الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لوحات فنية بطعم «أكلات العالم»

لوحات فنية بطعم «أكلات العالم»
15 مايو 2009 01:54
هناك من يقول:»إن الفن الحقيقي، هو ذلك الإبداع الذاتي الذي يستهدف تحقيق حالة من الإشباع والرضى لصاحبه، عندما ينجح في ترجمة رؤاه الذاتية إلى الآخرين في لغة جمالية محسوسة». هذا القول وجدته متجسداً على أرض الواقع، عندما توقفت أمام عدد كبير من الناس، ومن جميع الأعمار والأجناس، وقد التفوا في حلقة دائرية ليراقبوا باهتمام كبير أمراً أو مشهداً يدور في منتصف الحلقة غير المرئي، وذلك على رمال كورنيش أبوظبي خلال ليالي مهرجان «ووماد» للموسيقى العالمية الذي شهدته أبوظبي الشهر الماضي. حاولت أن أكتشف ما يجذب اهتمام المتفرجين، وأخذت مكاني بصعوبة بينهم، إذ أجد سيدة في العقد السابع من العمر، ممتلئة الجسم، تجلس على الأرض في وضع يمكنها من ترجمة ما يدور في ذهنها من أفكار، وأمامها لوحة خشبية تراصت حولها عشرات الأكياس المملوءة بشتى صنوف المأكولات والحبوب والعطور والبذور الجافة، أو التي تم تجفيفها، وعدد غير قليل من قطع الخضروات الطازجة أيضا، وتقوم بتشكيل تقسيمات ورسوم ونقوش وزخارف هي غاية في الروعة والجمال وبداعة التنسيق، وتناغم في الألوان والأشكال. حبوب وبذور كانت السيدة «أشاوايا ديارا» منغمسة في تنفيذ إحدى لوحاتها تساعدها ابنتها الشابة «جويا» في استكمال بعض النقوش، أو تقم بالتحضير والإعداد أو بوضع اللمسات الأخيرة على اللوحة. حاولت بيني وبين نفسي أن أحصي أنواع الحبوب والأصناف المجففة، أو عدد أنواع الخضروات «المقطعة» إلى أجزاء صغيرة أشبه بقطع «السلطة» فلم أستطع هناك. الأرز والقمح والشعير والحلبة والفول والحمص والبازيلا والفاصوليا بكافة أشكالها والترمس والذرة والعدس المقشور وغير المقشور، وعشرات الأنواع والأصناف من التوابل من كل حدب وصوب ولا يخلو الأمر من حبات الطماطم الصغيرة جداً، والفلفل الأخضر بكل ألوانه الصفراء والحمراء وغير ذلك من قطع «الخيار» والكوسة والفجل الأحمر والأبيض والزيتون وبعض ورق الورود الجافة لأغراض الديكور والزينة. اللوحة التي تقوم السيدة شاوايا بتنفيذها «دائرية» يبلغ قطرها المترين، أو بيضاوية، أو مستطيلة أو مربعة بنفس المساحة تقريباً. انتظرت قرابة الثلاث ساعات وأنا أراقب لمسات «شاوايا» وابنتها الحسناء، وحاولت أن أتفهم وأستوعب ما أرى، وما الهدف مما تقوم به. هواية وعشق تقول «شاوايا»: «أنا إنجليزية من أصل هندي، رحلت إلى عاصمة الضباب مع أسرتي منذ أكثر من أربعين عاماً، كنت مولعة في الصغر بالتطريز، والفن بكل أشكاله، وكثيراً ما رسمت لوحات زيتية أو باستعمال الألوان المائية وأنا طالبة بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية، وكثيراً ما استخدمت قطع وقصاصات القماش الملون في تجميل وزخرفة ما أريد، وشغفت بالديكور، وبكل مظاهر الجمال من حولي، ووجدت نفسي في تصميم وتطريز الملابس وهي المهنة التي احترفتها طويلاً. وتضيف «شاوايا»: كثيراً ما جذبتني المناظر والمشاهد الطبيعية، وأغرمت بجمال الطبيعة ومكوناتها، وبكل شيء طبيعي بألوانه التي خُلق عليها، ودون تدخل من الإنسان، وكثيراً ما كنت أعبث في مطبخ العائلة بتشكيل الأشكال واللوحات من الحبوب والتوابل الهندية الجافة على سطح المنضدة أو فوق أرض غرفتي، أو في فناء البيت، أو في أي مكان متسع وأملس، وكل سعادتي تتمثل في إخراج ما أشعر به من جمال، وأن أقرأ التقدير في نظرات الإعجاب من الآخرين، وكثيراً ما شاركت في مهرجانات فنية مدرسية، أو على هامش مهرجانات فنية وفلكلورية ومن ثم طورت الفكرة وأصبحت أنفذ أفكاري على مثل هذه اللوحات، وبالتالي أصبحت ضيفة دائمة على مهرجان «ووماد العالمي للموسيقى» وأطوف العالم من خلال المهرجانات التي تقام هنا أو هناك. إشباع ذاتي أما الفائدة التي تجنيها «أوشايا» من هذه الهواية فتقول: «أولاً.. أشبع نفسي وذاتي، وأنفذ ما أراه بداخلي دون تحضير مسبق، وأكون في منتهى السعادة والفرحة عندما يلتف الناس حولي مبهورين ومعجبين بجمال ودقة ما أقوم به، وكلمات الإشادة التي أسمعها هي أغلى ما يمكن أن أحظى به. وتضيف: «أحياناً أبيع لوحاتي، لكن في هذه الحالة أقوم بتثبيت المواد المستخدمة من حبوب وتوابل وبذور بمادة لاصقة حتى لا تتحرك ولا تفقد ولا تشوه، وعادة ما يتحدد السعر حسب حجم ومساحة اللوحة والنقوش التي أنفذها، ومدى دقتها، وكثيراً لا أعبأ بمسألة الثمن، وهناك من يدفع أكثر مما تحملت من تكاليف، أن الأمر في النهاية هواية أجوب من خلالها العالم، وأطلع على مختلف الثقافات والحضارات والعادات والتقاليد، وبالتأكيد أستغل هذه المهرجانات في تجميع مواد لم أكن أعرفها من قبل، وأنقلها إلى مكان آخر من خلال لوحاتي التي يطلق عليها البعض «لوحة الغذاء العالمي» أو «غذاء العالم في لوحة» أو سمها ما شئت، فقد أقمت معارض في دول أوروبا وأميركا وأستراليا وبلدان كثيرة في آسيا، وها أنا اليوم أزور أبوظبي للمرة الأولى وسأسعى إلى أن أكون موجودة في مهرجاناتها دائماً في المستقبل».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©