الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المنجّد أبومحمد يرسم خاتم سليمان وأوراق شجرة الليمون على أغطية الفقراء

المنجّد أبومحمد يرسم خاتم سليمان وأوراق شجرة الليمون على أغطية الفقراء
12 مايو 2009 01:57
رغم أن جميل البحيصي يقترب من عامه السبعين إلا أنه يقضي أكثر من ست عشرة ساعة يوميا مع الإبرة والخيط، يمارس مهنة تنجيد القطن التي تتطلب عملا شاقا، يقول:»لا أبحث عن الدخل المادي ولكن أبحث عن الصدق والأمانة وأنا أعمل في مهنة ليس فيها أي مجال للغش، فعملي مثل القطن الأبيض الذي بين يدي، سليم ولا يحتمل أي غش للزبائن لذا فقد بارك الله لي في هذا العمل وربيت البنين والبنات من هذا العمل المتواضع، وأنا أحب أن أحافظ على مهنة قاربت على الانقراض بسبب المصانع والمواد المصنعة». ويضيف: «تعلمت المهنة وأنا في العشرين من عمري لدى المنجدين الذين كانوا يسكنون في نفس حارتنا في مخيم اللاجئين، ولكنني لم أعلمها لأحد من أولادي في البداية عملت فيها انا وشريك لي ثم أصبحت أعمل في هذه المهنة مستقلاً، حيث أقوم بتنجيد جميع أنواع الفرش البيتي». وعن مصدر القطن الذي يستخدمه في التنجيد، يشير أبو محمد: «قديماً كنت أشتري القطن من السوق للزبون من السوق حيث كانت السوق مفتوحة من جميع الاتجاهات إلى غزة وحتى قبل الحرب الأخيرة على غزة ولكن بعد الحرب لم يعد هنالك قطن يأتي من الخارج لذا أصبح الزبائن يعطونني القطن من عندهم أي القطن القديم والمستخدم فأقوم بتجديده وعمل أغطية جديدة وحين أقوم بندف القطن أحاول ألا أزعج الآخرين من الغبار، خصوصا أولئك الذين يعانون من الحساسية، وأبدأ بعد ذلك رحلة التنجيد بمراحله المتعددة، لأقدم للزبون قطعة جميلة مريحة». ويتحسر أبو محمد على أيام زمان، فيقول «كان للمهنة عزها أيام زمان، فالزبائن كانوا أكثر وبالدور، والدخل الناتج منها جيد إن لم يكن جيداً جداً لكنه بدأ بالتراجع نظراً لدخول لحف الديباج وفرشات الإسفنج، واستغنى الجيل الجديد عن فرشات الصوف في الريف والقطن في المدينة، ليصبح عملنا هذه الأيام أقرب إلى تدوير المادة القطن أو الصوف وإعادة استخدامها، لكن لا يخلو الأمر من بعض الاستثناءات حيث مازال البعض مقتنعا بصحية فرشات الصوف والقطن، ويفضلها على فرشات الإسفنج المغطاة بالأقمشة الصناعية». فن التنجيد يتحدث أبو محمد عن فنون المهنة فيقول: «مهنة التنجيد مهنة الإبداع والتميز ما دامت مفردات العمل موجودة قطن جيد وقماش ممتاز وألوان زاهية، فتنجيد اللحاف يحتمل رسوماً عدة جميلة كذيل الطاووس، بحرة، نجمة خماسية، خاتم النبي سليمان، مراوح مقلوبة، ورق الليمون وإن كانت تأخذ وقتاً طويلاً إلا أنها جميلة جداً، ويمكن ابتكار رسومات جديدة حسب خبرة المنجد وقدرته على المزج بين أكثر من رسمة». ويتابع أبو محمد وهو يضع اللمسات الأخيرة على لحاف بين يديه: «اللحف التي تختلف أحجامها وأوزانها حسب قياسها، لها عدة نقوش نقشة البقلاوة، المربعات والمراوح. وللفرش نقشة واحدة تتوسطها المسامير لكي يبقى القطن ثابتاً في مكانه». ويوضح أن «العمل في الصوف أسهل من غيره، كذلك هو صحي أكثر، حيث إن كثرة من الناس لا تعاني من حساسية القطن». ويرى أبو محمد أن تنجيد الفرش واللحف بالقطن والصوف كل 4 سنوات أمر صحي ومفيد أكثر للجسم، خاصة الظهر، وهذا أفضل من شراء الفرش الجاهزة التي غالباً ما تسبب أوجاعاً في الظهر، لافتاً إلى أن هناك كثيراً ممن تخلوا عن الفرش المنجّدة مفضلين تلك الجاهزة عادوا ونجدوا لأسرّتهم فرشاً ولحفاً من القطن والصوف. خطوات التنجيد أما مراحل العمل فتبدأ كما يقول أبو محمد بخياطة الساتان على القماش الخام، ثم عملية الطرح أي تسوية القطن المندوف على الخام ويتم قلبه إلى الداخل، ثم تبدأ عملية الخياطة بدءاً من البراني ويسمى «دور الزيك» ثم «دور ثني» ليتبعه «دور حجب» فــ «دور ناعم» فالرسمة، ويستغرق تنجيد اللحاف المفرد الذي يحتاج إلى 5 كج من القطن نحو أربع ساعات عمل. وعن الأدوات المستخدمة، يقول أبو محمد: «ترتكز مهنة التنجيد على أدوات حرفية قديمة حلّت مكانها أيضاً مكنة كهربائية تعمل مكان القوس الفولاذية التي كانت تستعمل قديماً لنتف الصوف والقطن. والصوف نوعان، ناعم وجزّ. وصوف الجز يلزمه ضرب على القضيب حتى ينعم ويتناثر جزئيات صغيرة، أما الصوف الناعم فينتف على مكنة الكهرباء. والقطن نوعان: القطن الملكي والشراحي يضرب على القضيب الحديدي، الاّ اذا كان قديماً فيستحسن أن ينتف على المكنة. وأثناء العمل أضع ادوات التنجيد بقربي وتتألف من الإبرة الطويلة، الشمع العسلي لتشميع خيطان التنجيد لتسهيل استعمالها في الحياكة، والكشتبان دائماً في إصبعي فضلاً عن المدقة الخشبية التي توضع في مكان العمل لكي تزيده وزناً ولا يتحرك اللحاف اثناء التقطيب، ومكنات الخياطة لدرز القماش».
المصدر: غزة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©