الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البستكية ذاكرة الحنين والحاضر الجميل

البستكية ذاكرة الحنين والحاضر الجميل
13 ابريل 2008 01:18
عشق التراث ورغبة العيش في أحضانه هو الحلم الذي تحقق على أرض دبي القديمة، تلك الوجهة السياحية التي ما زالت تسجل لحظات مهمة من خلال الأنشطة المتنوعة التي أنعشت المكان وجعلت منه نقطة التقاء بين عشاق الثقافة والباحثين عن الراحة والاستجمام· فخلال رحلة العودة إلى الماضي عبر ''البستكية'' ومساكنها التراثية التي تطل ببراجيلها الشاهقة على خور دبي، وتشد الزائر إلى ملاقاة مبانيها المتراصة المتلاحمة الصامدة أمام زحف العمران، وتخترقها ''السكيك'' التي مازالت تتردد في أرجائها أصداء أقدام قاطنيها والعابرين منها· ومن خلال بساطة التكوين الهندسي وروعة ودقة التشكيل الداخلي التي تتجلى فيها معاني القوة والمتانة والانشراح والطمأنينة والخصوصية والترابط الأسري، نقف على أعتابها لنتأمل ونتفكر في روعة العمارة التقليدية، التي يحدثنا عنها المهندس أحمد محمود أحمد رئيس قسم المباني التاريخية، يقول: 'إن منطقة البستكية جزء من مدينة دبي القديمة المستلقية على خور دبي، هذا النسيج العمراني المتميز قد مضى على وجوده إلى ما يقارب 100 إلى 120 عاماً، وتعتبر هذه المنطقة من المناطق التراثية النادرة الباقية في منطقة الخليج والتي ظلت محافظة على طابعها المعماري، من خلال مبانيها المتراصة وأبراجها الشاهقة وأزقتها الضيقة التي تخلق أجواءً حميمية دافئة، يدور بين ثناياها شريط الذكريات المليء بالأحداث التي عاصرها قاطني الحي القديم· الخصائص المعمارية وحول فنيات المباني القديمة في حي البستكية يضيف المهندس أحمد، بقوله: ''نجد العمارة بشكل عام تأثرت خلال مراحل تطورها بجملة من العوامل التي ساهمت في تكوين هيكلها الخارجي ومن هذه العوامل نلمس التأثر بالمفردات والعناصر الجمالية للحضارات المعمارية المجاورة، مثل المباني المنتشرة في جنوب إيران وعمارات جنوب شرق آسيا والهند، من خلال اقتباس عناصر معمارية من تلك الحضارات وما تحمله من نسب وقياسات، والتأثر بالقيم والعادات والتقاليد الموروثة والمكتسبة في المجتمع والتي ارتبطت بمفهوم وفلسفة الدين الإسلامي عن الجمال والفن معتمدة على مبدأ التجريد· كما يعكس تصميم المسكن مفهوم المعالجات التشكيلية في العمارة التقليدية حيث استخدام الأشكال شبه المنتظمة التي تغلب فيها نسبة الفراغات الداخلية المكشوفة على المساحات المغطاة تحقيقاً لإمكانات التوسع الأفقي إلى جانب تحقيق المعالجة البيئية· ويراعى في التصميم إلى حد كبير مبدأ الخصوصية والتحديد للمجال العام والخاص بالبيت من خلال تحديد مدى الرؤية البصرية وطبيعة تصميم عناصره· وهذا ما نجده من خلال تصميم المدخل الذي يتميز بانكساره من خلال حاجز عرضي عند المدخل يمنع الزائر من رؤية الفناء الداخلي للمنزل الذي هو أهم عنصر في المبنى ويشكل القسم المنفتح على السماء مباشرة، وعليه تطل الأبواب والنوافذ في طابقين، ولا يدخله تيار خارجي، إذ يصله بالباب الخارجي المطل على الشارع ممر متعرج''· الهواء النقي وحول حركة الهواء داخل وخارج الفناء، يضيف: '' إن الهواء في منازل البستكية لا يتسرب إلى داخل الفِناء، وكذلك الرياح والدخان والغبار، ولقد أثبتت التجارب أن حركة الهواء العلوية تبقى محوّمة فوق الفناء لا تتمكن من اختراقه إلا إذا كان الباب الخارجي مفتوحاً! وهذا يعنى أن الهواء العلوي سواء كان حاراً أو بارداً، نظيفاً أو ملوثاً، فإنه لا يؤثر على حرارة جو الفناء وعلى نقاوته· كما روعي في غرف المسكن أن يكون مستوى الأرض فيها أعلى من مستوى أرض الفناء أو الصحن، والسبب أن الهواء البارد أثقل من الهواء الدافئ، ويبقى مستقراً في قعر الفِناء تصده عن دخول الغرف عتبات عالية في أسفل الأبواب، ونجد أن الغرف تصنف إلى غرف علوية صيفية لها عدة منافذ متعددة، فالغرفة تضم ست نوافذ بالإضافة إلى عدة أبواب بغية التهوية أما في الدور الأرضي فتستخدم الغرف أثناء الشتاء، وما يميز المباني التقليدية وجود الايوان وهو الجزء الرابط بين الفراغات والفناء الواسع وعادة يستخدم المكان لجلوس الزوار من الأقارب، ولا تخلو التصميمات القديمة من وجود المجالس التي تعد من العناصر الرئيسة في المنزل· ونجد أيضاً الخدمات العامة والمتمثلة في المطبخ والمخزن· كما ويضم البيت أيضاً بعض العناصر الجمالية التي زينة بها واجهات الغرف المتمثلة في الفتحات والتجاويف والزخارف التي تتسم بالنمط التكراري أو الشريطي·· أما البرجيل فيظل عنصراً وظيفياً مهماً كلاقط للهواء، ويبرز جمالية الفن المعماري للمباني القديمة في الحي· أعيد ترميم هذه المنطقة من المواد ذاتها التي كانت متوافرة في البيئة كالحجر المرجاني والصدفي، عبر أحجار رقيقة بمساحات واسعة وتستخدم كجدران للبراجيل بالإضافة إلى الجص وهي المادة الرابطة وبعض الأخشاب· محطات مهمة ويضيف المهندس أحمد: إن الغاية والهدف من إعادة بناء هذ المنطقة التاريخية لم تكن مجرد محطات لمتاحف وإنما إعادة وتيرة الحياة مجدداً إلى تللك المباني، حيث تم توظيف هذه المباني لتمارس فيها مختلف الأنشطة من خلال تحويل بعض الأبنية إلى مكاتب حكومية وشبه حكومية، إضافة إلى مقر لجمعيات النفع العام، حيث يجد الزائر في أحضانها مطعماً وفندقاً تم تصميمهما على الطراز التراثي، إلى جانب الأسواق الشعبية والمقاهي، فأصبح المكان وجهة سياحية مهمة لكل زائر·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©