الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والاتحاد الأوروبي: حرب تجارية مؤجلة!

أميركا والاتحاد الأوروبي: حرب تجارية مؤجلة!
11 مايو 2009 02:16
الآن، بات باستطاعة المتذوقين وعشاق الأكل الفاخر تنفس الصعداء بعد أن تم على ما يبدو تلافي حرب تجارية بين لحم البقر الأميركي المعالَج بالهرمونات وبين المواد الغذائية الفاخرة القادمة من الاتحاد الأوروبي. عملياً، يعني ذلك أن قِطع جبنة «روكفور» لن يتضاعف ثمنها ثلاث مرات، وأن الرسوم الجمركية العقابية المقترَحة ضد 34 منتجاً من المنتجات الأوروبية الأخرى «الفاخرة»، بدءاً من طحين الشوفان الإيرلندي إلى الماء المعدني الإيطالي، لن تدخل حيز التنفيذ أيضا. أما في أوروبا، فإن تسوية النزاع التجاري تعني أن المستهلكين لن يكونوا مضطرين للقلق من احتمال وجود هرمونات في قطع لحم البقر المستوردة من الولايات المتحدة. وقد قررت الولايات المتحدة العدول عن زيادة الرسوم الجمركية بعد أن وافق الاتحاد الأوروبي على مضاعفة «كوتا» لحم البقر الأميركي المعفية من الرسوم الجمركية بأربع مرات، لكن على أن يكون لحم البقر خالياً من الهرمونات. والجدير بالذكر هنا أن لحوم الأبقار المعالَجة بالهرمونات كانت محور النزاع التجاري؛ حيث قام الاتحاد الأوروبي بحظر لحوم الأبقار الأميركية في عام 1998 خوفاً من أن تشكل هرمونات النمو التي تُستعمل على نطاق واسع في الولايات المتحدة أخطاراً صحية بالنسبة للبشر. ورغم أنه من شأن الاتفاق زيادة صادرات لحوم الأبقار الأميركية إلى بلدان الاتحاد الأوروبي، فإنه لم تكن ثمة أي احتفالات بين منتجي اللحوم الأميركيين. وفي هذا السياق قال السيناتور الجمهوري تشارلز جراسلي عن ولاية ايوا في تصريح له: «إن لحوم الأبقار سليمة وصحية، ويستهلكها ملايين الأشخاص في الولايات المتحدة وبلدان أخرى كل يوم. لذلك يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يعيد فتح سوقه أمام كل لحوم الأبقار الأميركية التي تعد جميعها سليمة وصحية». غير أن أوروبا لا تبدو مقتنعة. وفي هذا الإطار يقول ستيفانو ماسيني، المتحدث باسم «كولديريتي»، وهي نقابة كبيرة للمزارعين في إيطاليا، إن المستهلكين الأوروبيين حذرون بخصوص الهرمونات والأغذية المعدَّلة جينياً، وألمانيا على سبيل المثال قررت مؤخراً حظر الذرة المعدلة جينياً. ويضيف ماسيني قائلا: «إنني سعيد لأن المؤسسات الأوروبية كانت صارمة بشأن عدم استيراد لحوم الأبقار المعالجة بكميات كبيرة من هرمونات النمو»، مضيفاً: «من المهم حماية الأسواق الحرة، لكن من المهم أيضاً أن نحمي حقوق المستهلك». وكانت الإدارة الأميركية السابقة قد أعلنت عن الرسوم الجمركية المقترَحة ضد ما يسمى المواد الغذائية الفاخرة القادمة من الاتحاد الأوروبي، وذلك قبل أيام قليلة من مغادرة بوش البيت الأبيض. وكانت الفكرة أن تستهدف تلك الرسوم القطاعَ الزراعي في الاتحاد الأوروبي دون أن تضر بالمستهلك العادي في الولايات المتحدة. وهكذا، تم اقتراح فرض زيادة في الرسوم الجمركية على جبنة «روكفور» القادمة من فرنسا بنسبة 300 في المئة، بينما تقرر ترك المعجنات المستورَدة من إيطاليا على حالها. غير أن هذه التدابير أثارت الانتقادات ووُصفت بأنها جائرة وغير حكيمة، وبخاصة في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تباطؤاً. وفي هذا الإطار، يقول دبلوماسي إيطالي معتمَد في واشنطن، طلب عدم الإفصاح عن اسمه، «إذا كنت تريد بيع لحوم الأبقار المعالجة بالهرمونات لأوروبا، فعليك أن تعلِّم الجمهور»، مضيفاً أن «الجميع يشبِّه هذا بما حدث في الثلاثينيات؛ فأحد مكونات تلك الأزمة كان هو الحمائية. غير أنه إذا قررت خوض هذا النوع من النزاعات، فإنك تركب خطراً كبيراً وتقدِم على عمل غير حكيم». ورغم أن النزاع لم يكن واحداً من مصادر القلق الرئيسية التي تواجه الرئيس أوباما، فإن دبلوماسيين أكدوا أنه تحوَّل إلى مصدر للتشنج بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. والحقيقة أن الاتفاق لا ينهي النزاع حول لحوم الأبقار المعالجة بالهرمونات، لكنه يتيح فسحة وفرصة للتفكير بالنسبة للجانبين في انتظار الاتفاق على حل دائم. وحسب «إيمانويل لينان»، المتحدث باسم السفارة الفرنسية في واشنطن، فإن الخلاف حول لحوم الأبقار المعالجة بالهرمونات، يُبرز فرقاً رئيسياً بين التنظيمات والقوانين المتعلقة بسلامة المواد الغذائية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. فبعد عدد من فضائح الأغذية الملوَّثة في أوروبا، وبخاصة «جنون البقر»، اتجه المشرعون هناك نحو تبني مقاربة أكثر حذراً. يقول لينان: «حين لا تعرف شيئاً، فإنك لا تفعله، بكل بساطة». غير أن «جمعية منتجي لحوم الأبقار الوطنية» في أميركا ترى أن أوروبا مخطئة بقرارها حظر اللحوم المعالجة بالهرمونات، وقد قالت في بيان أصدرته يوم الأربعاء: «إن الاختبارات العلمية الصارمة التي تجريها «إدارة الأغذية والعقاقير» جميعها أثبتت أن هرمونات النمو سليمة ولا تضر بالصحة». غير أن الموضوع قد يتجاوز الأدلة العلمية. ذلك أنه إذا كانت الأغذية المعدلة جينياً سليمة وصحية وصالحة للاستهلاك البشري، مثلما تُثبت ذلك الاختبارات العلمية، رغم أن ثمة بعض بواعث القلق تتعلق بتأثيرها على البيئة، فإن استطلاعاً للرأي صدر في إبريل الماضي في إيطاليا، أظهر أن 72 في المئة من الإيطاليين يعتقدون أن الأغذية المعدلة جينياً أقل صحية من الأغذية الطبيعية. جيمس هاجنجروبر كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية آنا موميجليانو – إيطاليا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©