الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آن لـ«مكتب التعداد» التوقف عن تقسيم أميركا

7 يناير 2018 22:13
رغم أن الشعب الأميركي مقسم بشكل خطير، فإن حدثاً واحداً يلوح في الأفق وله القدرة على وضعنا على الطريق نحو الوحدة: التعداد الأميركي. فإذا لم يُحدث الرئيس ترامب أي تغييرات، سيسعى مكتب التعداد الأميركي مرة أخرى في عام 2020 لأن يقحم نحو 330 مليون أميركي في الفئات العرقية والإثنية الرسمية. وهذا النظام لا يتجاهل فقط العلوم. إنه أيضاً يتجاهل تماماً فئة متنامية من السكان «من أعراق مختلطة» وهي تستاء من القيود العرقية التعسفية. لماذا إذن هذه التفرقة غير الضرورية؟ لأنه على مدى أربعة عقود كانت حكومتنا منخرطة في ممارسة بغيضة متمثلة في تمييز مجموعات رسمية، ويقف في مواجهة أي إصلاح ائتلاف من المنظمات الليبرالية ذات المصالح الخاصة، إذ تعتمد الحكومة عليه من أجل الأموال والمكانة. لذلك فإن تغيير الوضع الراهن هو معركة يجب أن يستمتع بها ترامب. وإذا لم يفعل، فستواصل الولايات المتحدة تطورها الحالي من دولة قومية إلى «دولة قوميات» -وهو أمر أقرب إلى الإمبراطورية العثمانية، حيث كان الشعب مقسماً قانونياً إلى طبقات على أساس العرق والدين. إن الرئيس لديه السلطة لتغيير التعداد. ويعتقد الكثير من الأميركيين أن الانقسام إلى خمسة مجموعات عرقية؛ البيض والسود واللاتينيون من أصل إسباني والآسيويون والأميركيون الأصليون.. كان موجودا منذ فترة طويلة وحتى الوقت الذي كنا نجمع فيه البيانات. لكن ليس كذلك، فهذا النظام يعود فقط إلى عام 1977، عندما أصدر مكتب الإدارة والموازنة التوجيه الإحصائي السياسي رقم 15. وبعد ذلك تم إقحام هذه المجموعات في تعداد 1980، مع عدم وجود أي مساهمات من الناخبين. كما لم يكن يحق للعلم التصويت: فقد استحضر البيروقراطيون جميع الجماعات العرقية مثل «الإسبانيين» و «الآسيويين» من دون أي أساس في الأنثروبولوجيا (علم الإنسان)، أو البيولوجيا أو الثقافة. واليوم، يقف هذا النظام خلف الوعي بالهوية الذي يمزق الأمة. من الواضح أننا بحاجة إلى نهج آخر. تريد إدارة ترامب تغيير التعداد من خلال طرح سؤال حول الجنسية. ورغم أهميته وأن له سابقة تاريخية، فإن هذا التعديل لم ينجح بما فيه الكفاية. ومن شأن إصلاح أكثر قيمة أن يشمل التخلص من الفئات الرسمية وطرح أسئلة بسيطة من أصل وطني، وربما أيضاً أسئلة عن الأجناس التي حددها علماء الأنثروبولوجيا وليس البيروقراطيين. لكن حتى هذه الأسئلة اختزالية للغاية. اليوم، يمكنك أن تبصق في قارورة، وترسلها إلى شركات علم الجينوم وتكتشف أنك ليس «أيرلنديا» كما كنت تعتقد، لكنك بدلا من ذلك إنجليزياً بنسبة 60%. أو قد تكون ألمانياً بنسبة 30%، أو من المجموعة السلافية بنسبة 45% ومن السكان الأصليين بأميركا بنسبة 15% ومن شعوب البانتو السود بنسبة 10%. وتتجاهل الفئات الرسمية للتعداد هذا التنوع الغني. وفي الآونة الأخيرة، اكتسب الأميركيون من الأجناس المختلفة الذين يرفضون أن يظلوا مقيدين مدافعاً بارزاً: ميجان ماركل، الأميركية التي ارتبطت بالأمير هاري البريطاني. وروت ماركل بالتفصيل في مجلة «إلي» تجربتها الشخصية في فصل الصف السابع الذي انطوى على تعداد إلزامي مع خيارات في مربع الجنس العادي. وعندما اشتكت، قال لها المعلم أن تراجع القوقازيين «لأن هذه هي الطريقة التي تبدين عليها». لكنها لم تستطع أن تفعل هذا وتؤذي مشاعر والدتها الأميركية الأفريقية. وعندما أخبرت والدها في تلك الليلة، رد بحكمة: «إذا حدث هذا مرة أخرى، ارسمي المربع الخاص بك». وقد عارض هذا النهج المنطقي قادة منظمات المصالح الخاصة العرقية، مثل «يونيدوس اس» و«الأميركيون الآسيويون الذين يقدمون العدالة» و«الرابطة الوطنية للاتينيين المنتخبين والمسؤولين المعينين» وكثيرون غيرهم. وهم، جنبا إلى جنب مع أكاديميين من أقسام «النظرية النقدية»، لديهم تأثير هائل على الأسئلة العرقية في التعداد. وبعضهم عارض بقوة سؤال الجنسية الذي اقترحته الإدارة، قائلا –بدون أي دليل- إنه سيقمع ردود المهاجرين. مثل هذه المنظمات تستفيد من مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب والمقسمة وفقا لبيانات التعداد، وكذلك قدرتها على جمع الأموال بشكل خاص. وهي تبرر انقسام البلاد من خلال زعم أن إنفاذ الحقوق المدنية يعتمد على بيانات التعداد. وفي الواقع، خلال إدارة أوباما، كان هناك اقتراح بأن يضيف مكتب التعداد جماعة عرقية جماعية أخرى للأميركيين الذين لديهم أصول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لكن الفئات الرسمية غالبا ما تسلط الضوء على صنع السياسات. وجماعات مثل «الآسيويين» و«الإسبانيين» لا تدرك الخبرات الحياتية المختلفة للأميركيين الهنود والأميركيين الكوريين أو الأميركيين المكسيكيين والأميركيين الكوبيين. وترامب لديه صلاحيات واسعة ليقول «كفى!». وعندما كان رئيسا منتخبا، شكا قائلا «لطالما حاولت واشنطن أن تفصل بيننا وفقا للعرق أو العمر أو الدخل أو مكان الميلاد. إنهم ينفقون وقتا كثيرا في التركيز على ما يفرقنا». لقد حان الوقت للاعتراف بأن التجربة التي دامت أربعة عقود قد فشلت وأنها وضعت أمتنا على الطريق لكي تصبح مجرد مجموعة من القبائل بدلا من أن تكون «غير قابلة للتقسيم» كما تعلن عقيدتنا. إن إصلاح التعداد الذي عفا عليه الزمن سيعكس واقع سكاننا ويؤكد هويتنا كأميركيين. *مؤسس ورئيس معهد الحقوق المدنية الأميركية * *زميل بارز في مؤسسة التراث ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©