الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«نانسي دوبري».. «جدة» أفغانستان

15 فبراير 2015 23:36
بداخل أحد المراكز الثقافية في جامعة كابول، وقف طالب في مطلع العشرينات وخطا نحو سيدة أميركية في أواخر الثمانينات وسألها «هل لي أن ألتقط صورة لي معك؟» فابتسمت «نانسي هاتش دوبري» وأومأت موافقة، فالتقط الشاب الصورة وشكرها وانصرف. وعلقت «دوبري» مازحة «إنني من الآثار القديمة لأفغانستان». إن حياة «دوبري» الفريدة وحبها لأفغانستان جعلا سيرتها مثلا تتبع لمسار البلاد المضطرب على مدار نصف قرن من الزمن. ومنذ أن وصلت أول مرة في مطلع الستينات، شهدت «دوبري» نفي ملك أفغانستان وانقلابات والغزو السوفييتي وصعود وسقوط نظام «طالبان» ثم وصول القوات الأميركية. كما أنها التقت أسامة بن لادن وكتبت عدة مؤلفات عن أفغانستان وقامت برحلات استكشافية في جميع أنحاء البلاد مع زوجها الراحل، وهو الباحث المعروف في ثقافة وتاريخ أفغانستان «لويس دوبري». وكان الرئيس السابق حامد كرزاي وغيره من الأفغان يشيرون إليها بأنها «جدة» البلاد. والآن، بينما تنهي الولايات المتحدة مهمتها القتالية، ولأن «طالبان» لا تزال تشكل تهديداً لحكومة أفغانستان الجديدة الهشة، تشعر «دوبري» بالقلق إزاء مستقبل البلاد. ولكنها تؤكد أيضاً أنها لا تعتزم الرحيل، وتصر أكثر من أي وقت مضى على المساعدة في إعادة بناء الدولة. واليوم، تعد «دوبري» عنصراً أساسياً في العاصمة الأفغانية، وهي تقضي وقتها في جامعة كابول، حيث تشغل منصب المنسق التنفيذي لمركز أفغانستان، حيث يجري الطلاب أبحاثهم ويقوم الموظفون بفهرسة الوثائق والصحف. ويعتبر هذا المركز، بالنسبة لـ«دوبري»، أكثر من مشروع بحثي. إنه وسيلة للمساعدة في بناء الدولة. فالملايين من الشباب الأفغاني، كما تقول، نشأوا في مخيمات اللاجئين حيث «لم تتسنّ لهم حتى رؤية كتاب حول تاريخ أفغانستان». و«دوبري» نفسها تجولت في أماكن عديدة في الماضي، فقد كان والدها يدير مشروعاً زراعياً في جنوب الهند، حيث نشأت. وفيما بعد، درست «دوبري» في كلية برنارد بجامعة كولومبيا، وحصلت على درجات علمية في الدراسات الصينية. وفي عام 1962، وصلت إلى كابول مع زوجها الأول، وكان دبلوماسياً أميركياً، ثم التقت بعد ذلك مع «لويس دوبري»، عالم الآثار والأنثروبولوجيا البارز في أفغانستان، وتزوجا في عام 1966. وفي السبعينيات، كانا موضع ثناء المجتمع في كابول، التي لم تكن في ذلك الوقت كما هي الآن. فقد كانت مكاناً حيوياً يعج بالحياة العصرية والثقافة الحديثة. وعلى رغم ذلك، ففي عام 1978، قامت الحكومة الشيوعية المدعومة من السوفييت بطرد «دوبري» وزوجها بعد اتهامهما بالتجسس. واستقر بهما الحال في كارولينا الشمالية، حيث أصبح «لويس» أستاذا بجامعتي كارولينا الشمالية و«ديوك». بيد أنهما احتفظا بصلات وثيقة بأفغانستان. وفي الثمانينيات، اقترح «لويس» على وكالات اللاجئين والمنفيين الأفغان في بيشاور، بأن يبدأ في جمع الوثائق لعمل أرشيف. وعندما توفي في 1989 متأثراً بمرض السرطان -وهو عام انسحاب الاتحاد السوفييتي من أفغانستان- كان الأرشيف يضم آلاف الوثائق وتقارير الأمم المتحدة والصحف وتصريحات قادة المجاهدين يومها المناهضين للسوفييت. وبعد وفاة زوجها، تولت «دوبري» التدريس مناهجه. لذا فقد اقترح زملاؤها أن تعود إلى بيشاور وتكمل حلم زوجها في إنشاء الأرشيف الذي كانت تموله في ذلك الوقت مختلف الجهات المانحة. وبعد عدة أشهر من وصولها في أواخر 1989، زارها رجل يدعى أسامة بن لادن طلباً للمساعدة، حيث كان آنذاك ممولًا للمجاهدين ضد السوفييت. وطلب منها الحصول على إذن من الحكومة الباكستانية لاستيراد جرافات، ولكنها قالت إنها لا تستطيع المساعدة، فانصرف. كما ذكرت أنها كانت لا تجد غضاضة في التعامل مع حكومة «طالبان» في كابول، وبناء علاقات مع المسؤولين المعتدلين، الذين ساعدوها، كما ذكرت، في إنقاذ بعض القطع الأثرية قبل نهبها من متحف كابول. وفي 2006، بعد عامين من انتخاب كرزاي، قررت أن الوقت قد حان لنقل الأرشيف إلى أفغانستان. وكان في ذلك الوقت يضم 36000 وثيقة، وهكذا تم نقله في مكتبة جامعة كابول. واليوم، يضم مركز أفغانستان الذي افتتح عام 2013 أكثر من 100000 وثيقة. كما يعقد المركز محاضرات وندوات وأمسيات شعرية وغيرها من الأنشطة الثقافية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©