الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أحسن القصص» تصحيح للعقيدة وإثبات لصدق الرسول الكريم

«أحسن القصص» تصحيح للعقيدة وإثبات لصدق الرسول الكريم
17 فبراير 2011 20:20
من أسماء القرآن التي وردت في الكتاب الكريم «القصص الحق» كما في قوله تعالى «إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وأن الله لهو العزيز الحكيم» -آل عمران الآية 72 وايضا «أحسن القصص» كما في قوله سبحانه: «نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين»‏ -سورة يوسف الآية 3 وفي القرآن سورة كاملة باسم القصص، وأمر الله سبحانه وتعالى رسوله صلّى الله عليه وسلم أن يقص على الناس ما أوحي إليه: «فاقصص القَصَص لعلهم يتفكرون» -الأعراف الآية 176. يشير العلماء الى أن القرآن هو القصص الذي ينطق بالحق وتتبع الأثر، وكشف المستقبل وأوضح المستتر والمخفي، وورد في تفسير «المنتخب» أن هذا القرآن هو القصص الحق الذي لا مرية فيه حفظه الله في الصدور والسطور واشتمل على أحسن القصص ويؤكد أنها من أنباء الغيب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها ولا يعلم حقائقها ودقائقها قبل أن ينزل الوحي . قصص الرسل وذكر القرآن قصص الرسل ومواقف أقوامهم منهم وأكد أن في قصصهم عبراً لأصحاب العقول وأن القرآن تحدث بهذه القصص بالصدق ومفهوم القصة في القرآن الكريم قد تتفاوت فيه وجهات النظر، نظرًا لما فيها من خصائص تميزها عن غيرها، من صدقٍ في الوقائع التاريخية، وجاذبيةٍ في العرض والبيان، وشموليةٍ في الموضوع، وعلوٍ في الهدف، وتنوعٍ في المقصد والغرض، ووضوحٍ في الإعجاز. لقد جاء القرآن الكريم داعيًا إلى الهداية والرشاد، بأساليب شتى فتارةً بالوعد والوعيد، وتارة بالإقناع العقلي، وتارة ثالثة بمخاطبة الضمير والوجدان، ورابعةً بتوجيه الفطرة إلى حقيقتها، وخامسة بالإعجاز بشتى ألوانه، وأحياناً كثيرة بأسلوب القصص، الذي هو أقرب الوسائل التربوية إلى فطرة الإنسان، وأكثر العوامل النفسية تأثيرًا فيه. والقصة في القرآن تهب لنا من المعرفة ما لا يقدر على هبته أي نوع أدبي سواها وتبسط أمامنا الحياة في سعة وامتداد وعمق وتنوع حيث إن القرآن الكريم اهتم بالقصة اهتماماً كبيراً وظهرت المعجزة بالتحدث عن الغيب وعن أخبار الأمم السابقة التي بادت وزالت. والقصة في القرآن واقعية لأن الله تعالى أخبرنا فيها ما حصل من أحداث جرت مع الأنبياء والرسل وغيرهم من الأمم السابقة مثل قصة آدم ويوسف وأهل الكهف وصالح وغيرها كما أنها افضل القصص على الإطلاق وأقواها من حيث البداية والنهاية والحدث والعقدة والحبكة والحل، فالقصة لا سيّما إن كانت بأسلوب شيق، وبيان رائق، لها من التأثير والجاذبية مالا تبلغه أي وسيلة أخرى من الوسائل الدعوية أو التعليمية أو التربوية، فكيف إذا كانت بأسلوب رباني معجز، له من الواقعية والصدق ودقة التصوير، ومِن السِمَاتِ ما ليس لغيره. القدوة والأسوة والقصة مَعلم بارز من مَعالم القرآن الكريم توضح الحقائق وتزيل الشبهات:» إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون»- سورة النمل الآية 76- وحياة الأنبياء هي محور القصص ، وهم موضع القدوة والأسوة :«أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده» -سورة الأنعام الآية 90 -. ويتميز القَصَص القرآنيّ عن غيره من سائر القصص بخصائص يعلو بها جلاله وقداسته، ويزداد بها بلاغة وإعجازًا، ويعظم بها أهمية وتأثيرًا، فاستحق أن يسمى أحسن القصص. ومن هذه المميزات التكرار الهادف المعجز والواقعية من أخبار الأولين وهي حقائق تاريخية صادقة لا يصادمها عقل، ولا يخالفها نقل، وسواءٌ في تلك المصداقية ما كان من أخبار الأنبياء مع أقوامهم، وما كان من قبيل المعجزات وخوارق العادات، كانفلاق البحر وكلام الهدهد والنملة، وليس فيها أي نوع من التناقض أو الاختراع، ولا أي شكل من أشكال الخيال أو التصوير المجرد عن الحقيقة، ولا أي صورة من صور الرمز أو الإشارة. وكذلك الشمولية المطلقة في حض النفوس المخاطبة ومعرفة طِباعها ووجهاتها ومكامن شعورها وفي تنويع الأساليب والوسائل الملائمة لكل جنس وطبقة ولون ومن حيث الزمن، فالقصة تتحدث عن الماضي والحاضر والمستقبل وتشمل العقائد والعبادات والأخلاق والآداب الاجتماعية والاقتصادية وغيرها. تصحيح العقائد والأخلاق والغاية الأولى من قصص القرآن هي تأملها وأخذ العبرة منها وتصحيح العقائد والأخلاق، حتى ينصلح الفرد والمجتمع، وليست الغاية قاصرةً على إمتاع النفوس بسماع قصص مسليِّة أو بطولات خيالية، أو إظهارَ براعة أدبية مجردة عن هدف الإصلاح كما هو الحال في عامة الفن القصصي وليست الغاية أيضا سردًا تاريخيًا جافا، كما هي مهمة المؤرخين، فالقرآن الكريم بكل ما فيه من قصص وغيرها هو كتاب هداية وعبرة بالدرجة الأولى، قال تعالى: « لقد كان في قصصهم عبرةٌ لأولي الألباب، ما كان حديثا يفترىَ، ولكن تصديقَ الذي بين يديه وتفصيلَ كل شيء، وهدًى ورحمة لقوم يؤمنون» - سورة يوسف الآية 111-. أخبار الأمم السابقة يهدف القصص القرآني الى تثبيت قلب النبي صلّى الله عليه وسلم، قال تعالى: «وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك» -هود الآية 120- ففي أخبار المرسلين وتكذيب أقوامهم تسلية وتصبير لقلب النبي صلّى الله عليه وسلم وللمؤمنين والدعاة من بعده على ما يلقاه من أذى المشركين وتكذيبهم. وإثبات صدق النبي صلّى الله عليه وسلم في رسالته حيث ينبئ بأخبار الأمم السابقة والقرون السحيقة مما لا يعلمه أحد من كتاب العرب فضلا عن أميٍّ مثله والاعتبار والاتعاظ من خلال النظر في سنة الله النافذة في الكون وتصحيح العقائد الفاسدة وتثبيت العقائد الصحيحة وتقويم الخلق والسلوك الفردي والجماعي، وتحقيق خلافة الإنسان في الأرض. وثمة أهداف أخرى كثيرة لمن تأملها من أولي الألباب، مثل التوكل على الله، لاسيما بالنسبة للدعاة والمصلحين، وانتهاج الأسوة الحسنة في الأنبياء، والتجمل بمكارم الأخلاق، وتعلم آداب الحوار، والجدال بالحسنى، وأساليب الدعوة إلى الله تعالى.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©