الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«نيولوك» للبائع المتجول «الليلام»

«نيولوك» للبائع المتجول «الليلام»
11 مايو 2009 01:32
منذ أيام قليلة نفذت بلدية العين حملة تهدف إلى التصدي للباعة المتجولين بالمنطقة الصناعية في العين، وبالرغم من أنني أؤيد البلدية فيما قامت به لدرء المخاطر المحتملة من وجود هذه الظاهرة إلا أنني لا أؤيد القضاء نهائياً على هذه «الظاهرة»! لقد اعتدنا منذ صغرنا على مشاهدة الباعة المتجولين في مناطقنا وبين بيوتنا لسنوات عدة، ومع أن هذه الظاهرة قد تكون نادرة في المدن، إلا أنها كانت وما تزال في بعض المناطق النائية مصدراً أساسياً لبضائع وسلع غير متوفرة فيها! إن مشاهدة هؤلاء الباعة وهم يتنقلون بين المنازل في المناطق السكنية كان بالنسبة لنا وللأجيال السابقة مشهد مميز في ذكريات طفولتنا وشبابنا، وسمة مميزة من سمات المناطق البعيدة، بل ويعتبرها البعض مصدراً مهماً ولا غنى عنه في ظل ظروف البعد المكاني لهذه المناطق عن أقرب المدن والمحال التجارية والمتاجر المتخصصة. كما أن التعامل مع هؤلاء الباعة لا يقتصر فقط على ساكني المناطق النائية وإنما على ساكني المدن أيضاً وضواحيها يعتمدون عليها في تقريب المسافات ووصول بعض السلع والمستلزمات لأبواب منازلهم. نعم، إنني اتفق وبشكل كلي مع كافة الجهات الرسمية التي ترى في بعض هؤلاء الباعة مخاطر اجتماعية وأمنية وأيضاً اقتصادية ولكن، وبعيداً عن ذلك، تعتبر هذه الظاهرة وهذا الأسلوب في البيع جزءاً مهماً ارتبط بتراث وملامح مناطقنا وبيئتنا المحلية، والحل لا يكمن في القضاء عليها وإنما في إعادة صياغتها بحيث تتماشى مع متطلبات العصر الحديث وقيوده الاقتصادية والأمنية دون أن نتجاهل العادات والموروثات التي شكلت جزءاً مهماً من هوية مناطقنا وخصوصيتها! منح هذه الفئة صفة الشرعية وتقييدها بقيود ولوائح تتماشى مع المتطلبات الحالية سيساهم وبشكل كبير في الحفاظ على صور من تراثنا نتمنى بقاءها. فمن منا لم ير الباعة المتخصصين في عمل «البراقع» كمندوبين متجولين لمحال ودكاكين قد تبعد عنا مئات الكيلو مترات. يبيعون ملابس، أحذية، أقمشة، إكسسوارات وحتــــــــى الجرائـــــد والمأكــــــولات والديكورات والسجاد أمور كانت لا تتوفر إلا بوجود هؤلاء الباعة. فلماذا لا نطور هذه المهنة ونخضعها للمعايير والقوانين المعمول بها حتى نضمن استمرارها بشكل إيجابي وآمن، إلى جانب أن هذا الأسلوب يعتبر مصدر جذب سياحي في الكثير من الدول وميزة تكسب المناطق النائية فائدة اقتصادية وتحافظ على صور تقليدية بدأنا نفتقدها في مجالات كثيرة في حياتنا. أين ذهبت سيارة «خيرة الله» وأين ذهب «الليلام (بائع الأقمشة المتجول)» وأين هو بائع الجرائد الذي كنا ننتظره في صباح كل أربعاء لنختطف منه مجلة «ماجد»! لماذا لا تستغل هذه المهنة بحيث تصبح مصدر دخل لذوي الدخل المحدود والعاطلين عن العمل ومصدر جذب سياحي ويتم تطويرها بحث تكون أكثر أماناً واحترافية! هويتنا المحلية ليست فقط في المباني والملابس ولكنها أيضاً في أسلوب حياتنا اليومية وفي تلك اللحظات التي تذكرنا بأننا هنا عشنا وبإذن الله سيحيى أبناؤنا. ضبابة سعيد الرميثي - العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©