الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا تفقدي صبرك عندما يتعمد طفلك الكسل

لا تفقدي صبرك عندما يتعمد طفلك الكسل
13 ابريل 2008 02:01
مشهد يتكرر كل يوم، الأم تدخل حجرة طفلها صباحا أكثر من مرة تطلب منه أن يصحو ويغادر السرير· تظل الأم قلقة وهي تعد إفطار الأسرة· إنها تخشى أن يتكاسل هذا الابن عن ارتداء ملابسه· تدخل عليه الحجرة كل دقيقتين حتى تتأكد من أنه ارتدى ملابسه· يعلو صوت الأم غاضبة تطالبه بأن يكون سريعاً ونشيطاً· إنه يتشاغل عن ارتداء ملابسه ولا يأتي الى مائدة الطعام لتناول الإفطار إلا بعد أن تكون الأم قد فقدت أعصابها تماماً· وتذكره بموعد سيارة المدرسة، لكنه لا يكترث· فما هي الأسباب التي تدفع الطفل الى التكاسل والتباطؤ؟ إن الأم والأب ينتظران من الابن أن يحضر الى مائدة الطعام في الميعاد، وأن يقوم هو نفسه بتناول الطعام دون مساعدة أحد، وأن يسير على خطوات الأم وسرعة إيقاعها، وهكذا تفقد الأم القدرة على الصبر فتبدأ في إصدار الأوامر بلهجة عصبية ويبدأ الطفل في العناد· إن كلمة ''لا'' هي أسهل الكلمات التي ينطقها الطفل أثناء أي أمر يحمل صفة السيطرة المطلقة عليه· انها أسهل الكلمات التي ينطقها في أي مناقشة· إنه يرفض أن يسيطر عليه أحد بشكل مهين للكرامة· كما أنه يحاول أن يصنع كل شيء· إنه يحاول مثلاً أن ينتعل حذاءه بمفرده رغم أنه يفتقد القدرة عملياً على ذلك، وفي بعض الأحيان لا يستطيع الطفل اللحاق بأمه وهي تسير مسرعة فيتخلف عنها· عندئذ تحاول الأم أن تنادي الابن، فيقف في مكانه ''ويمثل'' أنه لا يسمعها، وعندما تعود لتمسك بيديه فقد يحاول أن يبدي استقلاله عنها بأن يجري الى الخلف· هنا تقع الأم فريسة نفاد الصبر والضيق من تباطؤ الطفل وعناده· النتيجة دائماً هي أن الأم النافدة الصبر تحاول دائماً الإلحاح بالأوامر على الابن وأن تضغط عليه ويتمادى هو في التكاسل والتباطؤ لأن هذا هو الأسلوب الذكي ليرد الهجوم عن نفسه· انه يعلن مقاومته للسلطة، ويكون أيضاً تباطؤه هو الوسيلة العملية التي تسبب ضيق الأم، وهو بهذا لا يدخل في تحد مباشر مع الأم· وهذا هو ما يتبعه الطفل الذي تكون سلطة الوالدين عليه غير حازمة وغير ثابتة، بل تكون مجرد خوف من أن يشعر الطفل أن أحد الوالدين يكرهه· الطفل أيضاً يخاف من أن يفقد حب أحد الوالدين خصوصاً حب الأم· إن حماية الطفل وحماية الأم من الوقوع في براثن هذا اللون من الصراع هي ضرورة مهمة قبل أن تتأزم العلاقة بين الاثنين وتصبح عرضة لمزيد من التعقد· الحل يتلخص في أن تتحدث الأم مع طفلها بصوت متفائل واثق وتقول له ''لابد أنك ترغب في أن تكون كبيراً، وانك ستعلم ''ماما'' في المرة القادمة عندما تريد أن تدخل المرحاض''· إن لهجة الأم هنا لا تتضمن أي تهديد، إنما هي مجرد فكرة تعرضها على الطفل في أنه سيحب في أحد الأيام أن يتصرف كالكبار· ففي حالة الطفل الذي يتعمد التباطؤ أثناء سيره مع أمه في الطريق، لها أكثر من أسلوب للعلاج، إننا لا يجب أن نتعجل منه في جعل خطواته كخطوات الأم· إن علينا أن نعرف أن الطفل سيحاول أن يلحق بأمه لو سارت في الطريق ببطء دون أن تظل تهدده وتتوعده بالويل والثبور وعظائم أمور العقاب· صحيح أن الأم ستفقد الكثير من الصبر ولكن لا يجب أن يسبب لها هذا الأمر إحساساً بالإحباط· ولهذا يفضل أن تصحبه الأم أو أن تتركه عند إحدى الصديقات بدلاً من أن تخرج معه الى السوق· ولكن ماذا نفعل في حالة الطفل الذي قد بلغ عامه السابع أو الثامن وأصبح محترفاً لفن التباطؤ والتكاسل· إننا نلاحظ أن الطفل في المرحلة بين العام السادس والعام الثاني عشر يحاول أن يؤكد فيها استقلاله عن الأسرة بكل الوسائل والأساليب· إنه يرغب في أن يدير كل شؤونه بنفسه، ولهذا فهو يستخدم أسلوب التباطؤ كسلاح يدافع به عن نفسه ضد أي اعتداء من سلطة الأسرة كما أن هذا السلاح يؤكد فاعليته لأنه يسبب الضيق للأسرة، وعلاج هذه المسألة يعتمد على خطة من نقطتين، الأولى هي أن يمتنع الوالدان عن إبداء الرأي في كل صغيرة وكبيرة في حياة الطفل وذلك ليترسخ في الطفل الإحساس بالمسؤولية والانتظام ويفخر باحترامه للمواعيد· طبعاً لا يتوقع أحد أن للكلمة أسلوباً ساحراً بهذه الطريقة، لا يمكن أن نظن ذلك وأن نكون خادعين لأنفسنا لأن الطفل لن يغير من سلوكه مرة واحدة، ذلك أن التباطؤ لابد أنه قد تخلل فيه الى درجة كبيرة وهو من المؤكد يرغب في أن يمتحن مدى صدق الأب أو الأم، ولهذا فهو لن يقوم من النوم بمنتهى السرعة في اليوم التالي للاتفاق، انه سيقضي أياماً يحاول فيها أن يعرف مدى ''سيطرته'' على نفسه وعلى عمله، سيتكاسل في الأيام الأولى للاتفاق، ولابد هنا أن تحتمي الأم بالصبر وأن يلوذ الأب الى عالم الأعصاب الباردة· صحيح أن هذا سيكون مؤلماً للاثنين، وصحيح أيضاً أن له فاعلية ما، ولابد أن يكون التشجيع للابن مليئاً بالحزم والحنان· وهذه بداية لا بأس بها، وإذا فاته ميعاد الدراسة فلا يجب أن تؤلمه باللوم الشديد، بل يمكن أن تظهر بعض الفهم له، ذلك ان الهدف هو وضع نهاية لعملية التكاسل والتباطؤ وليس الدخول مع الابن في مباراة عناد جديدة· وأنا أعرف أن ما أقوله غاية في الصعوبة على الأمهات والآباء، لأن بعض الآباء والأمهات يجدون لذة كاملة في إظهار مدى تحملهم لمسؤولياتهم أمام الأبناء، فتظل على أفواههم كلمات تعيد تذكير الطفل بمسؤولياته· أما النقطة الثانية يقوم بها أحد الوالدين الذي يتمتع بطاقة كبيرة من الصبر، إن المطلوب من الأب الصبور أو الأم الأكثر صبراً أن تدخل الى الغرفة التي ينام فيها الابن المتباطئ، وبشرط أن نتعمد تجاهل هذا التكاسل الذي قد نلمحه من تصرفات الابن ولا نترك أعصابنا تفلت منا لأن الابن لا يقوم بما يجب القيام به، كأن يتلكأ في غسل وجهه أو يتلكأ في ارتداء ملابسه، المهم هنا أن يشعر الابن أن هناك من معه ومن يصادقه، هنا ستنتهي بالتأكيد، مسألة تكاسل الابن، وقد يسأل أحد الآباء أو إحدى الأمهات ''ألا نستطيع أن نضع جائزة للطفل عندما يسرع في أعماله؟''· إن ذلك مفيد في بعض الأحيان، لكنه ضار أيضاً في أحيان أخرى، لأن معنى إعطاء جائزة للطفل كلما أسرع قد تجعل الطفل يدخل في منطقة ''بيع السرعة'' وعدم الإحساس بالمسؤولية الكاملة· ورغم ذلك فإن بعض الآباء والأمهات ينجحون في استخدام هذه الطريقة مع الأبناء خصوصاً في حالة الآباء والأمهات الذين يسهل أن يفقدوا الصبر بسرعة· وطبعاً يجب استخدام هذه الطريقة مع غيرها من بقية الطرق·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©