الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البورصة المصرية تواجه شبح الخسائر مجدداً

البورصة المصرية تواجه شبح الخسائر مجدداً
19 فبراير 2011 21:15
محمود عبد العظيم (القاهرة) - يسيطر الغموض الشديد على أداء البورصة المصرية هذا الأسبوع، حيث لم يتحدد موعد بدء التداول نظراً للتطورات المتلاحقة التي يشهدها القطاع المالي في مصر، لا سيما الجهاز المصرفي، والمتمثلة في احتجاجات واسعة سوف تؤثر سلباً على أداء البنوك وقدرتها على تقديم الدعم الفني واللوجستي اللازم لنشاط البورصة على صعيد خدمات تسوية قيمة الصفقات وحفظ الأسهم. ويزيد من حالة الغموض موقف الشركات المسجلة في البورصة والتي يجري التداول على أسهمها وتعود ملكية حصص كبيرة فيها لمسؤولين وسياسيين ورجال أعمال جرى التحفظ على ممتلكاتهم وتم إيقاف “أكواد” التعامل الخاصة بهم في بورصة الأوراق المالية. وفي مقدمة هذه الشركات حديد عز والدخيلة للصلب التي يمتلك أحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب الوطني حصصاً حاكمة في كل منها، وكذلك الشركة العربية لحليج الأقطان التي يمتلك وزير الزراعة السابق الممنوع من السفر أمين أباظة حصة مؤثرة فيها، وشركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار “سوديك” التي يمتلك مجدي راسخ صهر علاء مبارك حصة في رأسمالها، إلى جانب صناديق استثمارية أخرى مؤثرة في نشاط السوق ويمتلك بعض رجال الأعمال والوزراء السابقين المتحفظ على أموالهم جانباً كبيراً من رؤوس أموالها. ورغم سلسلة الإجراءات التي أعلنتها إدارة البورصة وهيئة الرقابة على الخدمات المالية غير المصرفية والهادفة لدعم نشاط السوق والتي تضمنت العودة للعمل بنظام الحدود السعرية وخفض ساعات التداول وإجراء جلسات استكشافية محدودة عند بدء أعمال كل جلسة تداول لاستيضاح حجم أوامر البيع والشراء والتي تتحدد على ضوئها مؤشرات الأسعار، فإن كافة الإجراءات لم تطمئن المتعاملين، لا سيما من المستثمرين الأفراد الذين يتخوفون من مزيد من تراجع الأسعار على الأقل خلال الأيام الأولى للتداول. ويشير المتعاملون إلى أن هذه المخاوف ترجع إلى استيضاح المستقبل الاقتصادي لمصر خلال الفترة المقبلة وإمكانية تأثر نشاط الشركات المتداولة سلباً، وكذلك عدم وضوح مواقف صناديق الاستثمار الكبرى التي كان يمكن أن تلعب دور صانع السوق في المرحلة القادمة. وتشمل الأسباب تأثر أوضاع المتعاملين المالية الشخصية في فترة الأحداث مما يدفعهم إلى بيع ما يحوزونه من أسهم للحصول على السيولة المالية اللازمة لتلبية احتياجاتهم الحياتية بعد أن نفدت السيولة لديهم خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، الأمر الذي يؤشر إلى إمكانية تغلب الطابع البيعي على الشراء في حركة تداول البورصة عندما تستأنف عملها. وتسعى جهات عدة لمساندة السوق في المرحلة الأولى، لا سيما بعض البنوك الحكومية التي قد تتدخل بالشراء مستفيدة من تراجع أسعار معظم الأسهم المتداولة، وهي أسعار لا تعبر عن أوضاع الشركات المصدرة وبالتالي يمكن أن تحقق البنوك من وراء تكوين محافظ أوراق مالية بأسعار منخفضة في هذه المرحلة أرباحاً ضخمة في المستقبل، وفي الوقت نفسه تلعب دوراً مسانداً للسوق، والمنتظر أن تمثل عمليات “أسهم الخزينة”، التي قدمت لها هيئة الخدمات المالية مزيداً من التيسيرات الإضافية مساندة أخرى لأسهم بعض الشركات، وإن كان خبراء السوق يرون أن هذه المساندة قد تكون جزئية وغير مؤثرة نظراً لأزمة السيولة التي قد تعانيها الشركات الراغبة في شراء أسهمها عبر آلية “أسهم الخزينة” في المستقبل، ومن ثم قد تفضل هذه الشركات عدم التدخل مشترية ومساندة الأسعار. أما العامل الأكثر ترجيحاً في مستقبل البورصة المصرية سلباً وإيجاباً خلال الأسابيع القادمة فيتمثل في دور المستثمرين الأجانب والعرب وبعض الصناديق الإقليمية والعالمية التي تستثمر في البورصة، حيث إن حركة تعاملات هؤلاء المستثمرين سوف تكون حاسمة، فإذا غلبت عمليات البيع على استثماراتهم فسوف تتعرض البورصة لمزيد من التراجع والعكس صحيح. ورغم عدم القدرة على التكهن بمستقبل أداء الاستثمارات الأجنبية في البورصة المصرية، فإن كافة المؤشرات وخبراء السوق ورؤساء شركات سمسرة يشيرون إلى أن من المتوقع أن تتسم هذه التعاملات بالبيع والانسحاب الجزئي والمؤقت على الأقل خلال الأيام الأولى للتداول، حيث يستطيع هؤلاء المستثمرون تبين اتجاهات السوق في المستقبل والتعرف إلى قدرة الاقتصاد المصري على استيعاب خسائره والعودة مجدداً للنشاط والأرباح، مثلما كان قبل أحداث 25 يناير، ومن ثم سوف تظل السوق تعاني اضطراب حركة لأسعار مما يثير مخاوف المستثمرين المحليين، خاصة الأفراد، ومن ثم يندفعون إلى بيع أوراقهم، الأمر الذي قد يحدث انهياراً كبيراً في الأسعار. ورغم هذه المؤشرات، فإنه على الجانب الآخر يأمل مسؤولون حكوميون، لا سيما في إدارة البورصة في أن تسهم عودة الثقة التدريجية في أداء الاقتصاد، والتي بدأت تشهدها مصر منذ أيام قليلة في الحفاظ على تماسك بورصة الأوراق المالية. كما يراهن هؤلاء على التصنيف الجديد الذي صدر قبل أيام عن مؤسسة “موديز” العالمية للتصنيف الائتماني، والذي أعاد درجة مستقر للاقتصاد المصري بعد أن كانت المؤسسة ذاتها قد قامت بخفض التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري فور اندلاع الثورة من مستقر إلى سلبي، حيث يأمل هؤلاء المسؤولين أن يسهم التصنيف الجديد في بعث رسالة ثقة واطمئنان للمستثمرين الأجانب فيعدلون عن اتجاههم البيعي وتجتاز السوق تداعيات الأزمة الراهنة بأقل خسائر وفي أقصر وقت. وأمام هذا الغموض الذي يحيط بأوضاع السوق، يشير عيسى فتحي، رئيس إحدى شركات تداول الأوراق المالية، إلى ضرورة أن يتفهم المستثمر المحلي أن الاقتصاد المصري يمر بلحظة استثنائية لا تعني انهيار أوضاع هذا الاقتصاد، لأن ركائز الاقتصاد في قطاعاته المختلفة لا تزال قوية ولا تزال السيولة المالية متوافرة بالبلاد، ولا تزال فرص النمو كامنة، خاصة في المجال الصناعي، ويجب أن يدرك المستثمر أن أسباب بقائه في السوق لا تزال قائمة حتى إذا خرج المستثمر الأجنبي الذي قد يبني قراراته الاستثمارية على حسابات سياسية بحتة، أما المستثمر المحلي فيجب أن تكون حيثيات قراره الاستثماري مختلفة. ويشدد عيسى فتحي على ضرورة أن تلعب البنوك دوراً مسانداً للبورصة في الأيام الأولى للتداول، سواء كانت بنوكاً حكومية أو خاصة، حيث يجب أن تتدخل مشترية للحفاظ على تماسك السوق وطمأنة المستثمرين الأفراد وإعطاء إشارات إيجابية للمستثمر الخارجي، خاصة العربي، الذي لا يملك خيارات واسعة للخروج من السوق المصرية، حيث تظل هذه السوق هي الخيار المفضل أمامه مقارنة بأسواق إقليمية أخرى أو أسواق أوروبية. ويؤكد أهمية الإفصاح والشفافية في المرحلة القادمة، خاصة فيما يتعلق بالشركات التي يعود جزء من ملكيتها لرجال أعمال ومسؤولين تم التحفظ على ممتلكاتهم، بما فيها الأموال السائلة والمنقولة والأسهم والسندات، لأن أوضاع هذه الشركات ربما تتعرض لهزة وهذا لا يصب في مصلحة السوق والمستثمر الصغير، الذي قد يمتلك عدداً محدوداً من الأسهم في هذه الشركات ولذلك تصبح آلية الإفصاح والشفافية وسيلة مهمة لإعادة الثقة بهذه الشركات من جانب صغار المستثمرين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©