الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

موعد مع شبح (2 ـ 3)

24 فبراير 2014 01:08
لويت قدمي متجهة نحو دولاب الملابس، ووقفت. كانت ضلفتاه مفتوحتين لم أغلقهما بعد ارتداء فستاني. كنت متسمرة، وكان في أعماقي فضاء شاسع، فضاء بأنوار كشافة قوية تشبه أضواء قاعات الرياضة. وامتدت يدان داخل الدولاب وتناولتا معطفاً. ولمحتُ أظفاراً ملتمعة مطلية بلون أحمر فاقع، تحط على المعطف. فرحت أتأملها بذهول. سحبتْ اليدان المعطف من الدولاب والتوت قدماي مرة أخرى وعدت إلى المرآة ورأيت اليدين تضعان المعطف عليّ. أحسست بثقل، فتلمست أكتافي، كانت يداي.. ارتديت المعطف وهززت يديّ بداخله لعلي أتأكد من أنهما يداي، وأن لي القدرة على السيطرة عليهما. وبقيت واقفة تجاه المرآة. حاولت إغلاق عيني، أن أحدَّ من اتساعهما. أن أضفي عليهما شيئاً من النعومة، من الرقة. ولم أفلح.. كانت أنوار الكشافة القوية تبدد كل محاولة. وكان الفضاء شاسعاً لا حدود له. كانت الأنوار تُسلّط بقوة على كل حركة أقوم بها. فإذا امتدت يدي بحركة اعتيادية، أتناول بها شيئاً، أو أصلح بها شيئاً، كانت الأنوار الساطعة مسلّطة فتشل من حركة يدي وتسمرها حيث هي. وكنت أتجه بكل حدقتي المتسعتين، لتضما تلك الحركة وتنظرا إليها بكثير من الانعدام من كل شيء، وكثير من الانفصال عن كل شيء. نقلتْ أذني رنيناً خافتاً ما لبث أن ازداد وسكت. ثم عاد مرة أخرى يرن أكثر. أدرت اتجاهي نحو الباب، ورفعت قدمي اليمنى ثم اليسرى ورأيتني أسير وأفتح الباب.. كان واقفاً، بدا عليه شيء من الانزعاج، لست أدري لماذا.. وأنا الآن أبرر ذلك الانزعاج بأنه نتيجة لرنين الجرس الذي لم أستجب له بسرعة. لكن سرعان ما علتْ وجهه ابتسامة رضا وإعجاب، فتقوس حاجباه وارتفعا واتسعت حدقتاه قليلاً مع احتفاظه بابتسامة عذبة. أفسحت له الطريق فدخل.. سار خلفي. خطواته خفيفة دهشة. كنت أرى قدمي ترتفعان وتهبطان بحركة منتظمة. يداي تلوحان جيئة وذهاباً. كان خلفي يحتفظ بمسافة بيننا. كنت أرى كل حركة. كانت ألف عين منثورة على جسدي في كل اتجاه. تناولت حقيبتي وبسرعة خاطفة استقر نظري على المرآة فلاحظت أن الابتسامة لم ترتسم عليها. ولم أفكر في رسمها. لقد نسيت. فدفعت شفتي إلى جانب وجهي، ورسمت بعض التجاعيد التي تعبر عن ابتسامة. وعلت صفحة وجهي من الجانبين غمازتان كأنهما فوهتا بركان. واستدرت نحوه. فزايلته الدهشة وعلّق: - ماذا بك.. تبدين غير سعيدة! اتجهت أنوار الكشافة عليه.. ماذا يعني أني غير سعيدة أو سعيدة؟ وماذا يمكن أن أكون لو كنت سعيدة؟ وسّعت من الابتسامة على شفتي وشددت جفني في إغفاءة رقة. سرعان ما اختفت حين اتجهنا إلى الباب ولم أعد أواجهه. سار بجانبي فعادت أضواء الكشافة توسع من حدقتي وتسلط ضوءاً يشلني. لامس هواء حار جانبي وجهي فاستدرت ورأيته صامتاً تبدو عليه الكآبة. رسمت ابتسامة سريعة غامضة. أرخيت أهدابي قليلاً. لاحظت أنني كلما واجهته استطعت أن أرسم الابتسامة الغامضة وأرخي أهدابي في شبه إغفاء. ولم يكن ذلك ليحدث حين أدير وجهي للجهة الأخرى أو أنظر أمامي. hamdahkhamis@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©