السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا... وحدود التعاون مع الفلبين

23 فبراير 2014 00:13
عندما ضرب إعصار «هايان» المدمر الفلبين في نوفمبر الماضي كان الجيش الأميركي من أوائل المستجيبين للكارثة. وفي غضون أسابيع وأيام كان نحو ألف جندي و50 سفينة وطائرة من القوات الأميركية قد وصلت إلى الفلبين ومعها عشرات الملايين من الدولارات كمساعدات لأكثر المناطق تضرراً. ولم تكن جهود الإغاثة السريعة والجوهرية بمفردها بل صاحبها مساع سياسية. واستغل المسؤولون من الجانبين الكارثة لتبرير حضور / وجود عسكري أميركي أكبر في الفلبين. فبعد وقوع «هايان» بأسبوعين ذكر وزير الخارجية الفلبيني «ألبرت ديل روساريو» أن الكارثة «أظهرت» الحاجة إلى القوات الأميركية في الفلبين. وبعد ذلك بفترة قصيرة جادل السفير الأميركي في الفلبين بأن «هايان» أبرز أولويته الأولى وهي تعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين. لكن الحجة أثارت غضب بعض المشرعين الفلبينيين. ووصفت جماعة سياسية يسارية ما حدث بأنه «انتهاز فرصة الكارثة في أنصع صورة». للقوات الأميركية بالفعل أثر صغير، لكن بارز في الفلبين. فقد انفقت قوات أميركية خاصة السنوات الاثنتي عشرة الماضية في الجزء الجنوبي من البلاد لمساعدة القوات الفلبينية في تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب ضد جماعة أبو سياف والجماعة الإسلامية الإرهابيتين اللتين لهما صلة بتنظيم «القاعدة». وتشارك القوات الأميركية في المناورات العسكرية من حين إلى آخر مع الجيش الفلبيني. ومنذ أن أعلن أوباما ما يطلق عليه «محور آسيا» فالولايات المتحدة تسعى إلى إمكانية وصول أكبر إلى القواعد العسكرية الفلبينية وبناء منشآت خاصة بها، وهي قضية سياسية مثيرة للشقاق أدت إلى انهيار المفاوضات في أكتوبر الماضي. والفلبين بحاجة إلى حليف في نزاعاتها التي تتفاقم باستمرار مع الصين، كما أن العلاقات السياسية والعسكرية التي تمتد لنحو قرن مع الولايات المتحدة تجعل البلاد عنصراً محورياً في خطط أوباما لإعادة التوازن العسكري في آسيا. وقالت «إيريني بوورز» من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «فشل الاتفاق قد يعيد التحالف إلى العصور الحجرية». لكن خمس جولات من المحادثات لم تحقق إلا القليل من التقدم على هذه الجبهة. والآن، في الوقت الذي يجتمع فيه المفاوضون في جولة سادسة، قد تكون الأخيرة، تحتل الاستجابة الأميركية لكارثة «هايان» مكاناً مميزاً. ويرى «ريناتو دي كاسترو» من جامعة «دو لا سال» في مانيلا أن «عملية الإغاثة الكبيرة التي تمت بعد هايان قدمت للفرع التنفيذي في الفلبين مسوغاً منطقياً أساسياً بالفعل للتواجد العسكري الأميركي- وهو أن القوات المسلحة الفلبينية ليس لديها القدرة ببساطة على التصدي للكوارث». والضغوط تتزايد من أجل التوصل إلى اتفاق قبل رحلة أوباما في أبريل المقبل. لكن القضية مازالت حساسة. فقد أطاح البرلمان الفلبيني بالقوات الأميركية من البلاد عام 1991 بسبب قضايا تتعلق بالسيادة الوطنية وانتشار مفهوم أن القوات الأميركية فوق القانون لدى جمهور الشعب بعد ظهور مزاعم بالاغتصاب وانتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبها أميركيون. ويحظر القانون الفلبيني حالياً على أي جيش أجنبي أن يكون له قواعد على الجزر رغم أن البلدين مازالا يحتفظان بعلاقات عسكرية قوية ووضعا اتفاقات جديدة تسمح لهما بالعمل سويا على أراضي الفلبين دون انتهاك القانون. وهذا يعني أحياناً المشاركة في المنشآت العسكرية مع الحرص على التأكيد أن القوات المسلحة الفلبينية تحتفظ بكامل السيطرة على قواعدها. ويجري الجدل بأن تعزيز الوجود العسكري الأميركي سيفيد الجانبين بتوفير موارد إنسانية جوهرية في المكان المطلوب فيه مع حضور / وجود القوات العسكرية الأميركية في حال وقوع استفزاز صيني في بحر الصين الجنوبي. وفي نوفمبر الماضي قالت سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأميركي: «كما نشاهد حالياً في الفلبين اليوم فإن تواجدنا العسكري في المنطقة حيوي ليس فقط لردع التهديدات والدفاع عن الحلفاء، لكن أيضاً لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة والاستجابة التي بلا نظير على الكوارث». والأهم من هذا هو قرار نقل القدرات العسكرية الأميركية إلى الفلبين وإلى المنطقة بصفة عامة وهو يتسق مع سياسة إدارة أوباما الخاصة بمحور آسيا التي كثيراً ما يتم الإشادة بها. والمحادثات السابقة تعثرت بسبب نقطتين أساسيتين. فبينما وافقت الفلبين على السماح للجيش الأميركي بأن يستخدم منشآت ويبني أخرى في القواعد الفلبينية، فإنها تصر على التمتع بحق الدخول الكامل لهذه المنشآت، وهو أمر ترفضه الولايات المتحدة. وبينما تريد الولايات المتحدة اتفاقاً أطول أمداً يتجاوز فترة الولاية الأخيرة للرئيس «بينينو أكينو»، لكن الإجراء يتطلب موافقة البرلمان الفلبيني وفي هذا تحد سياسي. لكن المناورات العسكرية المكثفة في المنطقة ومخاوف الفلبين من مواجهة مباشرة مع الصين قد تجعل نتيجة المحادثات معلومة سلفا. فالصين، كي تؤكد نفوذها في المنطقة، أقامت فوق بحر الصين الشرقي في ديسمبر منطقة دفاع جوي يتطلب أن تخطر الطائرات التي تريد التحليق فوق المنطقة السلطات الصينية سلفاً. بالإضافة إلى هذا فإن الفلبين والصين يحتدم بينهما نزاع على موارد طبيعية وسلسلة من الجزر في بحر الصين الجنوبي. ودأبت الصين على محاولة طرد سفن الصيد الفلبينية من المياه المتنازع عليها. تحتاج الفلبين إلى وقوف الولايات المتحدة إلى جانبها في مقابل مواجهتها مع الصين. وترى «بوورز» من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «الصينيون سيرون ضعفاً في هذا وسيعتبرون الفشل في التوصل إلى اتفاق علامة حقيقية على أن إعادة التوازن أو محور آسيا لم يترسخ». ووعد أوباما من جانبه أن يدعم الفلبين في نزاعها بشأن أراضي مع الصين، وإنْ كان بشكل غير مباشر ووضح أن البلاد محورية في سياسة الإدارة الخاصة بمحور آسيا، بل يتوقع في المستقبل القريب أن ترسو سفن حربية أميركية في قاعدة بحرية فلبينية تطل على المياه المتنازع عليها. ‎كاترين ترايويك محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©