الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هبة قطب: راجعوا مفاهيم «القوامة» وواجهوا أمراض العصر بالإيمان

هبة قطب: راجعوا مفاهيم «القوامة» وواجهوا أمراض العصر بالإيمان
15 مايو 2009 02:02
قدمت الدكتورة هبة قطب، لمؤتمر»عالم في أسرة» الذي شهدته أبوظبي مؤخراً، ورقة عمل تشخص فيها ظاهرة التفكك الأسري في العائلة العربية من، التقيناها وكان معها هذا الحوار لاستيضاح معالم رؤيتها من منظور إسلامي. تحدد الدكتورة قطب عوامل هروب الأبناء من البيت في العامل الاجتماعي وانعدام التوافق بين الزوجين والجو المشحون بالمشادات والصراعات يؤثر بشكل مباشر في نفسية الأبناء وتربيتهم، وغياب الأب، والعامل الثقافي لأفراد الأسرة، إلى جانب تأثير وسائل الإعلام، وضغوط الحياة الاقتصادية. وتغير الأدوار بغياب الأب،ً وتخليه عن مسؤوليته تجاه الأسرة، والأم الحاضرة الغائبة المنشغلة بعملها عن أسرتها لأي سبب من الأسباب. دون أن نهمل تأثير العولمة على الأسرة العربية، وأصبح كل فرد من أفراد الأسرة في جزيرة معزولة عن الآخرين. ومع تطور العصر وبعد مرور سنوات من اللهث وراء المادة، ظهرت مفاهيم جديدة في الحياة الاجتماعية تدعو لمفاهيم الحرية والاستقلالية والحياة الخاصة وتقليداً للأسرة الغربية. أشكال وأسباب تحدد الدكتورة هبة قطب أشكال التفكك الأسري في نوعين هما: التفكك النفسي، والتفكك البنائي، وينشأ عن غياب الوالدين أو كليهما بالموت، أو الطلاق، أو هجر أحد الزوجين للأبناء باشنغاله بالعمل، بحيث لا يستطيع الإشراف على تربية هؤلاء الأبناء. والتفكك الناتج عن سفر الأزواج، ومن ابتعادهم عن زوجاتهم وأبنائهم يعرض الأبناء إلى الانحرافات نظراً لعدم قدرة الأم على السيطرة، كما يؤدي إلى شعور الزوجة بأنها وحيدة ليس معها من يشاركها المسؤولية، ويجد ضعاف النفوس في هذه الأجواء الفرصة سانحة لمحاولة تبرير الممارسات غير الأخلاقية. أما أسباب التفكك الأسري، فيصعب حصرها لأنها تختلف من أسرة إلى أخرى، ولكن لعل أبرز أسباب التفكك الظاهرة عدم الالتزام بالأسس الشرعية إبتداء بقبول الزوجين، والرضا الزواجي، وتوافر شرط الصلاح والإيمان بما يدعم استقرار الزواج، وتحقيق السكن والمودة، الذي يجهله الكثيرون بل الأغلبية، وإساءة فهم مفوم «القوامة» الذي يستغله بعض الرجال لقمع المرأة. و تصبح الأسرة مثل القوقعة الفارغة، حيث يفشلون في إقامة علاقات طيبة وايجابية فيما بينهم. كذلك تولد المشكلات المادية أو النفسية النزاعات داخل الأسرة، بما ينعكس سلباً على نمو الأبناء النفسي، وشيوع الفوضى داخل الأسرة، وإقامة أحلاف تآمرية فيها وطرح سياسة اختيار الحليف «معنا أم ضدنا؟!». هذا فضلاًِ عن تدهور الأوضاع الاقتصادية لقطاعات كبيرة من الأسر، وتدني مكانة الأب، وضعف سيطرته، وسقوط هيبته وقدره في أنفس الأبناء وشيوع النزاعات والتوترات الدائمة التي تكون من إحدى نتائجها المشكلات من قبيل التشرد والتسول. أما عن تأثير تفسخ العلاقات العائلية، فإنها تؤدي إلى الفشل في إنماء شخصية الأبناء باشباع حاجاتهم العاطفية والوجدانية، وتوفير التربية الملائمة للانحرافات والتشرد، والحرمان العاطفي، والفشل في تكوين القيم الاجتماعية لديهم وعدم الثقة بالذات والآخرين. عن تأثير»العالم الجديد وثورة الاتصالات» تقول د. قطب: «تعتبر وسائل الاتصال الحديثة سبباً من أسباب التفكك الأسري في المجتمعات المعاصرة، على الرغم من إيجابياتها، وأصبحت الإثارة هي الهدف والغاية، حيث ظهر ما عرف بإدمان الانترنت، وتناقص التواصل الأسري وتضاؤل شعور الفرد بالمساندة الاجتماعية. دون أن ننسى ضعف الإيمان لدى الزوجين أو أحدهما، فالإيمان هو الحصن الواقي لأفراد الأسرة ويفقد ضعيف الإيمان حاجزاً وقائياً لا مثيل له في مواجهته لمشكلات الحياة المعاصرة. كذلك فإن من الأسباب الأخرى لهذه الظاهرة تقليد الآباء والأبناء للعادات الغربية تحت شعارات العصرية والحداثة والتطور، والخيانات الزوجية التي تعد خروجاً عن الحقوق الشرعية للزوجين باعتبار الأصل هو الوفاء الزوجي.وأول ضحايا التفكك الأسري هم أفراد تلك الأسرة المتفككة، فالزوج والزوجة يواجهان مشكلات كثيرة تترتب على تفكك أسرتهما، فيصابان بالإحباط وخيبة الأمل وهبوط في عوامل التوافق والصحة النفسية، وينتج عن ذلك عدم القدرة على تكوين أسرة مرة أخرى، فينعزل الزوج أو الزوجة عن الحياة الاجتماعية، أما الآثار الأكثر خطورة هي تلك المترتبة على أولاد الأسرة المتفككة، خصوصاً إن كانوا صغار السن.. فأول المشكلات التي تواجههم فقدان المأوى الذي كان يجمع شمل الأسرة، وهنا سوف يحدث التشتت حيث يعيش الأولاد أو بعضهم مع أحد الوالدين والبعض الآخر مع الوالد الآخر، وغالباً ما يتزوج الأب بزوجة أخرى، والأم بزوج آخر، والنتيجة في الغالب مشكلات مع زوجة الأب وأولادها وزوج الأم وأولاده، مما قد يدفع أولاد الأسرة المتفككة إلى ذلك المنزل إلى أماكن أخرى قد لا تكون مناسبة للعيش في حياة مستقرة، كما يحدث في مساكن العزاب من الشباب.. وإذا كانت بنتاً فقد تصاب ببعض الأمراض النفسية نتيجة سوء المعاملة التي تتعرض لها في حياتها اليومية، وفي بعض الحالات تكون مثل تلك الفتاة عرضة للانحراف في مسالك السوء بحثاً عن مخرج من المشكلة التي تعيشها. وسائل العلاج تضيف الدكتورة قطب : يؤدي التفكك الأسري في بعض الأحيان إلى تهيئة الظروف لانحراف أفراد الأسرة، خصوصاً الأولاد من البنين والبنات، فعدنما تتفكك الأسرة ويتشتت شملها، ينتج عن ذلك شعور لدى أفرادها بعدم الأمان الاجتماعي، وضع القدرة لدى الفرد على مواجهة المشكلات، وتحوله للبحث عن أيسر الطرق وأسرعها لتحقيق المراد، دون النظر لشرعية الوسيلة المستخدمة في الوصول للهدف، فيصبح المذهب الميكافيلي (الغاية تبرر الوسيلة) هو الموجه لسلوك الفرد. أما الوقاية فتتمثل في تقوية إيمان الفرد بالتربية الايمانية والتعلق بأصول الإيمان وأركان الإسلام، وتعاليمه، وبناء الأسرة على أسس صحيحة، من مرحلة اختيار الزواج أو الزوجة، وعدم اقتحام خصوصية الحياة الزوجية، وتضافر جهود المؤسسات الدينية، والمؤسسات التربوية والتعليمية، والثقافية والإعلامية. وهذه المؤسسات كما أنها قد تسهم في وقوع مشكلة التفكك من خلال برامجها وما يعرض فيها، ويمكن أن تساهم في العلاج من خلال وعي القائمين عليها بمسؤولياتهم نحو المجتمعات التي يوجهون إليها برامجهم، أيضاً المؤسسات الخيرية والأهلية، ومؤسسات الإرشاد الزواجي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©