الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«شي»... الزعيم القادم للصين

18 فبراير 2012
بعد سنوات من الاضطهاد على يد الحزب الشيوعي الصيني الذي أسهم في صعوده إلى السلطة أُخرج "شي زونجشون" من محبسه الانفرادي ليلتقي عائلته، وبالكاد استطاع الثوري الذي طُهر من صفوف الحزب الشيوعي الصيني التعرف على أبنائه. لكن بعد أكثر من ثلاثة عقود على هذه الحادثة يبدو أن ابنه سيصبح الزعيم المقبل للصين، إذ لا تفصلنا سوى أشهر قليلة عن صعوده الحتمي إلى أعلى منصب سياسي في الصين والمتمثل في الأمين العام للحزب الشيوعي. وفي زيارته الأخيرة التي قام بها "شي جين بينج" البالغ من العمر 58 عاماً إلى واشنطن يسعى العديد من المسؤولين الأميركيين إلى التعرف أكثر على رئيس الصين المقبل، بالإضافة إلى الوجهة التي ستسلكها القوة الصاعدة تحت قيادته. لكن التعرف أكثر على الرئيس المقبل وسبر أغواره يستدعي طرح سؤال ما زال يُعتبر من الأمور المحظورة في الصين وهو من أين ينحدر "شي جين بينج"؟ وما هي جذوره العائلية؟ هذا الحذر في تناول عائلة القائد الجديد ينعكس في السيرة الذاتية التي نشرتها وكالة الأنباء الرسمية في الصين، والتي لم تتأت على ذكر والده المعروف في السياسة الصينية ومشكلته السابقة مع الحزب الشيوعي. فقد كان الوالد من الأعضاء البارزين في الحزب الشيوعي، وقاد خلال الخمسينيات ميليشيا تابعة للحزب في شمال شرق البلاد، ثم تدرج في الحزب إلى أن تولى منصب نائب رئيس الوزراء بعد ثورة 1949، لكنه سرعان ما تم طرده من صفوف الحزب في عام 1962 من قبل "ماو تسي تونج". وبعد 16 سنة قضاها متوارياً عن الأنظار، بدأ يشار إلى الرجل باعتباره أحد رواد الإصلاح الاقتصادي في الصين، ولم يجب ابنه، "شي جين بينج" الذي يستعد لتولي أعلى منصب في البلاد في رده المكتوب عن أسئلة بعثتها "واشنطن بوست" إليه في وقت سابق تتعلق بمدى تأثره بمحنة والده. وكان والد "شي" الذي توفي عام 2002 عن عمر يناهز 88 سنة أحد أهم الرجال الموثوقين لدى "ماو تسي تونج"، لكنه أيضاً كان أحدى الضحايا الأوائل للنظام. ولم يذكر أحد في الوثائق التاريخية المحنة التي تعرضت لها العائلة، لذا أصبح من الصعب الاستقرار على سيرة ذاتية موحدة "لشي جين بينج" لما تحيط به المسألة من حساسية يسعى الجميع إلى تحاشيها. ولعل ذلك ما يؤكده "جيا جوشوان"، مؤرخ الحزب الشيوعي الصيني من خلال محاولته كتابة سيرة ذاتية للأب، فهو رغم إصداره للجزء الأول من السيرة في عام 2008 التي تغطي فترة مهمة من حياته كان فيها مناضلاً إلى جانب الثوار حتى سنة 1949، إلا أنه أوقف استكمال الجزء الثاني الذي يوثق للصراعات بين المناضلين بعد نجاح الثورة. ومع أن النص تم إكماله قبل ثلاث سنوات إلا أن صعود الابن في الساحة السياسية ضغط لإيقاف النشر. وفي هذا السياق يقول "جيا": "الجميع يريد إضافة أشياء وحذف أخرى في السيرة، وقد دخلت العديد من الاعتبارات السياسية التي جعلت من النشر عملية صعبة". لكن بالنسبة للزعيم المقبل للصين، يبقى الأب المثير للجدل سلاحاً ذا حدين، فهو من جانب يلمع صورته كنجل لمناضل سابق أسهم في نجاح الثورة الشيوعية، إلا أن هذا الانتماء المباشر إلى أب كان جزءاً من القيادة السابقة قد يثير استياء الصينيين من احتكار السلطة والغنى من قبل أبناء القادة، وهو ما يشير إليه "شينج لي"، الخبير في الشؤون الصينية بمعهد بروكينجز بواشنطن قائلاً إن الشعب بات منزعجاً من الامتيازات التي يحظى بها زعماؤه وتورث أحياناً للأبناء، غير أن الكثير من المراقبين للوضع الصيني يشهدون بنزاهة "شي جين بينج" ، كما أن أصدقاءه المقربين ليسوا ممن يملكون الثروات الطائلة. وحسب السيرة الذاتية التي كتبها "جيا جوشوان" عن الزعيم القادم للصين لم يكن "شي" ممن عاشوا حياة باذخة، بل حرص والده على تعليمه قيم التواضع والتقشف، وتستفيض السيرة في ذكر العديد من الأمثلة على ذلك مثل تناوبه على ارتداء نفس الملابس مع إخوته، بالإضافة إلى أمور أخرى لم تذكرها السيرة الذاتية. لكن ما يهم المراقبون الخارجيون كما الصينيون هو ما إذا كان الابن سيرث بعضاً من خصال والده وأفكاره المنفتحة بل والمعارضة لاستخدام العنف المفرط ضد المعارضين، وهي الأفكار التي يعتقد أنها كانت وراء اختلافه مع القيادة ثم سجنه بعد ذلك، فعندما كان الوالد مسؤولاً عن أجزاء واسعة من الشمال الشرقي للصين في الخمسينيات قاوم ضغوط زملائه في الحزب حول انتفاضة التبت وأصر على التفاوض بدل العنف، وعندما توجهت الدبابات إلى ساحة تيانانمين في 1989 لقمع المحتجين، التزم الوالد الصمت، وإنْ كان المقربون منه أشاروا إلى معارضته للحل الأمني. ورغم ما تثيره سيرة "شي جين بينج" من جدل واسع في الأوساط الصينية والتكتم الشديد الذي يحيط بعض تفاصيلها لما تكشفه من صراعات شابت السنوات الأولى بعد الثورة وعمليات التطهير الواسعة التي راح ضحيتها العديد من المناضلين، يسعى القائد الجديد إلى طي صفحة الماضي والتركيز على المستقبل، وربما تأتي زيارته الأخيرة لواشنطن لتأكيد هذا التصور. أندرو هيجنز - هونج كونج ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©