الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفن والمال في «آرت دبي 2010»

الفن والمال في «آرت دبي 2010»
24 مارس 2010 21:15
ليس مجرد معرض، وليس معرضا واحدا بالأحرى، بل هو أكثر من سبعين معرضا في هذا المعرض الضخم المسمى “آرت دبي 2010”، فأكثر من سبعين جناحا وصالة عرض شاركت في هذا الحدث الضخم. ولو أراد المتابع التوقف في كل صالة ربع ساعة فقط لاحتاج يوما كاملا للتعرف على المعروضات تعرفا عابرا وسريعا، أما التوقف والتدقيق في الأعمال المعروضة فيتطلب أضعاف هذا الوقت بالتأكيد. المعرض الذي تحضر فيه أعمال ما يقارب خمسمائة فنان إماراتي وعربي وعالمي، ويضم أكثر من 1500 عمل فني، بات في سنته الرابعة واحدا من أهم المعارض على مستوى المنطقة والعالم أيضا، وصار نافذة لفناني المنطقة على السوق العالمية للفن، اذ تجتذب هذه التظاهرة الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط مئات العارضين ومحبي الفنون من جميع أنحاء العالم. قد كان جون مارتن مؤسس المعرض ومديره العام توقع أن يزور المعرض اكثر من 14 ألف شخص، بينهم مئات من مقتني الأعمال الفنية الذين يجوبون معارض العالم بحثاً عن أعمال يغنون بها مجموعاتهم. وربما فاق عدد الزوار هذا العدد بحسب مشاهدتنا في يوم واحد من أيامه، رغم أن الدخول إلى المعرض ليس مجاناً، إنما برسم قدره 50 درهماً إماراتياً. الحضور الأجنبي طاغ في كثير من الجوانب، بدءا من الوجوه التي ترتاد المعرض، مرورا بأسماء صالات العرض، وانتهاء بأسماء الفنانين الذين تشارك أعمالهم ولا يحضر سوى القليل منهم في أجنحة المعرض، وذلك نتيجة طبيعية لكون إدارة المعرض تتمثل في كثير من أعضائها بالمدراء والمديرات ذوي الجنسيات غير العربية، وربما لا يستطيع المتابع مقابلة شخص عربي واحد من ذوي العلاقة بالتنظيم والتجهيز، باستثناء موظفي العلاقات العامة. الفن والمال معا التظاهرة بالطبع ليست فنية بحتا، فهي بالتأكيد تنطوي على الجانب التجاري المالي، وهو جانب يبرز في اختيار كل صالة عرض أهم وأضخم وأفخم ما لديها من مقتنيات وأعمال تعود إلى أبرز مشاهير الفن في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا التي يتركز الاهتمام عليها بصورة خاصة. كما أن الضخامة والفخامة تبدأ من الصالة الكبرى التي تحتضن الصالات الصغيرة، فهي على قدر من الفخامة يبلغ حدود البذخ، ما يجعل منها عملا فنيا مترفا ومستقلا. فعلى مستوى أرقام المبيعات باعت صالة “غروفنر فادهيرا” عملاً هاماً للفنان الباكستاني صادقيان مقابل 200 ألف دولار، في حين باعت صالة “هيلدبراند” التي تتخذ من زيوريخ في سويسرا مقراً لها عملاً فنياً للفنان ران هوانغ مقابل 55 ألف دولار أمريكي. كما قامت صالة “آران” التي تشارك للمرة الأولى ضمن فعاليات المعرض ببيع ستة أعمال فنية لعدد من الفنان الإيرانيين المعاصرين بإجمالي بلغ 24 ألف دولار أمريكي. ومن مظاهر الجانب التجاري هذا معرض للمجوهرات، على الهامش أيضاً أقامته دار فان كليف أند أربلز بعنوان “شاعرية الوقت”، يحوي ساعات ومجوهرات، ويحتفي بمرور قرابة قرن من الزمن على افتتاح الدار في باريس، وتجمع أعماله العراقة والحداثة معا، علماً بأن العديد من الفنانين المبدعين كان لهم الفضل في تصميم الساعات والمجوهرات، ما جعل شعريتها لا تقل أبداً عن شعرية الأعمال التشكيلية. ومن مظاهره أيضا أن إيجار المتر المربع الواحد هذه السنة 600 دولار أميركي، تضاف إليها مصاريف نقل الأعمال والسفر والإقامة والتأمين... وقد يوفق البعض ببيع أعمال ثمينة فيعوض خسارته، وقد لا يحدث ذلك فيكون قد اشترى انفتاحه على الشهرة والعلاقات الفنية الدولية بماء الذهب. الجائزة الأكبر عالميا وبات معروفا أن المعرض يقيمه “آرت دبي” الذي يتبع لمركز دبي المالي العالمي، عبر شراكة مع “أبراج كابيتال” وبنك HSBC. وتسهم في رعايته “فان كليف آند أربلز” العالمية ومدينة جميرا. وقد نتج عن الشركاء والرعاة معرضان على الهامش، الأول معرض يضم ثلاثة أعمال فازت بـ”جائزة أبراج كابيتال للفنون”، وهي جائزة فنية سخية تبلغ قيمتها مليون دولار أميركي، توزع سنوياً على ثلاثة فنانين يتم اختيارهم من منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وجنوب آسيا. وقد أطلقت الجائزة العام 2008 ووزعت حتى الآن على دفعتين من الفائزين العام الماضي والعام الحالي. وخصوصية هذه الجائزة أنها تعطى لمشاريع او مقترحات فنية وليس لأعمال جاهزة، حيث ينفذ كل مقترَح بالتعاون بين الفنان والقيّم على العمل الذي يكون خبيراً في الفنون التشكيلية، يقدمان المقترح معاً ويعملان سوياً لتنفيذ العمل، وتتوزع الجائزة بينهما، لكنهما في أي حال يدفعان كلفة تنفيذ عملهما خلال ستة شهور، فلا يبقى الا القليل. والأعمال الثلاثة التي تم تنفيذها هذا العام هي “غرفة الخرافات والأساطير الجدارية” للفنانة المصرية هالة القوصي مع مديرها الفني ييل باوهويس (هولندا)، و”تاريخ أسطورة: قبة الصخرة الصغيرة” للجزائري قادر عطية مع مديرته الفنية لوري آن فاريل (الولايات المتحدة)، إضافة إلى “عيد الملعونين” للبناني مروان سحمراني مع مديرته الفنية ماهيتا الباشا أورييتا (لبنان، إسبانيا). إذن نستطيع أن نرى كيف تتجاور في المعرض صالات العرض التي تعرض أعمال الهندي مقبول فدى حسين مع الفنان الإيراني فرهد مشيري والسعودية جوهرة آل سعود. تجارب عربية وعالمية في أروقة المعرض أعمال لفنانين من دولة الإمارات والخليج العربي والصين والهند والولايات المتحدة وحتى من السعودية وإيران ولبنان وسوريا وغيرها من بلدان المنطقة، ولكن الذي يلفت الانتباه بالنسبة إلى المتابع العربي لهذه التظاهرة هو أعمال لكبار الفنانين والمؤسسين للحركات الفنية في العالم العربي، أعمال يصعب أن نراها في معرض واحد، ومع كثرة هذه الأعمال نرى أن لا بد من ذكر أبرز أصحابها: لؤي كيالي ونصير شورى وفاتح المدرس ويوسف عبدلكي من سوريا، بول غيراغوسيان وأمين الباشا وعارف الريس من لبنان، جاذبية سري وعادل سيوي من مصر، السوداني محمد عمر خليل، والعراقي فيصل لعيبي، نجاة مكي وعبد القادر الريس من الإمارات، على سبيل المثال لا الحصر. كما أنه لا بد من التوقف أمام تجارب مثل تجربة الفنان الهندي مقبول فدا حسين (مواليد 1915) الملقب بـ”بيكاسو الهند” أو الباكستانية نيزا خان، أو التركي نظيف توبكوغلو، والروسيين فلاديمير كوبريانوف وليونيد تشيكوف، أو البريطانية كيت إيريك... الخ. أسماء وتجارب كبيرة ومتنوعة تضمنها المعرض، فمن اللوحة المعلقة على الجدار، إلى المنحوتات بموادها المختلفة، وصولا إلى الأعمال التركيبية وأعمال الفيديو آرت، تتعدد المدارس والاتجاهات والتجارب، حتى لكأن فنون العالم اجتمعت في هذا المعرض، فهو يلخص كل ما توصل إليه الفن والفنانون في العالم، ما يجعله سوقا كبيرة مفتوحة لمقتني الأعمال الفنية الذين يأتون من أرجاء العالم لاختيار مقتنياتهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©