الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تقبّل الأسوأ طريقاً للأفضل

23 فبراير 2014 21:58
ينتشر الخوف من الأسوأ في مناطق كثيرة من العالم العربي. المفارقة أن ذلك يأتي بعد موجات متتالية من السعي للأفضل. نعم، أحياناً، ونحن نعمل لتحسين أحوالنا، قد نصبح بأحوال أسوأ، ما يجعل كثيرين يندمون على الماضي رغم كل عيوبه وكفاحهم للتخلص منه. والأدهى، الذي يخاف منه كثيرون من العرب، يعني أنه سيكون أشد وبالاً علينا من وقائع تقسيم والبلاد والسلطة الحاصلة حالياً في كثير من دولنا، من فلسطين إلى السودان واليمن (ومن يدري إلى أين تتجه سوريا والعراق). كما يعني أنه سيكون أشد فتكاً من الفتن المذهبية والطائفية والعرقية والقبائلية والمناطقية، التي تمكنت من لبنان والعراق والسودان، وقد تتمكن من ليبيا. والأدهى ليس انتشار العقائد الانتحارية بهذا القدر والاستعداد لـ”التضحية”، فهذا حاصل أساسا، وقد أصبح عابرا للحدود، والجنسيات، شاملاً الذكر والأنثى. إذن ما الأدهى؟ كل هذه الحالات التي نعاني منها، سبق واستخدمت كسيف مصلط على رقاب العرب لعقود، بدء من القضية الفلسطينية إلى التنمية إلى الحريات. وكان التهديد بها نهجاً لمنع النقاش الحر والتفكير الحر والخيارات الحرة. وكان هذا المنع ذريعة لفرض المزيد من المحرمات والقيود والاستفراد، على المستوى الاجتماعي والثقافي والسياسي. حدث ذلك بينما لم ينجح حكم أنظمة “قومية-علمانية” لعقود في التقريب حتى بين قبائل عربية منسجمة دينياً وثقافياً، أو لم تستطع فيه أنظمة تدّعي تطبيق الشريعة منذ عقود من إقناع أقرب رعاياها المسلمين من أعراق أخرى غير عربية، بغيرتها على الدين. كما لم تستطع أنظمة ورقية ليبرالية “انعزلت” عن محيطها واختارت القطرية عقيدة، كتونس ومصر، من حماية نفسها من بيئة التطرف فانهارت سريعا أمام دوي صرخات ملايين المهمّشين، والمحتجيّن. أمّا وقد وقع وانكشف كل ذلك الآن، فهذا يعني أننا كنا طيلة هذا الزمن ننام على أوهام، كما يعني أن الأسوأ حصل فعلاً، وأننا لو تقبّلنا مناقشته مبكراً لكنّا وفّرنا على أنفسنا الكثير من أثقال المنع وضحاياه، ولكنا ربما ابتكرنا وسائل وأفكاراً فعالة وبنينا حضارة قادرة حقاً على منع الأسوأ، بدل منع التفكير والإبداع. هذا الانكشاف يعني أيضا- على الأقل في الدول التي لم يصلها الأسوأ بعد- ضرورة تعلم الدرس بأن تخويف الناس من المخاطر يجب أن يكون دافعاً لحفزهم على التفكير الحر والمشاركة الفعالة من أجل مواجهة هذه الأخطار (والمؤامرات)، وليس مبرراً لقمع هذا التفكير ومصادرة هذه المشاركة. وعليه يمكننا القول: إن علينا عدم الخشية بعد الآن من الأسوأ. بل علينا تصوره والنقاش فيه وحثّ الهمم والأفكار، وتزخيم المشاركة لمواجهته، حتى يكون تقبّل الأسوأ طريقاً.. لتحقيق الأفضل. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©