الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«دكاكين» السوق الشعبي.. ملامح من الحـــــياة القديمة

«دكاكين» السوق الشعبي.. ملامح من الحـــــياة القديمة
16 فبراير 2015 23:10
جمعت دكاكين السوق الشعبي التراث المحلي للإمارات، عبر المنتوجات التي تعبر عن الحياة في زمن الآباء والأجداد، فكان للأواني القيمة حضورها الخاص والصناعات الفخارية والأدوات المنزلية والملابس التراثية، والأقمشة التي كانت تستخدم في حياكة الكنادير النسائية والرجالية، وورش صبغ الملابس بالطرق التقليدية والكثير من الموروث، الذي جمعه السوق الشعبي في ركن جزيرة أبوظبي بمهرجان قصر الحصن، الذي تتواصل فعالياته من 11 حتى 21 فبراير الجاري. أشرف جمعة (أبوظبي) «دكان» سمية القبيسي كان يتميز بمعروضاته التي جمعت بين الأصالة والمعاصرة، لكنها احتفظت بالمنتوجات التراثية في واجهة هذا الدكان، إذ عرضت الملابس المطرزة بالتلي، وحيكت من أثواب بوطيرة، وكذلك «معراي»، واللافت أنها استطاعت أن تعرض هذه المنتوجات بصورة مبهرة، إذ وضعتها في صناديق قديمة، التي كانت تسمى بـ«السحارة»، وهي التي كانت توضع فيها ملابس العروس. وتبين القبيسي أنها تستقبل الكثير من الزوار على اختلاف جنسياتهم، الذين أبدوا اندهاشاً كبيراً بالملابس التقليدية، وخصوصاً الصغار، مشيرة إلى أنها على الرغم من قدرتها على تصميم الملابس الحديثة، إلا أنها صممت في فترة وجيزة بعض الملابس التراثية للكبار والصغار وبأشكال متعددة. ومن ضمن الذين زاروا معرض القبيسي شارولة وهي سيدة فرنسية، عبرت عن إعجابها بمعروضات الدكان التراثي، وظلّت تحاور صاحبته وتسألها عن كيفية صناعة هذه الملابس، ثم اقتنت بعض المنتوجات، وهي من السياح الذين يزورون إمارة أبوظبي للمرة الأولى في هذه الفترة التي يتصادف فيها إقامة واحد من أهم المهرجانات التي تحتفي بتاريخ الإمارة المتألقة. محل أقمشة أم سلامة الشقصي احتفت بتاريخ الأقمشة، خاصة التي كانت تستخدم ويحاك منها الملابس للرجال والنساء قديماً على طريقتها، ففي دكانها الذي تصدر جزيرة أبوظبي، وضعت أقمشة ملونة، تتباين أسعارها وتختلف جودتها من ثوب إلى آخر، وتبين أنها حرصت على أن تشارك في مهرجان قصر الحصن لهذا العام، وخصوصاً في جزيرة أبوظبي لتعرض ما لديها من أقمشة تحمل الطابع القديم، لافتة إلى أنها كانت تعرض الشيلة القديمة العادية، والأخرى السوداء المفضلة لدى السيدات من كبار السن، مؤكدة أن الجمهور حرص على شراء الكثير من الأقمشة مثل «أبو كازو»، وكذلك الأقمشة الهندية الخضراء، وهو ما جعل دكانها ملتقى للسائحين والزوار والمقيمين وأهل الإمارات. ولفت محل أم سلامة، انتباه الأميركية خوسيه فراجا التي عبرت عن سعادتها لوجودها في أبوظبي وأنها تزورها للمرة الأولى لمدة أسبوع وعندما علمت بمهرجان قصر الحصن، حرصت على أن تكون من ضمن الزوار، حتى تتعرف على الثقافة الإماراتية بطابعها الأصيل وتراثها القديم، مؤكدة أنها لم تكن تتصور أن الموروث الشعبي الإماراتي بهذا العمق وهذا الحضور وهذا التنوع والثراء في الآن ذاته، وترى أن رفيقتها جورجي بانتيه البرازيلية التي كانت معها في هذه الرحلة توافقت معها فيما ذهبت إليه من أن إمارة أبوظبي واجهة حضارية للتاريخ الذي لا يزال يحكي فصوله القديمة في هذا العصر. سراريد الإمارات على واجهة أحد الدكاكين التراثية كانت المعروضات تعلق على بعض «السراريد»، التي كانت تستخدم قديماً موائد للطعام في البيوت الإماراتية، وهي مصنوعة من الخوص، حيث أصرت خديجة النويس التي لها باع طويل في صناعة بعض المنتوجات التراثية أن تضع بضاعتها على هذه السراريد حتى تجذب زوار المهرجان. وأشارت إلى أن السرود من المنتوجات التي ارتبط بها المواطنون قديماً، ولها شكل معبر واستخدامات متعددة واستطاعت أن تضع هذه المنتوجات بصورة لافتة، حيث برعت في حياكة البراقع الإماراتية المشغولة يدوياً، وكذلك الغترة والعقال، والمتشبه والجفير والمقفة، وأيضاً المخمة التي تستخدم في تنظيف البيوت قديماً، وكذلك الحصير التي تفرش داخل البيوت، وكذلك في المساجد وأماكن الضيافة ومجالس الزوار، وتوضح أنها من ضمن الأسر المنتجة في الاتحاد النسائي العام، وتؤكد أن مشاركتها في احتفالية قصر الحصن هي واجب وطني لكونها تعرض منتوجات أصيلة تعبر عن الثقافة الإماراتية، وجذورها القديمة. صبغ الملابس في إحدى الورش التي تميزت بطابعها الخاص لكونها تستمد وهجها من زمن قديم وطرق فنية يصعب تعلمها لكونها تحتاج إلى خبرة وثقافة ودربة، وهي المخصصة لصبغ الملابس بالطرق التقليدية، إذ تفننت مريم النقبي في صبغ الملابس التي تضع يديها بقوة على فنون هذه الحرفة المتعارف عليها قديماً والتي تعتمد على عدد من الألوان المصفاة من الأعشاب الطبيعية، إذ يمنح كل عشب ألوانه المتميزة، إذ وضعت أمامها مجموعة من الأواني في كل واحدة منها لون محدد مثل الكركم الأصفر واللون القرمزي الذي يأخذ شكل الأحمر القاني والنيلي بشكله الأزرق. مريم أوضحت أنه قديماً كانت توضع هذه الألوان في قدور كبيرة ومن تحتها تشتعل النيران حتى تصل الألوان المخلوطة بداخلها إلى درجة الغليان ثم توضع الملابس لمدة نصف ساعة ثم تُستخرج لتُنشر على حبال تتعرض لضوء الشمس حتى يثبت اللون، مؤكدة أن الملابس الداكنة تفضلها السيدات والبنات، والفاتحة يفضلها الرجال والأولاد. وتشير نوال المرزوقي المسؤولة عن عرض وتوضيح طريقة عمل الورشة للزوار إلى أن الكثير من زوار قصر الحصن حرصوا على التعرف على كيفية صبغ الملابس قديماً واللافت أنهم كانوا يوجهون أسئلتهم إلى مريم النقبي التي كانت تجيب عن جميع الأسئلة بما تمتلك من خبرة طويلة في هذا المجال. ملابس تراثية «كجوجة» أم مطر الكعبي لفتت إليها الكثير من زوار مهرجان قصر الحصن في دورته المميزة هذا العام، حيث جلس إليها مطر الجابري وراشد الكعبي وعلى الرغم من مهارتها الفائقة في نسج خيوط التلي فإنها في أثناء عملها كانت تتحدث إليهم عن مكونات الكجوجة وكيفية تطريز الملابس بخيوط التلي التي كانت قديماً تُصنع من القطن الخالص وفي هذا الزمان أصبح التطريز من خيوط التلي المصنوعة من الحرير، لافتة إلى أنها بعد الانتهاء من تجهيز خيوط التلي تقوم بتطريز الملابس التي هي في العادة عبارة عن كنادير للسيدات تأخذ أشكالاً تراثية وألواناً مختلفة وترى أن مهرجان قصر الحصن فرصة كبيرة لمحبي التراث والهواة الذين يبحثون عن الجديد دائماً من خلال الاطلاع على تاريخ الآباء والأجداد الموغل في القدم. ويبين الكعبي أنه استمتع كثيراً بالجلوس إلى أم مطر التي تحمل في صدرها تاريخاً كبيراً يختص بطريقة عمل الحرفيات ويرى أن مثل هؤلاء السيدات لديهن باع طويل في مجال التطريز والعمل على آلة الكجوجة وهو ما يُغري الجيل الجديد وخاصة الصغار بزيارة معرضها التراثي للتعرف إلى مشغولاتها وكيفية عمل التلي. دلَّة القهوة في مشهد أعطى دلالات كثيرة لكونه يختص في عرض بعض المنتوجات التراثية التي كانت موجودة في الزمن القديم بهيئتها، استطاعت مريم الهاشمي أن تقتني عدداً من دلال القهوة القديمة التي كانت موجودة منذ 50 سنة والتي لا تزال تحتفظ بشكلها القديم وجودتها، حيث تجمع عدد كبير من الزوار حول دلالها المتميزة ومعروضاتها من القهوة المطحونة والمحببة، فضلاً عن أنها كانت تعرض الكثير من التحف المنزلية القديمة والأباريق وفناجين القهوة، وهو ما أعطى لدكانها زخماً خاصاً واهتماماً كبيراً من قبل الزوار. وتشير إلى أنها من هواة جمع التراث وبخاصة كل ما يتعلق بالقهوة العربية لكونها ولا تزال تتصدر المجالس وتحتفظ القهوة بمذاقها اللذيذ المحبب لدى الجميع، ولأنها أيضاً من الموروث الذي يتناقله الأجيال عاماً بعض آخر. مشروع الغدير حول أحد مشروعات هيئة الهلال الأحمر والتي يذهب العائد منها إلى بعض السيدات اللواتي تفنن في صناعة ألعاب الأطفال بأشكال مختلفة، وقف الطفل راشد آل علي الذي يبلغ من العمر 11 عاماً ومعه ثلاثة من إخوته للتعرف على طبيعة هذه الألعاب، حيث جذبهم بشدة أشكالها المختلفة، وهو ما شجعهم على اقتناء بعضها من الدكان الذي يعرض هذه المنتوجات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©