السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«البنتاجون» وغياب التواصل الاجتماعي

24 ابريل 2016 22:09
يتحتم على القيادة العسكرية والحكومة الأميركية عموماً، استغلال القوة الكامنة في وسائط التواصل الاجتماعي. ومن دون الإقدام على هذه الخطوة المهمة، ستواصل الولايات المتحدة تخلفها وراء خصومها ومنافسيها في مجال تحرير وتعميم نشر النصوص الإعلامية المفيدة. وحتى الآن، لا تزال الجهود التي تبذلها القيادة العسكرية في هذا المجال مضحكة وتدعو إلى السخرية، أو أنها غائبة في أغلب الحالات. ويمكن لهذا القصور أن يسمح لمعارضي سياساتنا باستغلال الموقف وفرض أجنداتهم العدائية، وسوف يقتصر دورنا في هذه الحالة على ردّ الفعل وحرماننا من عنصر المبادرة. وتشكل وسائط التواصل الاجتماعي الطريقة المثلى التي يتبعها العالم المعاصر للتواصل بطريقة فورية. ومن منّا يمكنه أن ينسى الباكستاني الذي كان يتواصل مع بن لادن دون انقطاع على موقع «تويتر»؟ لقد ارتفع عدد مستخدمي موقع «فيسبوك» إلى 1.55 مليار شهرياً، وأكثر من مليار منهم يدخلون على الموقع يومياً. وفي عام 2013، تجاوز عدد مستخدمي موقع «جوجل بلاس» المليار، وبلغ عدد المسجّلين في موقع «تويتر» 500 مليون. وأصبح الكثير من الناس حول العالم يستخدمون وسائط التواصل الاجتماعي باعتبارها وسيلتهم المفضلة لمتابعة النشرات الإخبارية. ومن المؤكد أن القيادة العسكرية ليست غافلة عن هذه الظاهرة، بل إن لمعظم الضباط الكبار حضورهم البارز في بعض المواقع الإلكترونية. وتكمن المشكلة في أن هذه المساحات الإعلامية الافتراضية التابعة لعسكريين أميركيين لا تقدم للمتابعين معلومات مفيدة. ولقد أظهرت وزارة الخارجية الأميركية قصوراً كبيراً في التصدي للنصوص الإعلامية التي كان ينشرها تنظيم «داعش» على المواقع الإلكترونية بانتظام خلال عام 2014. وكانت أشرطة الفيديو التي يبثها التنظيم عبر وسائل التواصل توحي بأنه يعرف كيف يجنّدها لصالحه. وظهر بعد ذلك وكأن الحكومة الأميركية فشلت في تقديم نفسها إلى الجمهور بطريقة متميزة عبر تلك الوسائل. وعلينا أن نتساءل الآن عن مدى أهمية طرح الخطاب المضاد لذلك الذي ينشره تنظيم «داعش» على شبكات التواصل. ولماذا لا تسارع القيادة العسكرية إلى نشر وتعميم أخبار الضربات الجوية ضد التنظيم بقدر المستطاع؟ ولماذا تلقى الهجمات التي تنفذها القوات العراقية ضد التنظيم الإهمال الإعلامي فيما يعمد التنظيم إلى نشر أخبار العمليات الإرهابية التي ينفذها على أوسع نطاق؟ يبدو أن القيادة العسكرية لا تنجح إلا في مشاركة هذه الأخبار مع ضباطها، أو مع مجتمعها العسكري على أبعد تقدير. ولا يبدو أن هناك ثمة جهود لنشر هذه الأخبار على عامة الناس، لا داخل الولايات المتحدة ولا خارجها. لقد استوعبت الدول الأخرى أهمية الوسائط الاجتماعية واكتشفت الأخطار الكامنة فيها. وسعت روسيا إلى قصر تداول مواقع التواصل الاجتماعي ضمن حدودها، وابتدعت موقعاً أطلقت عليه اسم «القوة المعلوماتية الساحقة»، لترويج خطابها السياسي المتعلق بالصراع في أوكرانيا داخل روسيا وفي العالم أجمع. وتتخوف الحكومة الصينية من قوة التأثير السياسي لوسائط التواصل الاجتماعي للدرجة التي دفعتها إلى حجب الكثير من المواقع العالمية وسمحت باستخدام المواقع الاجتماعية التي يتم تطويرها في الصين ذاتها. وإذا تمكن أعداؤنا من استغلال مواقع التواصل الاجتماعي بشكل جيد، فلماذا لا نستفيد منها بدورنا؟ ومن دون الاستخدام الفعال لهذه الأدوات الفعالة في عصر المعلومات، فسوف نتنازل عن طرح خطابنا السياسي ونترك الأمر للإرهابيين وقادة الدول المنافسة ليعيثوا فساداً، فيما نكون قد حرمنا عامة الأميركيين من الاطلاع عليها. ونحن نشهد الآن التزايد المتسارع في أعداد الهواتف المحمولة والكمبيوترات اللوحية والشخصية حتى فاق عددها عدد سكان الأرض، ويمكن لأي إنسان تعامل مع الأفغان أو العراقيين أن يلاحظ أنهم يمتلكون جميعاً الهواتف المحمولة الذكية التي يتبادلون عن طريقها المعلومات. وقد أصبحت وسائط التواصل الاجتماعي أهم وسيلة للتعرف على آخر الأخبار في المناطق التي تدور فيها الصراعات، وينطوي التغافل عن هذه الحقيقة على خطر خسارة المعركة الإعلامية حتى قبل أن ندخلها ونشترك فيها. ولم يعد بإمكان القيادة العسكرية أن تتغافل بعد الآن عن أهمية استخدام وسائط التواصل الاجتماعي بأفضل الطرق، ويتحتم عليها أن تبذل الجهود المخلصة في هذا الاتجاه لو أرادت بالفعل أن تعمل وفقاً لما يمليه عليها العصر الرقمي الذي نعيشه الآن. *مستشار أميركي في الشؤون العسكرية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©