السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سكان حي الصبرة في غزة يعيشون أجواء «باب الحارة»

سكان حي الصبرة في غزة يعيشون أجواء «باب الحارة»
12 مايو 2009 22:50
حي الصبرة أحد الأحياء القديمة في غزة التي لا زالت تحتفظ بطابع الحارة القديم فما إن يبزغ نور الصباح حتى تسمع صوت الديوك وصوت اندفاع عربة الخبز البلدي وبائع الترمس وتشم رائحة خبز الطابون المنبعث من البيوت التي لا زالت تحافظ على عاداتها في إعداد الخبز يوما بيوم وتناوله طازجاً، وترى النسوة يخرجن مبكرات لشراء الخضار وهن يرتدين أزياءهن المحتشمة، وترى طفلة صغيرة تحمل «بقجة» ملابس تدور على البيوت لبيعها لنساء الحي اللواتي نادرا مايغادرن حيهن إلى قلب المدينة. تقول الحاجة أم إسماعيل: «الناس على الفطرة يعيشون يومهم، لايحملون هموم الغد ولا يعرفون النفاق والمجاملات، كلنا عائلة واحدة نقف بجوار بعضنا في وقت الشدة، جاراتي يدخلن بيتي وكأنه بيتهن، ويساعدنني حين أحتاج لإعداد أكلة تحتاج لجهد كبير». وتضيف : «في مواسم الأعياد ورمضان نجتمع كل ليلة عند واحدة منا لنعد لها الكعك والمعمول ابتداء من منتصف رمضان، كلنا نحب بعض ونتعاون في وقت الشدة وهذا ما يفتقده أي إنسان في أي مكان إلا في حي الصبرة». ويفكر محمود الدريملي أحد القاطنين في الحي ورفاقه جديا بإنشاء باب للحارة ليحافظوا على حيهم من الاحتكاك بالمجتمع الخارجي الذي تشوه وطغت عليه المدنية، يقول : «نحن نحافظ على حرمة حينا فلا تدخله أي قدم غريبة، للحي مدخل واحد يمر من أمام مقهى قديم يجتمع به فتوات الحارة ولذا لايمكن لأي إنسان أن يدخل الحي دون أن نعرف سبب دخوله». ويردف الدريملي: «نستطيع تمييز الوجوه الغريبة بسهولة كما أن هناك مجموعة من الرجال تقوم بالسهر على حراسة الحي ويتناوبون على ذلك حتى لايدخلها أي طامع أو غريب، التفكير بانشاء باب للحي أصبح ضرورة ملحة لأننا نريد أن نحافظ على هويتنا القديمة وذلك تقليدا لباب الحارة». ويعيش سكان حي الصبرة حالة من الاكتفاء الذاتي فهم قليلا ما يصلون للسوق الرئيسي في المدينة، حيث تعد النساء في البيوت الكثير من المنتجات ويبيعونها فيما بينهم، فتستطيع شراء الذرة المشوية والمهلبية والبليلة والترمس وتشرب العصائر بأنواعها مثل الخروب وعرق السوس، وهناك العربات الصغيرة الخشبية التي تجوب أزقة الحي لبيع جميع أنواع الحلويات الشرقية القديمة مثل الكنافة والبسيمة والبسبوسة، وحلوى الشام وأصابع زينب وكلها منتجات محلية تعدها النساء في بيوتها حيث تتوفر فيها النظافة والجودة وخلوها من المواد الحافظة والألوان الصناعية، أما تربية الطيور في البيوت والحيوانات فحدث ولاحرج حيث يحصلون على مايحتاجون من لحوم وألبان وبيض من بيوتهم، وكثيرا مايتبادلون المنتجات بينهم بنظام المقايضة القديم. وتحتفظ النساء في بيوتهن بماكينات خياطة قديمة من النوع الذي كان يدار باليد أو بالأرجل، ويستخدمنها في حياكة الملابس ويقمن ببيعها لأهل الحي وتدور الطفلات الصغيرات على البيوت لبيع الملابس كما كان متعارفا عليه في الأزمان القديمة. والطريف، أن الحي نفسه ينقسم لقسمين ينتمي كل قسم لحزب سياسي معين شأنه كشأن جميع مناطق غزة، فهناك أشخاص ينتمون لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» ويؤيدونها، وهناك أشخاص آخرون ينتمون لحركة «فتح» على غرار ما كان في المسلسل حيث كانت هناك حارتان تتنازعان فيما بينهما ولكن كما حدث في المسلسل فقد اتحد أهل الحي جميعم بـ « حمساويهم، وفتحاويهم أثناء الحرب على غزة ووقفوا يدا واحدة يذودون عن الحي ويمنعون قوات الاحتلال من الوصول إلى مشارف الحي. أما في الأيام العادية فالخلافات مستمرة بين مؤيدي هذا الفصيل وذاك، في السياق ذاته، يقول أبو محمد، أحد كبار الحي:« نحن أبناء الحي ولا يمكن أن تصل الاختلافات بيننا لدرجة أن يرفع أحدنا سلاحه في وجه أخيه». وللحي قائد كبير يحاكي دور الزعيم في باب الحارة ودور أبو شهاب بعد وفاة الزعيم، وله مجلس خاص به يسمى«الشق» وهو بناء قديم ولا يسمح للفضوليين والأغراب بدخوله، ولكنه المكان الذي يجتمع فيه كبار رجال الحي للتشاور في أمورهم الداخلية وحل مشاكلهم دون اللجوء للسلطة الخارجية مهما كانت الظروف. ويحب أطفال الحي إعداد الطائرات الورقية الملونة ويطلقونها في سماء حيهم ويلونونها بألوان كل فريق يشجعونه هم وذويهم ويعتبرون الطائرات الورقية وسيلة ترفيه قديمة نوعا مقارنة بأساليب الترفيه الحديثة التي يرفضون رفضا قاطعا دخولها لحيهم لما فيها من أضرار على أجيالهم الناشئة.
المصدر: غزة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©