الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصف عشوائي!

قصف عشوائي!
16 مايو 2009 03:07
من بغداد الكليمة في الخاصرة، وصلتني رسالة بالبريد الإلكتروني، من صديقتي وزميلة دراستي ندى محمود، التي كانت أبان أيامنا الجامعية ماهرة في صناعة النكت واستيلادها، تقول فيها أن رجلاً أحول اشترى ديكاً أحول، وبدل أن يضعه في القن (بيت الدجاجات) وضعه في الخزانة، وعندما حاول الديك الهرب من بين يدي صاحبه، دخل في القن بكل سلام وسلاسة!! حاولت أن أرى وأتحسس ما تقصده ندى من نكتتها الحولاء، فأعرفها لا ترمي الكلام على عواهنه، فراودتني هواجس عمياء وأخرى حولاء، فتداركت حجم الألم السرطاني الشره الذي يحياه العراقيون ويحياهم، فالعراقيون الذين يخطئ ديك السلام عتبة ديارهم، لا محالة سيدخلون قن الحروب الأهلية عن طيب نفس إن بقيت الحال على ما هي عليه!! وكما تعرفون فالنكتة الجيدة تماماً كالحلم اللذيذ الهنيء، الذي يجعل نهاراتنا طيبة ومشرقة، فالنكت تنقلنا بخفة وبراعة إلى واقع آخر غير واقعنا المقيت المعاش، وتجعلنا نفرغ فيه قلقنا وتعبنا، ونغسل به أدران تعسنا وغمنا، وربما ولهذا السبب النفسي الجوهري، نلحظ انتشار النكت السياسية اللاذعة في عصور القمع والاستبداد، كما ينتشر اللهب في هشيم القش، فكل ذلك حيلة نفسية للهروب!! عندما كنت طالباً في بغداد، كانت تدهشني نكات العراقيين في ما بينهم، فلديهم حس فكه في تدبيج النكتة وصناعتها وطبخها بتوابل شهية، وبالطبع مع الحفاظ على هدفها الناقد اللاذع، وأذكر أنني وقفت طويلاً وضحكت أكثر على نكتة عن صدام حسين، إذ يزور وحدة المدفعية في الجيش، ويلتقي الجنود ويسلم عليهم، ولكنه يدهش ويتعجب من جندي أحول، يقف متصنماً بجوار سبطانة مدفعه، فيسأله عن مهنته في الجيش، فيقول الجندي: أنا مدفعي يا سيدي، فتزداد دهشة صدام، ويقول له: وكيف يكون هذا، وأنت أحول تخطئ عتبة داركم، فيرد الجندي منتشياً: أنا اختصاصي قصف عشوائي.. سيدي!! حزنت كثيراً على نكتة الديك الأحول، الذي فر إلى سجنه برجليه، ولكني يحزنني أكثر ما آلت إليه بغداد وستؤول، وأنا لا أتحسر على نظام صدام، بل تحسري وتفجعي على ما حل بالعراق، وما توالد به من برك الدم والهم، ففي عهد صدام، ربما كان هناك أحول واحد أو أكثر يعمل بمهنة مدفعي باختصاص قصف عشوائي، لكن في عراق اليوم، كم أحول يا ترى يحمل حزامه الناسف، وقذائفه اللاموجهة، ويمطرها شذراً مذراً، وكم قصف عشوائي تعيشه بغداد كل ليلة!! أتمنى أن ترتد للعراقيين سلامة الأمن والأمان، وأن تعود إلى مجالسهم ومقاهيهم حلقات النكتة والضحكات، لكن عليهم أن يعملوا لذلك، فقد بات معروفاً عرف اليقين، أن آلاف المرتزقة العمي والحول وأصحاب النظارات السوداء، يتخصصون بالقصف العشوائي والمقصود، ليهتكوا خارطة العراق الواحد!! رمزي الغزوي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©