السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصحف العربية تواجه تحدي إتقان مهارات الكتابة الإلكترونية

الصحف العربية تواجه تحدي إتقان مهارات الكتابة الإلكترونية
23 فبراير 2014 21:57
أبوظبي (الاتحاد) -رغم مرور أكثر من 18 عاماً على بدء انتشارها على شبكة الإنترنت، لا تزال الصحافة العربية على الشبكة وملحقاتها بحاجة لإنجازات نوعية تثبت من خلالها مهنيتها، وقابليتها للتطور في العصر الرقمي، وتؤكد قدرتها على مواجهة تحديات المستقبل، بكفاءة في المنافسة على الشبكة العالمية الموحدة. وكانت “الشرق الأوسط” أعلنت في 6 سبتمبر 1995 أن موادها الصحفية اليومية ستكون متوافرة إلكترونيا للقراء على شكل صور عبر شبكة الإنترنت اعتباراً من 9 سبتمبر من العام نفسه. بعدها كرت سبحة الصحف العربية، التي انتقلت تباعا إلى الشبكة. ومنذ ذلك الحيّن تغيرت الكثير من المهارات والفنون والتجارب في الصحافة العربية، غير أن صياغة خلاصة هذه التجارب لم تتضح بعد. في حين أنه يمكن الحديث باستفاضة عن الميزّات الكثيرة التي توفرها الشبكة، تبدو استفادة الصحافة الإلكترونية العربية منها قليلة ومحدودة. وتعتبر فنون ومهارات الكتابة الصحفية على الإنترنت واحدة من أهم المحاور التي تحتاج لمزيد من العناية والتطوير في العديد من المواقع والمنصّات الصحفية العربية على الشبكة، كما أن تطوير ونشر هذه المهارات والفنون بات ضرورياً من جهة تحسين مستوى عموم المحتويات العربية على الإنترنت، سواء تلك التي تعود لمؤسسات أو أفراد وشركات. «قراءة» لعل أولى الأسس، التي يجب مراعاتها في هذا المجال، اختلاف عادات القراءة على المنصات الرقمية عن قراءة الورق، فمستخدمو الإنترنت يقرأون تارة و”يستعرضون” تارة أخرى، وقد ينتقلون بسرعة من عنوان إلى آخر، في قلب المضمون، أو في مكان آخر من الصفحة، أو في صفحة أخرى من الموقع نفسه أو ينتقلون إلى مواقع أخرى. بل إن البعض يرى أن الناس يتوجهون على الإنترنت للقيام بنشاط وليس لمجرد القراءة فقط، وأن ارتباطهم بالشبكة يجب أن يتيح لهم القيام بشيء ما غير عادي، وأن الكلمات والمعلومات يجب أن تساعد في ذلك. في ضوء ذلك، ينصح مختصّون بعشرة قواعد لكتابة مضامين فعّالة للإنترنت، وهي تنطبق بشكل أو آخر على الكتابة الإلكترونية. وأول هذه القواعد هي معرفة القراء، أي نوعية الذين تتوجه لهم المادة التحريرية، وثاني القواعد تلبس الكاتب دور الناشر القادر على تقييم أهمية المادة، مثلا: لو كان الكاتب ناشراً وصاحب صحيفة، هل كان سيدفع مكافأة مقابل هذه المادة؟ وكم؟، ومن القواعد الأساسية للكتابة الإلكترونية الناجحة، كتابة النص القصير والمبسّط، وكتابة مضمون فعّال، ووضع روابط، ومحاولة معرفة أي أساليب وأشكال الكتابة التي يحبّها الناس. وتتناول باقي القواعد كتابة عناوين ناجحة بمقياس الإنترنت، وكذلك كتابة خلاصات بجمل وفقرات محدّدة، وإضافة كلمات مفاتيح، أو تصنيف المضمون في آخر المادة، وأخيراً التحرير بأسلوب جذاب. لكل من هذه النقاط تفصيل أكثر. فيما خصّ الدعوة إلى النص القصير والبسيط، ينصح خبراء بألا تتجاوز القصة الإخبارية على الإنترنت الـ500 كلمة، ومنهم كيفن ديليني، رئيس تحرير موقع “كوارتز” لأخبار المال والأعمال، الذي ينشر محتويات رقمية النشأة، أي غير منقولة من محتويات أساسها مطبوع. وديليني كان سابقا مديراً لتحرير صحيفة “فايننشال تايمز”. وهو يؤكد أن على مؤسسات توزيع الأخبار التخلّي عن القصص الإخبارية، التي تصل لنحو 700 كلمة، والتركيز على النصوص الإخبارية القصيرة “القابلة للتشارك”. أما النصوص الطويلة فيجب أن تكون للتحاليل المعمقة. وقال ديليني، في محاضرة عبر الفيديو أمام “شبكة المحررين الرقميين”، التي انعقدت مؤخرا في المملكة المتحدة: إن على ناشري الأخبار، اعتماد المواد الصحفية ذات الطول المتوسط. وأوضح أن المواد بين 500 و800 كلمة صعبة التشارك، “وقصيرة جداً لتكون عميقة وتحليلية بما يكفي”، مستدلاً برسم بياني، يظهر أن الناس تقرأ المحتوى القصير على الإنترنت، في الوقت الذي تقرأ فيه مواد طويلة ذات طبيعة تحليلية وليس إخبارية. وشدد كذلك على فوائد إنشاء رسوم وجداول بيانية من أجل رواية القصص الإخبارية لأن الويب “وسيلة بصرية”. وفي المناسبة نفسها، وبعد أن شرح مسؤولون من صحيفتي “نيويورك تايمز” و”الفايننشال تايمز” الأميركيتين إيجابيات نموذج الاشتراك على الإنترنت، عرض ديليني منظوراً مختلفاً، شارحاً أن التحدي أمام جميع الناشرين هو خلق محتوى جديد يمكن أن يظهر في تغريدات “تويتر”، قائلا: إن “الجدار المدفوع يجعل العثور على المحتوى أصعب للناس”. المنطلق والمميزات لا شك أن باب الاجتهاد بشأن مهارات الكتابة الصحفية على الإنترنت سيبقى مشرعاً لبعض الوقت ريثما تتبلور الكثير من التجارب، وتظهر أكثر فأكثر عادات وتفضيلات واتجاهات القراءة، لكن كل هذه الاجتهادات لا بد أن تراعي–وتنطلق من- مميزات الصحافة الإلكترونية التي تميزها عن الصحافة الكلاسيكية، ومن أبرزها أن الإنترنت يتيح الجمع بين النص المكتوب والمحتويات المصوّرة والصوت والصورة الثابتة والمتحركة، وهذا ما يجب الاستفادة منه أكثر في الصحافة الإلكترونية العربية. كما يجب أن تتميز الصحافة الإلكترونية بالفورية والسرعة في نشر الأخبار والأحداث، عبر التحديث الفوري للمعلومات وتبعا لتطورات الأحداث. أما الواقع فهو أن قلة من المؤسسات الصحفية الإلكترونية العربية تستفيد من هذه الميزة، هذا عدا ظاهرة النقل المستشرية وذكر المعلومات من دون مصادر وبلا مراعاة لحقوق الملكية الفكرية. ومن المميزات البالغة الأهمية التي لا تزال الصحف والمواقع الإلكترونية العربية مترددة في الاستفادة منها ميزة التفاعل مع القراء والمستخدمين، والتي يمكن أن تصل لحد إشراكهم بالأسئلة عبر التعليقات، هذا إضافة إلى المشاركة في استطلاعات الرأي والنقاش فيما بين المعلقين. وتتميز الصحافة الإلكترونية بأنها يمكن أن تقدم جميع القصص المكتوبة والمسموعة والمرئية، في مشهد واحد. وهي تقدم للقراء، خلافا للصحافة المطبوعة، خيارات قراءة من القصص المتصلة بالموضوع نفسه، وروابط لمواقع أخرى بشأن الموضوع نفسه. إضافة إلى إمكانية تكبير حجم الخط وتصغيره حسب طلب المتصفحين، وبات ممكنا لكل قارئ أن يضبط ويكيّف المحتويات والخدمات التي يريدها من المواقع والمنصات بشكل شخصي. ويجب على العاملين بالصحافة الإلكترونية أن يتذكروا باستمرار أن كل ما يكتبونه قابل للظهور عبر محركات البحث لدى أي مستخدم إنترنت، وهذا وحده يحتم على كل منهم العناية أكثر بما يكتبونه أو ينشرونه على مواقعهم، على الأقل احتراماً لهذا العدد هائل من القراء المحتملين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©