الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علي بن حسن: أنشأت مباني «جزيرة السمالية» وغرقت في حبها

علي بن حسن: أنشأت مباني «جزيرة السمالية» وغرقت في حبها
10 مايو 2009 00:56
قبل سبعين عاماً تلقى في طفولته بعض علوم بسيطة لدى «المطوع» تخللها حفظ القرآن الكريم، ثم حين صار أكبر سناً درس في مدرسة «الأحمدية»، كما سعى إلى تنمية مواهبه وقدراته في مجال المهن اليدوية، فقد توفرت لديه خلفية عن البناء العمراني وإنشاء الخيام «بيت الشعر» وبيوت سعف النخل «العريش»، وكذلك نجارة الخشب وتصميم وإنجاز السفن، وكل ما يتصل بالبيئة البحرية. اليوم يواصل علي بن حسن مهامه كمستشار تراثي في «نادي تراث الإمارات» إذ يسعى إلى المحافظة على تراث الأجداد، واستلهام الصمود والشجاعة من وقائع حياتهم، ليعكس كل ذلك في وجدان وأفئدة أبناء الوطن الذين يشاركون في ملتقيات النادي الصيفية والشتوية في جزيرة «السمالية» التي قام بإنشاء مبانيها ومنشآتها. بداية المشوار يفخر ابن حسن الذي يتجاوز عمره 80 عاماً، بأنه يعتبر أول «مهندس» قام بإنشاء وتشييد أبنية جزيرة «السمالية» دون أن يكون حاملاً لشهادة جامعية، فقد سخر خبرة 65 عاماً في بناء البيوت المصنوعة من الحجر والطين والجص، وكذلك بيوت «العريش» المصنوعة من سعف النخل، فهو ابن البيئة البحرية الذي قضى عمره يمارس معظم مهنها. لكن ثمة مهمة قام بها قادت إلى توليه الإشراف على إنشاء المباني والبيوت ومستلزماتها في «السمالية». يقول: «مارست العديد من المهن التقليدية لسنوات طويلة إلى حين إعلان الاتحاد وقيام الدولة• وفي مطلع السبعينيات تمت دعوتي من قبل الدائرة الخاصة للشيخ زايد -رحمه الله- لأقوم بتصميم وبناء السفن وأشرف على تنفيذ تصنيعها• فقد كنت آنذاك أعمل إلى جانب البناء في صناعة السفن، وأشرفت على بناء وصناعة عدة سفن أهمها سفينة «زعبيل». وبعد أن يعدل جلسته يضيف: «استمر عملي المهني والاستشاري لسنوات عديدة في مجال المهن التقليدية في الدائرة الخاصة، ثم بعد إشهار «نادي تراث الإمارات» دخلت مجال التراث من بابه الواسع، حيث كلفني رئيسه سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، بإنشاء مباني جزيرة «السمالية» التي كانت مطلع التسعينيات خاوية تقريباً ليس فيها سوى مجموعة سفن قديمة متهالكة، وبعض الصيادين الذين يعملون على تجفيف الأسماك• فقمت بحسب توجيهات سموه الكريمة بإنشاء مباني ومنشآت الجزيرة بدءاً من مرحلة الصفر إلى أن اكتملت منشآتها وأقسامها بما فيها البيت». بيت النوخذة ثمة حكاية للبيت الذي يشير إليه بن حسن، إذ لم يُغفَل الجانب التراثي من الخدمات التي وفرتها الجزيرة، حيث يوجد مبنى يمثل شكل البيت القديم في الدولة وهندسته وتقسيماته التي تندرج تحت أساس القيم والعادات المحلية، مزود بكل مرافقه من حظيرة وبئر ماء «طوي» و»برجيل» يعمل على جلب الهواء النقي.. لكن ابن حسن يشير إلى حكاية البيت بقوله: «عملت على تكريس البيئة العمرانية الإماراتية على أرض الجزيرة من خلال مجموعة منشآت وأبنية، كالبيت الذي حمل اسم «النوخذة علي بن حسن الرميثي» وتم تجسيد معالم البيت القديم وجميع مرفقاته ومستلزماته وأدواته. إضافة إلى بيت «العريش» كنموذج ينقل الصورة بشكل واقعي للمباني التي تعتمد في بنائها على خامات بيئتنا كجريد النخيل والحبال والأخشاب فضلاً عن الطين والجص». خلال إنشاء مباني الجزيرة لم يغفل بن حسن الجانب الديني كأساس لبناء الإنسان، يقول في هذا الإطار: «تم إنشاء مسجد تحفة الحدائق والأزهار من جهاته، ويأخذ تصميما مشابها لتصميم مسجد «البدية» التاريخي، إذ روعي في بنائه شكل القباب التي كانت سائدة في المساجد القديمة، ويضم إلى أحضانه طلاب الملتقيات خلال صلاة الظهر ودروس الإرشاد والنصح، فالقرى والأحياء قديماً كانت تضم المساجد إلى جانب بيوتها، لذا لم نغفل دورها وأهمية وجودها». ويستكمل بن حسن تعريفه لباقي منشآت الجزيرة، يقول: «يتم التعرف في الجزيرة إلى البيئة الزراعية التي تكثر فيها أشجار (النخيل والقرم والنبق) وبعض النباتات البرية بمختلف أنواعها، إلى جانب المحميات الطبيعية، فيجد الزوار وطلاب الملتقيات؛ المزرعة التي تضم بعض أنواع من الطيور النادرة كطيور «الآيمو» و»النعام» المستوردة من موطنها الأصلي أستراليا، والتي عملنا على تهيئتها للعيش والتكيف في بيئتنا المحلية. فيما نجد بعد المحمية الطبيعية أحواض ومزارع الأسماك التي تحوي أشهر أسماك المنطقة مثل (الهامور، والشعم، والكنعد، والدويلمي، والزبيدي، والبياح، والنيسر، والحاسوم) وغيرها من الأنواع الشهيرة». أول مدير يبتسم ابن حسن كمن يستعيد ذكرى قديمة محببة إليه، ويقول: «بعد عمل دؤوب استمر لشهور طويلة، صارت مرافق الجزيرة جاهزة للاستخدام، وتم تعييني أول مدير عام لها عام 1995 واستمررت مديراً لها نحو عشرة أعوام، قدمنا خلال ذلك عدة أنشطة على أرضها. بينما أنا الآن مستشار تراثي في «نادي تراث الإمارات» أضع خبراتي وتجاربي المهنية والحياتية بتصرف رئيس النادي سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، وألبي من خلال لقاءاتي مع مدير النادي سعادة علي عبدالله الرميثي كافة متطلبات الملتقيات الطلابية التي تقام في جزيرة «السمالية» صيفاً وشتاء، كما يلبي مثلي مجموعة من خيرة المستشارين متطلبات برامج تثقيف وتوعية الطلاب بتراث الأجداد، تنفيذاً للتوجيهات الحكيمة بضرورة إحياء التراث». أهداف الإنشاء استهدف إنشاء جزيرة «السمالية» تعزيز روح الانتماء الوطني داخل نفوس أبناء الوطن، من خلال التذكير بتراث وماضي الأجداد عبر زيارة المعالم ذات الطابع التراثي والمحلي والتعرف على البيئتين البحرية والبرية وكل ما يتصل بهما من وقائع حياة يومية تخص الصغار أيضاً. في ذلك يقول ابن حسن: «يتم تنظيم جلسات للطلاب المشاركين بالملتقيات معنا نحن كبار السن ممن عايشنا السنوات الماضية من تاريخ البلاد، لتعريفهم نظرياً وعملياً بالأنشطة التراثية مثل (الألعاب الشعبية والفروسية والهجن والصقور والرماية وسباقات القوارب الشراعية التراثية والغربية) إلى جانب توفر منشآت عصرية في الجزيرة مثل: صالة ألعاب البلياردو والشطرنج فضلاً عن قسم الطيران اللاسلكي، وغير ذلك من الألعاب المعاصرة التي تستقطب اهتمام الشباب». يعاود ابن حسن الابتسام، وحين يسترسل يُفهم سبب ابتسامته، يقول: «راعت المباني أنشطتكن وفعالياتكن أنتن «البنات» فحظيت الفتيات بذات التقدير والاهتمام، حيث هناك قسم في الجزيرة للأنشطة التي تناسبهن من دروس تعليم العادات والتقاليد التي كانت تزاولها النساء بالإمارات، إضافة إلى الأشغال اليدوية كتعلم صناعة (التلي والسدو والخوص وفن نقوش الحناء) وكذلك التدبير المنزلي بأنواعه، ومجموعة دورات حديثة في الكمبيوتر والرسم وفن المخاطبة، وغير ذلك».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©