار بعض الدبلوماسيين إلى أن روسيا وأوكرانيا وكازاخستان على وجه الخصوص قد عمدوا إلى عقد اتفاقيات ثنائية ملزمة كوسيلة لتوسعة حصتهم السوقية· ويشار إلى أن أسعارالأغذية قد شهدت ارتفاعاً في المتوسط بمعدل 45% منذ الصيف الماضي وفقاً لإحصائيات منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة بعد أن بلغت تكلفة القمح والأرز والذرة وزيت الخضروات جميعها أعلى مستويات قياسية لها في الربع الأول من هذا العام· عن صحيفة الفاينانشيال تايمز