الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الساخرون

13 ابريل 2008 02:06
صينية الآلام هناك أشياء معدودة أمقتها بجنون؛ منها القسوة والتعصب والفقر المذل و·· صينية البطاطس·· لسبب ما لا أشعر أبدًا بأنها نوع محترم من الخضراوات، ولا أشعر بذلك الامتزاج المقدس بين الطماطم والبصل والبطاطس لصنع شيء واحد، إنما هي قطع من خضراوات متنافرة· بالطبع ليس ما يروق لي وما لا يروق لي موضوعًا مناسبًا لمقال حتى إن كان محببًا لي شخصيًا، لكني أحاول أن ألقي الضوء على حياة العزاب التي تلعب فيها صينية البطاطس دورًا لا بأس به· يعود الأعزب من عمله منهكًا غارقًا في العرق، فينزع ثيابه بسرعة، ويهرع بثيابه الداخلية إلى المطبخ ليقطع بعض حبات البطاطس وبعض شرائح الطماطم والبصل في صينية، ثم يمزق الدجاجة التي ابتاعها أمس إلى أربعة أشلاء يدفنها تحت الخليط ويزج بالصينية في الفرن خلال دقائق، ثم يتفرغ لارتداء ثياب البيت والوضوء والصلاة إذا كان من المصلين، أو العبث بأصابع قدميه إذا لم يكن منهم، ثم ينتقل إلى الجزء الثاني من برنامج عمله؛ وهو وضع ثيابه بما في جيوبها من أوراق ونقود في الغسالة وتركها تدور إلى الأبد·· بهذا يمكنه أن يفخر أنه يجيد الطهي ويجيد الغسيل معًا·· فما أن ينتهي حتى يكون الغداء قد نضج بدوره فيجلس وحيدًا أمام التلفزيون يلتهم طعامه· في فترة من حياتي كنت أعزب أعيش وحدي، وقد جربت الطهي مرة أو مرتين، فكنت أتشمم الطعام بعد أن ينضج·· ومن دون تردد أحمل الإناء لأسكبه في سلة المهملات ثم أنزل قاصدًا أقرب مطعم لي·· أدمنت أكل المطاعم، وكنت أجعل المطعم يحضر لي طعامي أحيانًا، فأنعم بالجلوس أمام التلفزيون وأنا أفتح الكيس لتنبعث رائحة الدجاج المشوي الشهية ورائحة الأرز الأشهى·· لحظات نورانية أنتظرها طيلة اليوم في صبر·· ثم يأتي النوم·· النوم الطويل الجميل بعد الأكل والذي يمكن بسهولة أن يتحول إلى موت لولا إرادة الحياة لدي·· إرادة الحياة وموعد الدوام الليلي طبعًا·· هكذا كنت راضيًا بحياتي سعيدًا إلى أن اكتشف العزاب الذين يعملون معي في ذات المكان أنني آكل وحدي·· ـ ''هذا لن يكون·· عيب !'' قلت لهم إنني سعيد بحالي، لكنهم صمموا على أني معذب تعس ويجب أن أترك لهم نفسي·· قلت لهم إننا جميعًا في الهواء سواء·· ليس بيننا من ينعم بطهي زوجته فلم لا يتركونني وشأني؟·· لا وحياتك·· هكذا وجدت نفسي مدعوًا يوميًا تقريبًا إلى دار واحد منهم يقسم أغلظ الأيمان أنه لن يتركني·· أحدهم حلف على امرأته بالطلاق ثلاثًا برغم أنه لم يتزوج بعد، لكني بالطبع ذهبت لأنني أخشى خراب البيوت·· هكذا أجلس مع هؤلاء الكرماء نتبادل النكات ونغتاب الناس ونشتم من ليس بيننا، إلى أن يظهر صاحب الدعوة حاملاً الكنز الذي سيحميني من الموت جوعًا·· صينية البطاطس·· ـ ''إنها سهلة لذيذة كما تعلم !'' أكظم غيظي وآكل·· طبعًا لا ينتهي الأمر هنا·· فلابد من جلسة تطول بعد الغداء·· عيناي مثقلتان ورغبة ملحة للنوم تقتلني لكني أتماسك، وفي النهاية يطلقون سراحي فأعود لداري لأكتشف ان موعد الدوام الليلي بعد نصف ساعة وأنا لم أنم ! في اليوم التالي يظهر صديق أعزب آخر·· إن شاء الله أنت ضيفي اليوم·· أحاول التملص لكن وجهه يحمر ويتصاعد البخار من منخريه·· أنا لست أقل من فلان وأنت قبلت دعوة فلان أمس·· هذه إهانة·· هكذا أجد نفسي جالسًا مع شلة العزاب نتبادل النكات ونغتاب الناس ونشتم من ليس بيننا، إلى أن يصل صاحب الدار حاملاً مفاجأته الساخنة·· صينية البطاطس طبعًا ! ـ ''إنها سهلة لذيذة كما تعلم !'' ويتكرر كل شيء·· صرت أكره صينية البطاطس·· أراها في كوابيسي·· أتخيل نفسي دجاجة ممزقة وسط البطاطس توضع في فرن·· صار الأكل في المطعم حلمًا أتمنى أن أعيشه مرة واحدة قبل الموت·· هكذا استمر الحال إلى أن جاء الفرج على يد واحد من زملائنا·· هو رجل متزوج ظريف أصر على أن يدعونا نحن العزاب لداره·· ـ ''أنتم تبدون كالأشباح·· لا بد من أكلة محترمة دسمة من يد زوجتي تعيدكم لعالم البشر'' قال لي رفاقي وهم يغمزون إن دعوة هذا الزميل لا تُرفض لأنه مشهور بالكرم· سوف نأكل أكلاً يغنينا عن صينية البطاطس عدة أيام·· تفاءلت خيرًا وذهبت للدعوة·· طبعًا لا داعي لأن أخبرك أن زوجته اختارت لنا صينية البطاطس في ذلك اليوم بالذات، فهي وجبة سهلة لذيذة كما تعلم !· بعد الغداء جلس جواري وهمس لي أنه يثق بي كثيرًا ويراني رزينًا مهذبًا·· إنه يرشح لي أخت زوجته عروسًا لتخرجني من حياة العزاب الكريهة هذه· لكن هل عندي مواصفات معينة أتمناها في شريكة حياتي ؟ قلت في بساطة: ـ ''لا مواصفات على الإطلاق·· فقط أريد زوجة صالحة ترعى بيتها و·· لا تجيد عمل صينية البطاطس!'' د· أحمد خالد توفيق روعة الزواج والخيانة الزوجية قال لي فيلسوف فرنسي معاصر''فضل عدم ذكر اسمه كونه متزوجا حديثا'' عندما كنا نتجاذب أطراف الحديث على متن الطائرة عن العلاقة الزوجية في الألفية الثالثة، أن سعادة الزواج تكمن في قدرة الرجل على الاحتفاظ بزوجته واللعب بذيله في ذات الوقت! وبهذا لن يكون هذا الفيلسوف الفرنسي خفيفا على قلوب النساء العربيات اللاتي دخلت البهجة إلى قلوبهن من أوسع الأبواب في مطلع هذا الشهر عندما قرأن في إحدى الصحف الخليجية عن عقار طبي جديد لكشف الخيانة الزوجية اسمه ''قفشتو/Ka-Fashto'' وهو مستحضر لا يحتوي على أي مواد كيماوية بل يتألف أساسا من خلاصات عشبية وزيوت عطرية نادرة يتم تحضيرها بنسب دقيقة جدا على هيئة سائل شفاف لزج القوام، وتأتي تركيبة المستحضر بنكهات متعددة من بينها اللافندر والبرجمون والنعناع والدارسين والهيل والمرمرية والزعفران والحبق والزعتر والفانيليا، وهي كلها تجعل جسم الرجل يفرز رائحة واحدة ألا وهي: رائحة البخور، وهي الرائحة التي تفوح من جسم الزوج اذا كان عائدا لتوه من (علاقة حميمة سرية)· أما طريقة استعماله فبسيطة جدا إذ لا يتعين على الزوجة التي تشك في استقامة وإخلاص زوجها سوى أن تدس له قطرة واحدة من العقار العشبي في أي مشروب ساخن أو بارد ثم تقدمه إليه ليحتسيه فور عودته من سهرته أو سفريته المريبة· وبهذه الطريقة يصبح من السهل جدا على الزوجة أن تكتشف بأنفها ما اذا كان زوجها قد ارتكب الخيانة الزوجية أم لا خلال فترة غيابه عن المنزل ، حيث أن النتيجة تكون ايجابية (أي:خائن) اذا التقط أنف الزوجة رائحة نكهة البخور وهي تفوح منه بقوة على مدى يومين متتاليين بعد دس المستحضر له في الشراب، أما اذا لم تشم الزوجة تلك الرائحة فمعنى ذلك أن زوجها ما زال بريئا إلى أن تثبت الرائحة إدانته!· وبين ليلة وضحاها لقي العقار صدى واسعاً بين صفوف اللواتي يعتقدن أن أزواجهن يرتكبن فعل الخيانة، ما حدا بهن إلى الاتصال والاستفسار عن الأماكن التي يباع فيها ذلك المستحضر، وفي المقابل كان للعقار وقع الصاعقة على الرجال الذين ''يلعبون بذيلهم في الخفاء مرتكبين آثامهم اللذيذة''، رغم أن كل ذلك لم يكن سوى دعابة ثقيلة قامت بها إحدى الصحف الخليجية في مطلع هذا الشهر لتكشف في اليوم التالي أن الأمر لم يكن سوى كذبة الأول من أبريل!! لكن الغريب هو أن وزارة الصحة في ذلك البلد كانت أول المخدوعين رسمياً قبل النساء المبتهجات والرجال المذعورين، حيث وقعت الوزارة في فخ كذبة ''قفشتو'' عندما أرسل مدير إدارة تسجيل ومراقبة الأدوية الطبية والنباتية في ذلك البلد بكتاب ''اعتراضي'' أرفق معه النص الكامل للقرار الوزاري صدر عام 2002 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون، حيث قال في نص الكتاب مخاطبا إدارة الصحيفة: ''نود الاحاطة انه بعد الإطلاع على الإعلان والمقال الخاص بالمستحضر العشبي ''Ka-Fashto'' المنشور في صحيفتكم الصادر بتاريخ 1/4/2008 والمرفق عنه نسخة، نفيدكم علماً بأن المستحضر غير مسجل وغير مصرح بتداوله وكذلك الإعلان عنه من قبل الرقابة الدوائية والغذائية''!!· وبهذه الخاتمة الحزينة للفصل السعيد عادت الكآبة لترتسم على وجوه بنات حواء اللواتي ثبت لهن أن ''ذيل السيد آدم'' أصعب من أن يروض أو يلم في قفة ليكف موهبة اللعب الأبدي· ولكن لا بأس حيث تنصح إحدى الدراسات اللئيمة التي قرأتها على الإنترنت واشترك في إعدادها عدد من الباحثات المتعاطفات مع حواء وعدد آخر من الباحثين الملاعين المتواطئين ضد بني جلدتهم، تنصح المرأة المتزوجة التي تشك في مدى إخلاص زوجها لها مهما كان حويطا أو حريصا باختبار العلامات الست وهي: ؟ عندما ينام سي السيد، راقبيه هل يبتسم خلال النوم؟ وهل يحاول سحب المخدة إلى حضنه ويتمتم باستمتاع؟ فهذه علامة بأنه يحلم بمقصوفة الرقبة التي يمضي أوقاته معها كلما هرب من المنزل· ؟ عندما توقظين الباشا من النوم راقبي وجهه وحركاته جيدا، هل يفيق وهو يبتسم ويتمدد ويتمغط كالقط الشيرازي ثم لا يلبث أن يستعيد تكشيرته عندما يدرك أين هو فعلا بعدما يلمح وجهك؟ هذه علامة ثانية· ؟ عندما يدخل البيه للحمام هل يأخذ وقتا أطول من المعتاد في الاستحمام؟ وهل يعتني بحلاقته أكثر ويواظب عليها؟ وهل يكثر من استخدام العطور الجديدة التي تبث في دعايات هذه الأيام؟ وهل يترنم وينشد ويتأوه ويتأود عندما يضبط هندامه أمام المرآة؟ هذه علامة ثالثة· ؟ هل يخرج الزول بلا إفطار، وعندما يعود متأخرا وقت الغداء أو العشاء هل يقول ببساطة : لست جائعا أكلت بره؟ هذه علامة رابعة· ؟ هل تجدين الزلمه متحمسا دائما للذهاب للسوبر ماركت لشراء الخبز أو الحليب أو أي شيء آخر بحجة تغيير الهوا والمشي كي يخلو له الجو ويأخذ راحته في أحاديثه الهاتفية؟ هذه علامة خامسة· ؟ هل تجدين أن الأستاذ المحترم قام بتغيير سلوكه التلفزيوني فجأة؟ بمعنى: بعد أن كان غارقا في متابعة البرامج السياسية والوثائقية، أصبح مهووسا بمتابعة البرامج الوسائخية وأغنيات ورقصات الفيديو كليب حتى وقت متأخر من هزيع الليل؟ هذه علامة سادسة· إذا تأكدت من كل ذلك ينصحك الخبراء بالتوجه فورا للمطبخ لانتقاء أكبر وأثخن وأثقل مقلاة، وأنت تعرفين بعد ذلك عزيزتي أين ستنزلينها بالضبط؟!· محمد الحلواجي جوكر قلب الحدث!!! هي··! أسرع من سرعة الريح وأخف من يد ساحر وأمضى من سكين جزار، وأبرق من تلفاكس في نقل الأخبار والأسرار وكل ما يدور أو قد دار هنا وهناك، لا يفوتها لا شارد ولا وارد أياً كان، تجدها خلف الحدث قبل أي مراسل محترف في أي صحيفة أو اذاعة أو قناة اخبارية متخصصة· ''جوكر قلب الحدث'' هي امرأة بدرجة سفير للنوايا غير الحسنة! ناقل غير أمين، ناطق باسم الغير دون تفويض، هذه الكونكورد عابرة البيوت والحارات مخترقة كل الأجواء والمناسبات لتطلق ما يحلو لها ويطيب من إشاعات ووشايات وحكايات، فلا تألوا جهداً في فك الروابط والأواصر الاجتماعية بأي شكل من الأشكال، من فركشة زيجات، وطعن بأحياء وأموات، وتفنيش موظفين وموظفات، ويمكن أن يكون لأبعد من ذلك، كإمكانية تأثيرها على مؤشر البورصة والخسف به إلى أدنى مستوياته! وإن بحثت عنها تجدها أنها أحياناً لا تملك سوى ''قمل ثيابها''، ولكن بالمقابل لها نفوذ وسطوة لتعلق رقاب على حبال المشنقة وليس العكس، ليقفز سؤال أكبر من جمجمتك تُرى من أين لها كل تلك القوة وهذه السلطة والحظوة؟!، بالرضا والغصب لها في كل بيت صحن ولا تتردد من طلب ''التيك أوي''، فوقتها لا يسمح بالطبخ والتبضع لنفسها، لتقتاد على ومن البيوت التي تخترقها وتقصدها من الصباح حتى صياح الديك، فعلى الرغم من تأكد بعض تلك البيوتات بل الكل من أنها وراء أي مصيبة أو إشاعة أو تلفيقة، إلا أنهم لا يستطيعون مواجهتها، لكشف شرها عنهم، فيجعلون أذن من طين وأذن من عجين ويأكلون ماعون ''سد الحنك'' للمقاومة والصمود أمام هذه الآفة، ففي قاموسها لا توجد استثناءات في ممارسة هوايتها المفضلة، فن ''الجز والحز والعجن والفتل والسلخ والبتر''·· ''جوكر قلب الحدث'' متخصصة في الفبركات الساخنة وتأليف السيناريوهات لقصص وروايات لا ينافسها في تأليفها إلا هي فقط، فلا تتورع من التعدي حتى على التاريخ الموثق، القديم منه والمعاصر، وفي الوقت ذاته لها المقدرة على قلب الروايات التي تفانت في نسجها وغزلها ''ضد'' خلق الله في غمضة عين لتنقلب على الوجه الآخر بسرعة البرق، فهي جوكر ''فلكسبل''، طيعة عندما تشاء وترغب وتُتكتك، فتتلون حسب الأجواء والأوضاع، جوكر قلب الحدث امرأة من طراز خاص، تجدها في كل مكان، تعجب منها حتى الغيض، تحسدها على نشاطها وحيويتها في تتبع أحوال الناس على وجه هذه المعمورة، فقد تتواجد في عرس وعزاء في ذات اليوم، وبتوفيق ماهر وديناميكية تحسدها عليها الجماهير وكأنها نسخة من أربع وأربعين نسخة، فلا يُكلفها الموضوع سوى قلب عباءتها لا أكثر بحسب المناسبة، فالوجه السادة للعزاء، والوجه الآخر المفصص المزركش للأعراس والمناسبات السعيدة، لذا أمام كل هذا لا تملك إلا أن تحترم فيها تفانيها في ممارسة هوايتها، أما المفجع والمُضحك في تلك الجوكر أنها لا تأسف ولا تندم على أي حرف أو قصة لفَّقتها على من تشتهي أو لا تشتهي ممن تعرفهم أو لا تعرفهم، وكأنها قد تحررت من تلك العقدة منذ زمن لتنطلق بلا ضمير قد يقض مضجعها بين الحين والآخر بلا داعي!، ''الموضوع مش مستاهل كل هذه الحساسية''!!! يُقال بأن أحد الأثرياء تبرع لها مؤخراً بمبلغ ضخم لافتتاح قناة ''الجوكر'' الفضائية، متخصصة في التلفيق والتشهير والتأليف الفتنازي، من باب تشجيع واستقطاب المواهب غير العادية، ولتفريغ كل السموم والأحقاد الدفينة على الهواء مباشرة، في محاولة لتفادي وتقليص حالات الحرق والغليان الذاتي، وتحجيم فكرة الانتحار لتلك المواهب، والحفاظ عليها من الانقراض ''اللهم آمين''!، يُحكى أن هناك امرأة تدعى ''صوفيا ريّا وولف'' طلبت من أحد المشهورين بالوشم ليقوم بوشم صورة زوجها على لسانها بعد وفاته، لأنها تيقنت بعد فقده أنها كانت السبب، لكثرة تذمرها المستمر وحدة لسانها السليط، فأرادت من هذه الخطوة التكفير عن ذنبها اتجاهه حتى وإن كان متأخراً! السؤال الذي قفز في رأسي ورؤوسكم جميعاً، إذا ما فكرت هذه الجوكر وصحى ضميرها المخدّر فجأة نحو التكفير عما اقترفته بحق البشرية، وأحبت أن تحذو حذو صوفيا، تُرى كم صورة أو ''بورتريه'' قد ترسم على لسانها الطويل؟! والله لو كان لسانها بطول حائط برلين أو سور الصين العظيم لن تُبرئ ذمة هذه ''الجوكر''!!! ؟؟ همسة: ''لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه''· ''الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه'' فاطمة اللامي عصير موز في قِدر فول ''تفضّل يا باشا'' قالها معلم المقهى وهو يضع ''كوب'' القهوة أمامي· قلت له: هذا كوب شاي وغير مخصص للقهوة· فرد وهو يضحك: لكن الذي صنع الكوب لم يكتب عليه ''للشاي فقط''، ثم إن القهوة هي القهوة·· أي لا يهم الوعاء الذي يحتوي القهوة، المهم هو القهوة نفسها· سكّت وشربت القهوة في كوب الشاي لأنني كنت أخطط لرد الصاع صاعين، فالقهوة التركية ليست مجرد سائل ثقيل بني يساعد على التركيز ويطرد النوم ويلاحقه بعصا، وإنما هي إحساس وطقوس وشعور لا يمكن أن يحصل إلا في الفنجان وفي جلسة مقهى أو في حديقة منزل أو في مكتب وليس في السيارة مثلاً· بعد نصف ساعة ناديت على المعلم وقلت له: أريد عصير موز في قِدر، ولا أريد كمية كبيرة تملأ القِدر، هي الكمية نفسها التي تضعونها في كوب العصير، فالمهم كما تقول حضرتك هو المادة التي في الوعاء وليس الوعاء نفسه، خصوصاً أن الذي صنع القِدر لم يكتب عليه ''للفول فقط''· وهكذا عرف المعلم ''أن الله حق'' وصار يبحث عن فنجان لقهوتي بينما يشرب باقي الزبائن الشاي والقهوة والعصير في أكواب متشابهة· وليس كل الناس في هذا العالم مثل ذلك المعلم، فأنا لست زبوناً عندهم ليقتنعوا بكلامي، لكنني أزعم أن ما أقوله صحيح، وكثير ممن أعرفهم يضحكون على فلسفتي ويعتبرونني مجنوناً، فمثلاً أقول لهم يا قوم لا يجوز أن تطلبوا الحمص في مطعم إيراني، وإياكم وأكل الفول في مطعم هندي، وحذار من طلب البرياني في مطعم لبناني، ولا يجوز بأي حال من الأحوال طلب السمبوسة من مطعم مصري· فالقضية ليست في الطباخ الذي يتقن كل شيء، وإنما في أن هذا الطباخ مهما كان بارعاً يصعب عليه إعداد طبق غريب عن بيئته بالشكل الصحيح مائة في المائة، فالفتوش الذي يعده الشامي لا يمكن أن يكون بطعم فتوش الهندي أو الإيراني أو المصري أو أي كائن بشري آخر، لأن الشامي وُلد على الفتوش، وربما رضعه مع الحليب، وكانت أمه وجدته وأخته وزوجته وابنته وحفيداته يعددن الفتوش تلو الفتوش، فهو يعرف في هذا الطبق كما يعرف مارادونا في تعاطي الحشيش· بعد ساعة من المحاضرة في هذا ''العلم'' الذي يقول إن لكل شيء شيئاً ولكل مقام مقالاً ولكل قضية ملفاً، يطلب أصحابي في مطعم لبناني، شاي كرك بعد وجبة برياني! والعلم يقول إن اللبناني لا يعرف الكرك وهو في الأساس لم يعرف البرياني إلا في الإمارات، وفوق هذا، لا يجوز، وربما يعتبر إثماً عظيماً، شرب الكرك بعد البرياني اللبناني- الهندي· أحمد أميري
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©