الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا جدوى من مقاطعة الأولمبياد

13 ابريل 2008 01:18
كانت ولادتي في العام 1961 بـ''شنجهاي''، حيث ترعرعت في فترة الثورة الثقافية الصينية، وكنت شاهداً أثناء طفولتي على فقدان منزل عائلتي، وانتحار جدي، الذي درس الطب في إنجلترا، بعد أن اتهم زوراً بمعاداته للثورة وبتجسسه لصالح قوى خارجية، والحقيقة أن تلك كانت أحلك الأوقات وأشدها قتامة بالنسبة لي، لكن ومنذ نهاية الثورة الثقافية في أواخر السبعينيات شهدت بنفسي تقدماً غير مسبوق في الصين؛ وهي التغيرات التي لم يكن أحد قادراً على تصور حدوثها خلال جيل واحد من حياة الصينيين، بعدما تطور الحكم الشيوعي المنغلق ليتحول إلى حكومة أكثر انفتاحاً وأشد حرصاً على الانضمام إلى المجتمع الدولي والاضطلاع بدورها الطبيعي على الساحة الدولية· وبعدما كان الاقتصاد موجهاً من قبل الدولة، تبنت الصين قانون السوق الحر، وهو ما وفر العديد من الفرص للمواطنين، وحسن من ظروفهم المعيشية، وأصبح واضحاً أن غالبية الشعب الصيني يعيش حياة أفضل اليوم مما كانت عليه قبل ثلاثين عاماً؛ ومع أن الكثير من الجهد مازال ينتظر الصين لتحسين حياة المزارعين في القرى البعيدة، إلا أن الحكومة أحرزت تقدماً ملموساً في مجال الانفتاح على العالم والانتساب إلى المنظومة الدولية، وقد اتضح لي ذلك بجلاء في الشهر الماضي عندما قمت بزيارة إلى الصين استغرقت أربعة أسابيع حملتني إلى ''شنجهاي'' و''بكين'' و''هونج كونج'' و''شينجدو''، وفي كل مرة تحدثت فيها مع الصينيين لمست لديهم شعوراً بالفخر والحماسة لتنظيم بلادهم الألعاب الأولمبية، بالإضافة إلى رغبة أكيدة في إنجاح هذه التظاهرة الرياضية العالمية، فهم يؤمنون بأن الألعاب الأولمبية فرصتهم الأهم لإبراز صورة الصين أمام العالم وتسليط الضوء على ما تحقق فيها من إنجازات· ومع أن الصينيين، على غرار معظم الأميركيين، منزعجون لما يجري في إقليم التبت، إلا أنهم بعدما شاهدوا أعمال العنف والحرق التي قام بها المتظاهرون باتوا يعتقدون أن الحكومة تقوم بالشيء الصحيح بملاحقتها للمتظاهرين لاستعادة الأمن والنظام، واليوم بعد أن وصلت الشعلة الأولمبية إلى كاليفورنيا بالولايات المتحدة والاستعدادات الجارية لنقلها إلى ''سان فرانسيسكو'' رفع ''كريس ديلاي''، أحد أعضاء اللجنة المشرفة على تنظيم انتقال الشعلة مقترح قرار إلى عمدة المدينة يقترح فيه التظاهر في شوارع ''سان فرانسيسكو''، معتبراً أن انتقال الشعلة الأولمبية إلى المدينة يشكل ''فرصة للسكان لمساعدة 1,3 مليار صيني لانتزاع حريتهم والحصول على حقوقهم''، لكن لحسن الحظ لم يوافق عمدة المدينة على مشروع القرار وظل مجرد حبر على ورق، فالفرصة التي تحدث عنها المسؤول أبعد ما تكون عن الواقع، أولا لأن الصينيين شعب معتز بنفسه، وهم وإن كانوا يريدون الحرية، فإنهم يدركون بأنه عليهم النضال للحصول عليها من الداخل، يضاف إلى ذلك أن ذكريات الإمبريالية الغربية وحرب الأفيون مازالت عالقة في الأذهان، كما أن الصينيين لا يريدون لسياستهم الداخلية أن تملى عليهم من الخارج· الأهم من ذلك، لا يريد الصينيون أن تقاطع أميركا الألعاب الأولمبية التي ستستضيفها بلادهم لأول مرة في تاريخها، فالمقاطعة الأميركية للألعاب الأولمبية لعام 1980 في موسكو، ثم مقاطعة الاتحاد السوفييتي لها في العام 1984 عندما عقدت بـ''لوس أنجلوس'' لم يحقق أي تغيير على الساحة الدولية، لذا فإن مقاطعة الولايات المتحدة للاحتفال الافتتاحي سيؤثر سلباً على العلاقات الأميركية الصينية، ولعقود طويلة أنفقت المنظمات الأميركية التي تدافع عن حقوق الإنسان في الصين الملايين من الدولارات للتنديد بالنظام في بكين، وبالنسبة للعديد من الصينيين يبدو أن الصوت الوحيد الذي يسمعونه عن بلادهم في الإعلام الأميركي هو ذلك المنتقد لوطنهم، والواقع أن الأمور تغيرت كثيراً في الصين، وعلينا نحن في الولايات المتحدة أن ننفتح أكثر ونتحلى ببعد النظر حتى لا نصنع المزيد من الأعداء· جوان تشين مخرجة أميركية من أصل صيني ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©